جشع التجار غطى على فساد السياسيين
والمواطن يتساءل من يتباهى في الرقص على جثته
” كلن يعني كلن” شعار رفعه الشعب في وجه السياسيين الذين حولوا البلد الى مزرعة وفق محاصصاتهم السياسية ضاربين بعرض الحائط “حقوق” المواطن بالعيش الكريم على أرض وطن يقوم بكامل واجباته تجاهه،لكن هذا الواقع تكشف عن حقائق كثيرة لجهة “الفساد” المستشري في صفوف المواطنين المتمثلين بالتجار الذين يعبثون بمصلحة المواطنين وقدرتهم الشرائية غير آبهين بأوضاع الناس جل همهم تحقيق المكاسب من خلال التلاعب بالأسعار بشكل يفوق كل التوقعات.
سأروي بالتفاصيل ما جرى بالأمس بعدما تحركت ادارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” وأصدرت لائحة بأسعار السجائر الوطنية التي تنتجها ونذكر منها سجائر “السيديرز” الأكثر شيوعاً، دخلت احدى المحلات المعتمدة من قبل الادارة أي المرخص لها وسألت عن سعر علبة السيديرز فكان الجواب 12 ألف ليرة لبنانية، وحينما أعلنت بأنني اعلامية أصبح سعر العلبة 8500 ليرة فقط لا غير، هذا فضلاً عن الاهتمام الذي أظهره صاحب المحل والذي راح يتهم مصلحة الريجي بعدم اعطائهم سوى كمية قليلة لا تسد حاجة السوق مما يضطرهم الى اللجوء للسوق السوداء وهذا بالفعل ما يدفعهم الى رفع السعر بما يتلاءم وامكانية الحصول على الصناديق التي تكفي المواطنين.
قرار “الريجي”
طبعاً،قضية السجائر اليوم تدخل كما غيرها من كل السلع حيز “الأخذ والرد” مما ينذر بقرب موعد فقدانها من السوق أو حتى لجوء أصحاب المحلات الى اقفال أبوابهم في وجه الزبائن لحين الاقتناع بالسعر المفروض من قبلهم من دون أن يكون للمواطن أي تحرك يقوم به في سبيل مراقبة الأسعار والابلاغ عن أي مخالفة كاستجابة للقرار الذي صدر عن مصلحة الريجي والذي أعلنت فيه أنها ستصدر أسبوعيا لائحة بأسعار السجائر الوطنية وتدعو الى ابلاغها بأي مخالفة للائحة المعتمدة.
وجاء في القرار:” أصدرت ادارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية لائحة الأسعار المعتمدة منها لبيه السجائر الوطنية التي تنتجها ، ودعت المواطنين الى ابلاغها بأي مخالفة من رؤساء البيع لهذه الأسعار، ووضعت “الريجي” في تصرف المواطنين رقما هو 144878/70 مخصصا للشكاوى المتعلقة بالأسعار واعدة باتخاذ الاجراءات المناسبة في حق المخالفين .
وأشارت ” الريجي” الى انها ستصدر هذه اللائحة أسبوعيا، سعياً منها الى ضبط الأسعار والحؤول دون التلاعب بها”.
مصدر مطلع في “الريجي ” القبة أكد أن الادارة تسعى الى وضع الأمور في نصابها بعدما بات رؤساء البيع المرخص لهم من قبلها يتقاضون أسعاراً مرتفعة ويحققون أرباحاً باهظة في ظل ارتفاع سعر الدولار، طبعاً والمواطن لا يحرك ساكناً ظناً منه بأن هذه التسعيرة تتلاءم والانهيار الحاصل، الادراة اليوم قامت بواجباتها من خلال توزيع التسعيرة الرسمية للدخان المصنع محلياً ويشمل حوالي 13 صنفاً، وما على المواطن سوى الابلاغ عن أي مخالفة وبالفعل تلقينا اتصالات عديدة وهناك جهاز المكافحة والذي يقوم بالدوريات على أصحاب المحلات المبلغ عنها لمقاضاتها”.
وحول عدم تسليم الكميات المطلوبة الى المحلات المرخص لها يقول:” هذا الكلام لا أساس له من الصحة وأود أن أشير الى انهم يملكون رخص عديدة بأسماء مختلفة ويحصلون على أساسها، لكن جشع التجار في هذه المرحلة بات يفوق جشع السياسيين وفسادهم وما على المواطن سوى التنبه، أقول بأن الأرباح باتت كبيرة جداً ولا يجوز السكوت عن هذا الأمر”.
مواطن يدفع الثمن
الكل باع الضمير أمام الانهيار الحاصل وتلاعب سعر الدولار وغياب المحاسبة لدرجة أنك وبمجرد السؤال عن سبب أزمة البنزين أو المازوت أو فقدان الدواء يأتي الرد ” موحداً” بين الجميع “علاقة المواطن مع دولته وليس معنا” فليذهب ويحاسبها!!!! كلمات نسمعها على محطات البنزين وداخل الصيدليات وعند محلات المواد الغذائية وكل ما يمكن أن يتطلبه المواطن بشكل يومي، لكن ادارة حصر التبغ تحركت ولفتت نظر المواطنين الى حقيقة مرة بهدف تجنيبهم خسائر هم بغنى عنها، وقد لا يأتي هذا التحرك بأي نتائج ايجابية ويكون ضغط التجار أهم بكثير من تحرك المواطن، لكن هي قامت بما يلزم في حين يغيب دور المسؤولين في القطاعات الأخرى وهنا لا بد من الحديث عن الصيدليات أي القطاع الأهم اذ ليس بعد “الصحة” من شيء يسترعي الاهتمام، الملفت أن غالبية الصيدليات اتخذت القرار بالاقفال دون أن تحاسب على فعلتها وكأنه يحق لها حرمان المواطن من الدواء ولطالما تكشفت حقائق معيبة حول اخفاء الدواء وحليب الأطفال عن المواطنين، طمعاً في أرباح خيالية مع ارتفاع الدولار، وحينما يتحرك المواطن في هذا المجال يتهم “بالزعرنة” و ” الفوضى” ويتحول الصيدلي من “مجرم” يقود “صحة المواطن” على هواه الى “مسكين” يطلب حماية الدولة من اعتداءات المواطنين الذين يرزحون تحت ألم رهيب أقله على صعيد أطفالهم، بل ويلجؤون الى اقفال صيدلياتهم الا ما ندر منها.
انهيارات بسبب التلاعب
واقع مرير يتخبط به المواطن اللبناني المرهق من أسعار لا تتلائم ومدخولة الزهيد الذي لم يدخل عليه أي تعديلات، ومقابل ذلك ليس هناك من حلول في المدى المنظور انما فوضى تترافق والوضع الراهن فالى متى يستمر النزيف الحاصل؟؟؟ ويشعر التاجر بالمواطن فيتحدان في سبيل رفع الظلم عنهما ولا يكون ذلك الا من خلال ضبط الأسعار والقبول بالربح القليل لحين الانتهاء من هذه الأزمة لا أن يكون هم التاجر الوحيد الخروج الأزمة بأموال طائلة على جثث الشعب الفقير الذي يجاهد في سبيل تأمين لقمة العيش الى جانب مستلزمات الحياة من أدوية وكهرباء وبنزين ومازوت وكل ما من شأنه اعانته على اجتياز المحنة؟؟؟!!!
جشع التجار غطى على فساد السياسيين والمواطن يتساءل من يتباهى في الرقص على جثته.
08/08/21 03:35 pm