مقال للكاتب والصحافي صفوح منجّد
بدا الطقس الإنتخابي داخل البرلمان اللبناني اليوم الأربعاء، غائما وملبدا، مع إضطراب في “الرؤية” ومناخ قاس زاد من حدته هطولات “كلامية” بكافة الإتجاهات، في محاولة واضحة لتعطيل حركة السير من جهة وحجب “التطبيقات” وتقلص “الهمهمات” من جهة ثانية، مع زيادة ملحوظة في غزارة التعليقات والمواقف الرمادية من قِبل إنتماءات نيابية محددة بهدف منع الكشف عن آخر الإصطفافات، والتنكر من جهة ثانية للمواقف التي أبرمت في الليلة الأخيرة قُبيل فتح صندوقة الإقتراع.
وساهم نور الصباح في إيقاظ العديد من نواب الأمة من أحلامهم الوردية لتحل مكانها السُحب السوداء والموحلة أحيانا والتي منعت الرؤية الحقيقية لما يجري من ترتيبات أخيرة في المشهد الموعود، وقُبيل أن يبدأ العرض الجديد الذي أمل البعض أن يحمل معه صحوة وإنفراجا وتبديدا للأوهام التي تجول في بعض الرؤوس الحامية؟! والتي بدأت بدفع الثمن غاليا لما إقترفته أيديهم في وقت إرتفعت معه معاناة الناس من جراء تغييب المصالح الوطنية العليا وإستبدالها بمصالح ضيقة أثبتت فشلها.
وها هم يدفعون مرة أخرى ثمن تحالفات خرقاء وجوفاء أدت وتؤدي إلى نهايات سوداوية على أيدي من قسّم ايام الوطن بين ايام خرقاء وأيام مجيدة.
وفي اللحظات الاخيرة على رفع الستارة والمباشرة في العرض المسرحي تذكر معظم الجمهور أن هناك من أعدّ خطة العودة والقدرة على إعادة تفعيل “القمصان السود” علّ ذلك يُرهب ويرعب، متناسيا أننا اصبحنا أمام تاريخ جديد لا بد معه من تبديد ذلك العار وصور الماضي القريب.
وعلى وقع مطرقة الرئيس الذي مضى على رئاسته ثلاثة عقود متتالية تم رفع الستارة عن عملية الإقتراع في جولتها ال 12 لإنتخاب رئيس جديد للبلاد مع إنقضاء حوالي 9 أشهر على الفراغ الرئاسي.
وفي أعقاب التأكد أن الحضور هو تام أي 128 نائبا ومن دون غياب أحد، طلب الرئيس من معاونية توزيع أوراق الإقتراع على النواب، وتزامن ذلك مع طلب إذن بالكلام من قِبل النائب ملحم خلف الذي بادر إلى تلاوة بيان يفصّل فيه تنفيذه الإعتصام بالمجلس مع زميلته نجاة عون صليبا منذ إنتهاء الجولة السابقة رقم 11.
وبالرغم من أن الريس حاول إسكات خلف بذريعة انه يخالف النظام الداخلي، غير ان الأخير تابع الكلام حتى نهاية البيان.
ولوحظ أنه لم يتم الإعلان رسميا عن عدد الحاضرين ،غير أن الريس وبعد لفت نظره من قِبل عدد من النواب سأل معاونية الذين أجابوا أن العدد هو 128 نائبا.
وفي الوقت الذي بدا واضحا أن الأمور سائرة إلى “التبريد” و “التفاوض” فإن عملية فرز الاصوات تتابعت بمشاركة عدد من النواب ومن كتل مختلفة، ولتتكشف ملاحظات عديدة وأهمها أن فرق الأصوات بين المرشحين الوزير السابق جهاد أزعور ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية كان يتراوح ما بين 4 و 7 أصوات ليستقر ذلك على 59 صوتا نالها المرشح أزعور و 51 صوتا نالها المرشح فرنجية في حين كانت التوقعات تشير إلى أن الفارق سيكون بحدود 12- 14 صوتا.
ونال المرشح زياد بارود 6 اصوات ولم يكن إسمه واردا لدى المتابعين، وبلغ عدد الأوراق البيضاء ورقة واحدة وايضا ورقة ملغاة، ووجدت 8 أوراق تحمل شعار لبنان الجديد، وورقة حملت إسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، وورقة بإسم جهاد العرب.
وليتبين عند إنتهاء فرز الاصوات ان عدد الأوراق المقترعة كانت 127 ورقة، وليتصاعد جدال طويل حول عدم إكتمال العدد، وإنقسمت الآراء بين مطالب بإعادة الإنتخاب، وبين مطالب بإعادة عد الأوراق، وكعادته حاول الريس إخراج أحد “أرانبه” مقترحا أن يتم إدراج الورقة الناقصة في خانة الأوراق الملغاة، وبسبب تصاعد إعتراضات النواب تم الإعلان على أن أحد الأغلفة كان فارغا من ورقة الإقتراع، وفُسّر ذلك ايضا أنه من معجزات أرانب الريس.
وفي معلومات ل”ناشطون” أشارت مصادر مطلعة أنه بالإمكان العودة إلى الفيلم الذي صور عملية الفرز والمتوفر لدى العديد من المراجع الرسمية والإعلامية، بأنه خلال عملية الفرز كان هناك فترة من الزمن ما بين إذاعة إسم المنتخب و إدراجه في الزاوية التي تحدد عدد الأصوات التي نالها هذا المرشح أو ذاك، وعدّة مرات كانت الورقة التي تحمل إسم المرشح أزعور يتأخر إدراجها في قائمة الأرقام.
وإستنادا إلى الفيلم المذكور يتبين أنه عند الوصول إلى الرقم 57 لصالح المرشح أزعور تم التأخير في إدراج هذا الإسم من ضمن مجموع الأعداد التي نالها أزعور، وليستكمل الفرز وكأن شيئا لم يكن.
من جهة ثانية أجرت ما كينات بعض المرشحين دراسة حول طبيعة إنتخاب الكتل والنواب على الشكل الآتي: – حصل مرشح المعارضة جهاد أزعور على 59 صوتا من بينهم تأييد النواب التغييريين والتيار الوطني الحر ومستقلين
– في حين حصد مرشح الممانعة المرشح سليمان فرنجية على 51 صوتا.
– وإقترع بإسم لبنان الجديد 8 نواب هم: نواب تكتل الإعتدال زائد النائب نبيل بدر والنائب عماد الحوت.
– أما اصوات زياد بارود وبحسب المعلومات ومتابعة المحللين فهي لنواب صيدا الثلاثة: عبد الرحمن البزري، أسامة سعد، شربل مسعد. والأصوات الثلاثة الأخرى هي للنواب التغييريين سنتيا زرازير وإلياس جرادي، وحليمة قعقور.
– ورجحت المصادر ان صاحب الورقة البيضاء هو نائب رئيس مجلس النواب وعضو التيار الوطني الحر إلياس بو صعب الذي ألمح في تصريح له قبيل إنعقاد الجلسة أنه ليس من الضروري أن يصوّت النائب بالأبيض أو الاسود إنما يمكن ان يكون لديه خيار آخر، الأمر الذي فُسّر إلى انه كان يلمح إلى هذا الموضوع.
– أما الصوت الذي ناله قائد الجيش جوزاف عون فإن صاحبه هو النائب إيهاب مطر الذي أعلن عن ذلك في تغريدة له عقب إنتهاء الإنتخابات.
– أما إرتفاع أصوات المرشح فرنجية 4 اصوات فالأمر عائد إلى أصوات النواب الأرمن الأربعة وهم: أغوب بقرادونيان، أغوب تاريزيان، جان تالوزيان، وجورج بوشيكيان.