شعار ناشطون

دماء خلدة تصدم الجميع.. ومعضلة الحكومة تشتد

02/08/21 08:05 am

<span dir="ltr">02/08/21 08:05 am</span>

منير الربيع – المدن

هل يمكن لحادثة خلدة ان تنعكس على المسار السياسي في البلد؟ وهل يمكنها أن تؤدي إلى التسريع والتحفيز بعملية تشكيل الحكومة؟ لو كان الوضع في لبنان طبيعياً، لكانت النتيجة الطبيعية هي دفع القوى السياسية جميعها إلى تقديم تنازلات، والشروع في عقد تسوية، بعيداً عن حسابات الشخصانية والأسقف المرتفعة. لكن الوضع مختلف جذرياً. وكان يمكن لحادثة خلدة أن تتمدد وتتوسع أكثر، لكن لا قرار لدى معظم القوى بالتورط بحمام دم، وإن بقيت النار تحت الرماد، وتحتاج إلى فتيل لتشتعل مجدداً.

 

لقد تعاطى حزب الله بذكاء مع ما جرى إذ أوكل المهمة إلى الجيش اللبناني. وبذلك، يتجنب الدخول في مواجهة تثير الفتنة السنية الشيعية، ويتجب كسر هيبته أو شوكته.

لا يمكن فصل مؤشرات الحادثة عن المسار السياسي. قبل سنة، وعند حصول الاشتباكات الأولى بين عشائر العرب في خلدة وحزب الله، كان مصطفى أديب بصدد تشكيل الحكومة. قيل حينها أن الاشتباكات تهدف إلى الضغط عليه لتقديم تنازل، وقيل العكس أيضاً، أي أنها يجب أن تحفزه على عدم التنازل على حساب “الدم السنّي”. ما جرى أمس ايضاً سيرافق مسيرة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. فيما قد يكون الأصح أن لا أثر لهذه المسارات على الأرض على المجريات السياسية.

الشخصانية تتحكم
أما المشكلة الحكومية فتعود لتأخذ طابع الشخصانية. يضع رئيس الجمهورية، ميشال عون، خريطة طريق واضحة أمام الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، نجيب ميقاتي. ويبدو أن عملية التكبيل مستمرة. ويحاول الطرفان تكبيل بعضهما البعض. عون لن يتزحزح عن شروطه، ويعتبر أن ميقاتي يحاول المراوغة، فلا يتوانى عن إرسال الرسائل له أن لا داعي لذلك. يستند عون عبر الوسطاء الذي يتشاورون مع الرئيس المكلف على كلام الأخير الذي قال فيه إن مساعيه في سبيل تشكيل الحكومة تنطلق من المبادرة الفرنسية ومبادرة الرئيس نبيه برّي. وبناء على هذه المبادرة، فإن التدقيق الجنائي هو بند أول على ميقاتي الإلتزام به، أما بالنسبة إلى مبادرة برّي فإنها تنص على منح وزارة الداخلية لرئيس الجمهورية ووزارة العدل للطائفة السنّية. وهذا ما يتمسك به عون ولا يتنازل عنه.

ضحكة استهزاء!
بعد إطلالة ميقاتي الأخيرة يوم الخميس الفائت، وفي معرض سؤاله عن حصة رئيس الجمهورية والثلث المعطل، اعتبرت أوساط رئاسة الجمهورية أن الرئيس المكلف يحاول الإستهزاء بموقع الرئاسة، خصوصاً عندما قال: “رئيس الجمهورية هو رئيس كل السلطات فكيف نحصره بثلث من هنا أو هناك”. أرفق ميقاتي كلامه هذا بضحكة، اعتبرتها دوائر القصر الجمهوري بمثابة الإستهزاء. وعلى هذا الأساس، قرر عون إيفاد مدير المراسم والبروتوكول في القصر الجمهوري نبيل شديد ليتفاوض مع ميقاتي على عملية التشكيل. وقد بلّغ شديد الرئيس المكلف بأن عون يتمسك بوزارة الداخلية، ولن يتزحزح عنها. وإذا أراد ميقاتي تشكيل الحكومة فليعلم ان الطريق واضحة والمسار أوضح، ومن الأفضل عدم تكرار ما قام به الحريري.

ليست المشكلة بالرسالة السياسية التي وجهت، إنما بتفويض مدير للتفاوض على تشكيل الحكومة مع رئيس مكلف. وهذا أمر يخرج عن سياق التوازن بين المواقع والسلطات. وهو يعبر عن قناعة لدى عون بأن رئيس الحكومة هو موظف لديه، أو أنه لا يزال قادراً على استدعاء رئيس الحكومة، كما كان الحال قبل إتفاق الطائف. تلك العقلية تكرس منطقاً واحداً، وهو أن أي رئيس للحكومة يريد النجاح في تشكيلها، عليه أن يكون خاضعاً للشروط والإملاءات. وهذا مسار واضح يسلكه عون في مفاوضاته منذ مجيئه رئيساً للجمهورية، خصوصاً عندما قال سابقاً إن الحكومات التي تشكلت في عهده برئاسة سعد الحريري، تشكلت وفق البرنامج الذي كان يقترحه هو بنفسه.

اجتماع الاثنين
وبعد هذا الموقف توالت الرسائل التي تلقاها ميقاتي من جهات مختلفة حول ضرورة الإلتزام بما يمليه رئيس الجمهورية من شروط ونماذج لسلوك عملية تشكيل الحكومة طريقها إلى النجاح. أما بحال رفض ميقاتي التنازل فسيكون مصيره كمصير الحريري. وأكثر من ذلك، تضمنت الرسائل التي تلقاها إشارة واضحة إلى أن عليه الاختيار بين تشكيل الحكومة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، وبين خيار الاعتذار بحال قرر الالتزام بتوجهات رؤساء الحكومة السابقين، وسيلاقي المصير نفسه الذي لاقاه الحريري.

تأخذ المشكلة الحكومية طابعاً أوسع. يبقى الأساس هو الاجتماع الذي سيعقد اليوم الاثنين بين عون وميقاتي، وما يمكن التفاهم عليه حول الأسماء. ولكن في الموازاة، لن يتخلى عون عن كل أساليب الضغط على ميقاتي، سواء في الممارسة أو في إعادة فتح ملفات له، يتهمونه فيها بالفساد، بهدف تطويعه. هذا الأسلوب حاول عون اعتماده مع الحريري لدفعه إلى التنازل، ويعاود المحاولة راهناً مع ميقاتي، الذي تشير المعلومات إلى أنه استاء من تفاوض مدير المراسم بالقصر الجمهوري معه.

تابعنا عبر