
رلى إبراهيم – الأخبار
تسارعت التطوّرات القضائية الأوروبية في الأيام الأخيرة ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعائلته، بالتوازي مع ارتفاع الضغوط الفرنسية على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات للتجاوب مع طلبات التعاون، وترك التحقيق اللبناني يأخذ مجراه. هذه الإجراءات دفعت ميقاتي الى عقد لقاءات مع مرشحين مفترضين لخلافة سلامة، في وقت تتحدث فيه جهات سياسية عن انتهاء عهد «الحاكمية»، كما عرفه لبنان على مدى ثلاثة عقود. رغم ذلك، فإن مؤشرات الأيام الماضية، من التوافق الحكومي على الـ«كابيتال كونترول» الى تأجيل استجواب الحاكم وقرار إخلاء سبيل شقيقه بكفالة، توحي بأن مظلّة الحماية لم ترفع عن سلامة بعد
إلا أن هذا التفاؤل، الذي تبثّه بعض الجهات السياسية، تنقضه مجريات الأيام الماضية، ولا سيما طريقة إمرار مشروع الـ«كابيتال كونترول» بالتوافق في جلسة الحكومة أول من أمس، بعد اعتراض شرس عليه في اللجان المشتركة من قبل الجهات السياسية عينها، تلاه تمديد سلامة للتعميم 161، ليلحقه أمس قرار القاضي نقولا منصور إخلاء سبيل رجا سلامة وإرجاء جلسة استجواب الحاكم الى حزيران المقبل، أي تعليق الإجراءات القضائية بحقّه الى ما بعد الانتخابات النيابية. وهي إشارات واضحة على عدم نضوج ظروف استبداله بعد، علماً بأن دخول الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال لن يخدم التغيير المرتجى.
التهديدات الفرنسية التي تبلّغ بها ميقاتي، تبلّغ بها أيضاً المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. ويجري الحديث عن اقتراب تكليف عويدات أحد القضاة بالادعاء على سلامة تماشياً مع التحقيق القضائي الأوروبي وطلبات التعاون التي لم تلق تعاوناً لبنانياً. وثمة من يشير الى أن أحد الخيارات أمام عويدات سيكون تكليف القاضي علي إبراهيم، لا القاضي جان طنوس المكلف بالتحقيقات في قضية رجا سلامة.
بالتوازي، تشير المعلومات الى إنشاء وحدة استقصائية أوروبية بمثابة «داتا سنتر» مهمتها جمع كل المعلومات وردود الفعل حول مواقف السياسيين والجهات الإعلامية والقضائية في موضوع التحقيقات المتعلقة بسلامة تمهيداً لاتخاذ إجراءات بحق المعرقلين. وعلمت «الأخبار» أن مجموعة من كبار المودعين اللبنانيين في مختلف الدول الأوروبية في صدد إعداد شكاوى ضد سياسيين لبنانيين بتهمة حماية سارقي أموال عامة وخاصة، ولا سيما في حال إقرار الـ«كابيتال كونترول» بصيغته الأخيرة التي تتضمّن إبطالاً للأحكام القضائية الداخلية والخارجية خدمة لسلامة وشقيقه والمصارف. ويستند هؤلاء بشكل أساسي إلى تحقيقات السلطات القضائية الفرنسية والألمانية والبلجيكية المكلفة التدقيق في الجرائم المالية الخطرة، ومبادرتها بالحجز على أصول عقارية وحسابات مصرفية مرتبطة بالحاكم نتيجة ارتباطه بجرم اختلاس الأموال وتبييضها. ففي موازاة الحجز على عقارين في الدائرة السادسة عشرة في باريس (16 مليون يورو) وحسابات مصرفية في فرنسا (2.2 مليون يورو) وموناكو (46 مليون يورو) ولوكسمبورغ (11 مليون يورو) ومبنى في بروكسل (7 ملايين يورو)، صادرت السلطات الألمانية عقاراً في هامبورغ وعقارين في ميونيخ. كذلك جُمّدت أسهم في شركة عقارات في دوسلدورف كان الحاكم قد اشتراها من خلال شركة «Dock 13 villa» المسجلة سابقاً باسمBlue Rainbow 287 Vermögensverwaltung في محكمة ميونيخ.
التوافق على الـ«كابيتال كونترول» وتأجيل استجواب الحاكم وإخلاء سبيل شقيقه توحي بأن مظلة الحماية لم ترفع عن سلامة بعد
وقد رصدت السلطات الألمانية صلة لسلامة بشركتَي WBH 51 وH-Invest في هامبورغ، فيما أشارت وسائل إعلام ألمانية الى أن هذه العقارات يرأسها مؤقتاً نجل سلامة، ندي. أما في سويسرا، فقد تضمنت المراسلة المرسلة الى لبنان معلومات عمّا توصلت إليه تحقيقات النيابة العامة الاتحادية السويسرية، حيث جرى التأكيد أن المبالغ المختلسة منذ نيسان 2002 حتى اليوم، نُقلت كلياً أو جزئياً الى حسابات في سويسرا قبل غسلها بسبل شتى. ومن بين هذه الأموال، تحويلات من حساب الى آخر مع تغيير صاحب الحق الاقتصادي أو الاستثمارات في العقارات في سويسرا والخارج، ولا سيما في المملكة المتحدة، أو الاستثمارات في السندات المالية. وترجح التحقيقات أن تكون أعمال الغسل قد شملت مبالغ كبيرة وحققت عائدات كبيرة لرياض ورجا سلامة وأفراد من أسرتهما ومحيطهما، ومنهم ماريان الحويك. فيما جزء من هذه العائدات، وتبلغ أكثر من 200 مليون دولار، أُعيد تحويلها من سويسرا على عدة دفعات الى حسابات مصرفية مختلفة في خمسة مصارف لبنانية تعود كلها لرجا سلامة، علماً بأن القاضي جان طنوس كان قد شارف على إجبار هذه المصارف (بنك ميد وبلوم والاعتماد اللبناني وعوده وسارادار) على إمداده بمعلومات عن هذه التحويلات، قبل أن يوقفه القاضي عويدات بناءً على أوامر تلقّاها من رئيس الحكومة.