جاء في “المركزية”:
رغم حساسية المرحلة التي يمر بها لبنان ورغم دقتها ودسامة وفداحة الملفات التي يتعين على الدولة أن تعالجها وتناقشها، اقتصاديا وماليا ومعيشيا وترسيميا، يتناحر اهل المنظومة في ما بينهم ويتراشقون بالبيانات وكأن البلاد بألف خير، بينما المطلوب منهم ان يتعاونوا لتأليف حكومة ولاخراج لبنان من جهنم، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
أمس، سجلت جولة جديدة من الكباش بين الفريق الرئاسي عبر التيار الوطنيّ الحرّ من جهة، والسراي من جهة ثانية. فقد حمّل التيّار رئيس الحكومة المكلف مسؤولية الاستخفاف بالدستور وتجاهل أوضاع البلاد برفضه القيام بما يلزم لتشكيل الحكومة، والتي من دونها لا تسير الإصلاحات ولا يحصل لبنان على التعاضد اللازم معه. اضاف: ان هذا التعطيل المتعمّد لعملية تشكيل الحكومة هو جريمة بحق اللبنانيين الذين سُرقت ودائعهم وتجري محاصرتهم بالرغيف وبجميع مقومات الحياة. وتابع: عليه فإن رئيس الحكومة المكلّف يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الكارثة الناجمة عن إنقطاع الكهرباء ليس فقط لأنه عرقل في السابق تنفيذ الخطة بل لأنه يرفض اليوم أي حلّ مقترح أو هبة ويختبئ وراء ذرائع واهية لحماية مصالحه وليس مصلحة اللبنانيين.
ورأى ان ممارسات دولة الرئيس ومواقفه تدعو الى الريبة، فهو لا يسمح لوزارة الطاقة بتوفير الحلول لأزمة الكهرباء ولا يقوم بما يتوجّب عليه لتفعيل عمل القضاء في جريمة المرفأ ويعرقل كل خطوة من شأنها الحدّ من ضرر إستمرار حاكم البنك المركزي في موقعه بينما تتراكم عليه الملفات والدعاوى في الخارج والداخل. وفوق هذا كله فإنه يمتنع عن التشكيل الجدّي للحكومة فيصدق فيه قول غبطة أبينا البطريرك الراعي لا قيمة للتكليف من دون تأليف.
رد ميقاتي لم يتأخر. حيث أصدر مكتبه بيانًا عنيفًا من العيار الثقيل، جاء فيه “لا ينفك “التيار الوطنيّ الحرّ” عن خلق السجالات وقلب الحقائق على مشارف نهاية العهد، في محاولة واضحة لتحويل الانظار عن الاخفاق الذي طبع السنوات الماضية في كل المجالات وتكريس مقولة: “ما خلونا”، التي يتلطى خلفها “التيار” مراراً وتكراراً لتبرير فشله في الملفات الكثيرة التي تولاها واهمها ملف الكهرباء.
وفي جديد هذه المحاولات إصدار “التيار” اليوم بيانًا لا يصح لوصفه الا القول الشعبي “شيلي اللي فيكي وحطيه فيي”، وتوضيحًا للحقائق، نورد مراراً وتكراراً الآتي:
أولا: يقول “التيار الوطنيّ الحرّ” بأن رئيس الحكومة المكلّف يستخف بالدستور ويرفض القيام بما يلزم لتشكيل الحكومة”، وهذا هو الاستخفاف بحد ذاته بالوقائع الدامغة. فرئيس الحكومة زار رئيس الجمهورية في اليوم التالي لانتهاء الاستشارات النيابية، وقدم له تشكيلة حكومية وفق صلاحياته الدستورية وما يراه مناسبا، وباشر النقاش بشأنها مع فخامة الرئيس، لكن التسريب المتعمّد للتشكيلة الى الاعلام، وما حصل بعد ذلك من دخول متعمد لحاشية رئيس الجمهورية على الخط وتعد على مقام رئاسة الحكومة وشخص الرئيس المكلف، باتت وقائعه معروفة، ولا يمكن لبيان” التيار” ان يغطيها.
ثانيًّا: قمة الفجور السياسي هو قول “التيار الوطني الحر” إن رئيس الحكومة “يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الكارثة الناجمة عن إنقطاع الكهرباء”، وكأن الرئيس ميقاتي، وليس “التيار الوطني الحر” هو مَنْ تولى وزارة الطاقة، عبر خمسة وزراء متعاقبين على مدى 17 عشر عامًا وكلف الخزينة هدرا على القطاع يقدر بـ40 مليار دولار. ويأتيك اليوم “تيار قلب الحقائق” محاضرا بالعفاف السياسي، معتقدا أن ذاكرة اللبنانيين مثقوبة، كالسدود المائية الفاشلة التي أهدر عليها وزراء”التيار” ملايين الدولارات وذهبت مياهها الى جوف الأرض وأموالها الى جيوب المنتفعين.
أمّا زعم “التيار” أن رئيس الحكومة يعرقل تنفيذ الخطة الكهربائية ، فهو سؤال ينبغي ان يوجه الى وزير الطاقة الحالي الذي طلب سحب ملف الخطة عن جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء، ولم يعد به حتى الآن.
إن رئيس الحكومة، لا يرفض اي هبة غير مشروطة لمساعدة لبنان في حل ازمة الكهرباء، بل على العكس من ذلك فهو رحّب باية هبة اذا كانت مطابقة للمواصفات التقنية التي تعمل فيها معامل الانتاج الكهربائي في لبنان. ولا نفع لاي مزايدة سياسية في هذا الملف المعروفة شروطه وقواعده.
ثالثا: قمة الوقاحة هي زعم “التيار الوطنيّ الحرّ”، ان رئيس الحكومة لا يقوم بما يتوجّب عليه لتفعيل عمل القضاء في جريمة المرفأ”. والسؤال “ما هو المطلوب من رئيس الحكومة غير تحصين القضاء ودعمه في مهمته، الا اذا كان “التيار” يريد من رئيس الحكومة ان يحذو حذوه بالتدخل السياسي في القضاء.
ختامًا، لا ينفع الفجور السياسي ونسج البيانات في التعمية على مسؤولية “التيار الوطني الحر” ورئيسه تحديدا في ما وصل اليه العهد وهو على مشارف الانتهاء. فالفرص التي كانت متاحة للانقاذ افشلها” التيار” بخصوماته المتكررة مع قسم كبير من اللبنانيين، الذين باتوا يتطلعون الى عهد جديد، ينتشلهم مما هم واقعون فيه. فليخجل من يوعز بنشر هكذا بيانات ويتوهم ان هذه الخزعبلات تنطلي على اللبنانيين، وليقم بترميم زجاج بيته المتصّدع من الداخل قبل الخارج بدل توجيه سهامه الى الناس التي تعمل مخلصة لانقاذ البلد من المازق الذي يقع فيه”.
ووفق المصادر، أتت هذه البيانات لتؤكد المؤكد أصلاً لدى اللبنانيين بأن اي حكومة جديدة في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون باتت مستحيلة الولادة، وبأن الجرة انكسرت نهائيا بين العهد وميقاتي، وعليه، فان الاجتماعات الوزارية المصغرة والترقيع والعلاجات بالتي هي أحسن، ستبقى سائدة في لبنان المنهار، تختم المصادر.