لا يختلف اثنان على أن استخدام #الدواء في المجتمع اللبنانيّ تحكمه الفوضى من الناحية الصحيّة، إذ يجري اللجوء إلى “الطبابة الذاتيّة”، أو إلى استجلاب إرشادات الاستعمال من “الجارة”، أو “المجرِّب”… أو من موقع إلكترونيّ، من دون الوقوف على حيثيّات المرض المشخّص أو أعراضه التامّة، ممّا يتسبّب بكوارث صحيّة للمريض.
وتشتدّ الظاهرة في مجال أدوية الأعصاب التي تعالج الضغوطات النفسيّة لدى كثيرين ممن يفتقدون الثقافة الصحيّة، وفق ما أظهرت الدراسة التي أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت على عيّنة صغيرة من المرضى تستعمل دواء #Deanxit.
قد يتساءل البعض لماذا دواء الـDeanxit؟
سيأتي الجواب صادماً لكثيرين من الذين لا يعرفون حتماً أن هذا الدواء محظور استخدامه في دول عديدة، في حين يجري استخدامه في لبنان من دون أيّ وصفة طبيّة.
هذه الدراسة هي الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة لوصف أنماط الاستخدام واضطراب استخدامه، في ظلّ غياب أيّ دراسة من دول عدة مثل أميركا، حيث الدواء ممنوع بيعه أو استخدامه.
تشرح الاختصاصية في السموم وطبيبة الطوارئ في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة ثروت الزهران تفاصيل الدراسة التي أجراها المركز، وتوضح بأن “دواء الـDeanxit يحتوي على مادتين melitracen وflupentixol، وهو غير معتمد كمضادّ للاكتئاب في العديد من الدول، في حين أنّه يُستخدم لهذا الغرض في لبنان. ونتيجة لذلك كان الهدف من الدراسة كشف سوء استخدام هذا الدواء (use disorder) وتقييم مدى معرفة المستهلكين له بآثاره الجانبيّة.
توضح الزهران بأن “هاتين المادّتين تعملان على تحسين المزاج، وتدخلان في تركيبة الدواء الذي استعمل ابتداءً في الدانمارك في عام 1971، إلا أنه لم يحصل على موافقة بيعه. وكذلك فعلت دول أخرى مثل بريطانيا وكندا واليابان وأوستراليا وإيرلندا، فضلاً عن تحذير إدارة الدواء والغذاء الأميركية من بيعه وشرائه. وبالرغم من أنه غير حاصل على موافقة استخدامه أو بيعه في عدّة دول، فإنّنا نتفاجأ بأنه ما زال مُسجّلاً في 21 دولة، منها قبرص ولبنان”.
وفي العودة إلى الدراسة، التي شملت نحو 125 مريضاً يستخدمون هذا الدواء، وجاءوا إلى طوارىء المستشفى خلال الفترة ما بين تشرين الأول 2019 وتشرين الأول 2020، تَبيَّن – وفق الزهران – أن “2.7 في المئة من المرضى نقلوا إلى طوارئ المستشفى بسبب جرعة زائدة من دواء الـDeanxit”.
ولكن ما الذي كشفته هذه الدراسة؟
النتيجة الأولى: إن 36 في المئة (من أصل 125) لديهم سوء استخدام أو اضطراب استخدام الدواء، أو ما يُسمى deanxit use disorder. ولكن ماذا نقصد بها؟ إننا نعني أنّه عندما يوقف الشخص الدواء يعاني من عوارض وآثار جانبية.
النتيجة الثانية: إن أغلبيّة الأشخاص هم من فئة النساء المتزوّجات، وتتراوح أعمارهن ما بين 40 و65 عاماً، ونصفهن من المدخّنات، ومنهن من يعانين+ من مشكلات صحيّة.
النتيجة الثالثة: إن 41.9 في المئة من الأشخاص يتناولون الدواء بناء على وصفة طبية في حين أن القسم الآخر استخدموه بعد نصيحة قريب أو صديق. بمعنى آخر: هناك استخدام خاطىء للدواء.
والخلاصة: إن 60 في المئة من الأشخاص الذين يأخذون الـDeanxit ليس لديهم الثقافة الكافية لسبب استخدام الدواء، و54 في المئة لم يكونوا متأكّدين من استخدامهم للدواء بالشكل المناسب، و19 في المئة كانوا سعيدين بشرح الأطباء حول هذا الدواء.
وعن المخاطر الناجمة عن استخدام هذا الدواء، تُفنّدها زهران حسب الآتي:
* الشعور بزيادة الجرعة
* الإدمان عليه، وعدم القدرة على ترك استخدامه
* شعور الشخص ببعض العوارض مثل: التعب، التوتر…بعد توقيف الدواء
* اضطراب في الجهاز العصبي
* يؤثر في انتظام كهرباء القلب (في حال تناول كمية زائدة أو أكثر من المطلوب).
بناءً عليه، تُشدّد زهران على أهميّة عدم استخدامه عشوائيّاً وزيادة الوعي بطريقة استخدامه وفق المعايير، ومنع إيقافه بطريقة مفاجئة. وتنصح بإعادة النظر في استخدامه في لبنان.
ليلي جرجس – “النهار”