
ملاك عقيل – اساس ميديا
من الآن حتّى موعد التجديد لقوات “اليونيفيل” أو عدمه، سترتفع وتيرة الضغط الدولي بشكل متسارع، ليس فقط على لبنان، بل على الدول الداعمة لاستمرار قوّات حفظ السلام في مهامّها في الجنوب، وعلى رأسها فرنسا.
سيشكّل بند التجديد جزءاً أساسيّاً من محادثات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، إضافة إلى ملفّ الإصلاحات وإعادة الإعمار، في الوقت الذي تتخوّف فيه مصادر رسمية لبنانية من أن تستخدم واشنطن حقّ النقض في التصويت على قرار التجديد. وهو ما يعني أنّ تسوية إلزاميّة لا بدّ أن يوافق عليها المثلّث اللبناني – الأميركي – الفرنسي لتمرير قرار التجديد وفق تعديلات إضافية على مهامّ “اليونيفيل”، لم يُحدّد سقفها بعد، وستكون حتميّة من أجل صدور قرار التجديد بموافقة الدول الأعضاء الخمس في مجلس الأمن الدولي.
تجزم مصادر رسمية لـ”أساس” بأنّ “المعلومات عن إنهاء تفويض القوّات الدولية غير جدّية وغير منطقية، والأميركيون يعلمون ذلك أكثر من غيرهم، لأنّ الأمر لا يحصل بكبسة زرّ، وهو يعني بمطلق الأحوال نسفاً للقرار 1701 ولآليّته التنفيذية لمراقبة وقف الأعمال العدائية، التي لـ”اليونيفيل” دور أساسيّ فيها، وترك الجيش وجهاً لوجه ضدّ الإسرائيلي، وبوجه “الحزب” وبيئته، وحصر الحضور الدولي بآليّة مراقبة وقف الأعمال العدائية (Mechanism)”.
تجزم مصادر رسمية لـ”أساس” بأنّ “المعلومات عن إنهاء تفويض القوّات الدولية غير جدّية وغير منطقية، والأميركيون يعلمون ذلك
تضيف المصادر: “تتقاطع هذه المعلومات المسرّبة مع الضغوط الخارجية في شأن تسريع لبنان تنفيذ مهمّة نزع سلاح “الحزب”، التي تتقدّم وفق رعاة هذه الضغوط على سحب السلاح الفلسطيني، وأيضاً الضغوط المتزايدة للقبول بتفاوض غير مباشر مع الإسرائيلي في شأن المواقع الحدودية الخمسة المحتلّة (تلال الحمامص والعويضة وجبل بلاط واللبّونة والعزّيّة)، إضافة إلى المنطقة العازلة، وتحرير الأسرى، ولاحقاً تثبيت الحدود المتنازع عليها بين الطرفين”.
تعلّق المصادر قائلة: “التهويل شغّال في لبنان، لكنّ “اللعب” الجدّي هو على حدّ السكّين بين القدرة على تعديل بعض مهامّ “اليونيفيل” باتّجاه إعطائها مساحة أكبر من حرّيّة الحركة، أي صلاحيّات أوسع، خصوصاً أنّ “اليونيفيل” لا تملك تفويضاً دوليّاً بدخول أيّ موقع بالقوّة أو بالسلاح، وبين خفض عديدها الذي يُقدّر بأكثر من عشرة آلاف جندي، وذلك للمرّة الأولى منذ عام 2006، ربطاً بالتوجّه الأميركي الصارم باتّجاه تنفيذ سياسات الـcut budget التي تطال صناديق التمويل الدولية في معظم دول العالم”.
يُذكر أنّ واشنطن، غير المُمثّلة في قوّات الطوارئ الدولية، تقدّم مساهمة ماليّة من الميزانية السنويّة لـUNIFIL (530 مليون دولار)، في ظلّ قناعة عسكرية – سياسية من جانب المطّلعين على مطبخ القرار بأنّ العديد ليس المهمّ، بل الصلاحيّات.
برّاك في لبنان
في هذا السياق، تفيد معلومات “أساس” بأنّ “لبنان لم يتبلّغ بعد أيّ قرار من جانب الأمم المتّحدة، أو واشنطن، في شأن إنهاء مهامّ “اليونيفيل” أو تقليص عديدها، فيما خفض الميزانية المتوقّع سيقود تلقائيّاً إلى إعفاء العديد من مهامّهم، بدءاً من الموظّفين بصفة مدنية في UNIFIL، وهذا ما بدأ فعلاً. ولم تصُغ وزارة الخارجية اللبنانية بعد رسالة لبنان الرسمية بشأن التجديد لـ”اليونيفيل”، وتنتظر حصيلة اجتماع لجنة تقنيّة- سياسيّة تمّ تشكيلها لهذه الغاية”.
تفيد معلومات “أساس” بأنّ “لبنان لم يتبلّغ بعد أيّ قرار من جانب الأمم المتّحدة، أو واشنطن، في شأن إنهاء مهامّ “اليونيفيل” أو تقليص عديدها
تفيد المعلومات بأنّ زيارة المبعوث الأميركي الخاصّ إلى سوريا توماس برّاك المتوقّعة للبنان لم يُحدّد موعدها بعد، لكنّها على الأرجح ستتمّ قبل نهاية الشهر الجاري، وسيكون بند “اليونيفيل” ضمن جدول أعمال النقاش مع الرئاسات الثلاث التي تستعدّ لصوغ موقف رسمي موحّد سيسمعه الموفد الأميركي.
اليونيفيل
صفعة وردّ
فيما تهيّئ قيادة “اليونيفيل” نفسها لعملية تسليم وتسلّم في 24 حزيران الجاري، بين قائدها أرولدو لازارو (إسبانيا) والقائد المعيّن حديثاً ديوداتو أبانيارا (إيطاليا)، كان لافتاً وسط تصاعد النقاش الدولي في جدوى استمرار دور “اليونيفيل” في لبنان تأكيد المتحدّث باسمها أندريا تيننتي أنّ “بقاءنا يساعد في حلّ النزاع بين لبنان وإسرائيل”، مكرّراً مواقفه بأنّ “وجود القوّات الإسرائيلية يعرقل انتشار الجيش اللبناني الذي نريد تسليمه كلّ مهامّنا”، نافياً “حصول محادثات (حتى الآن) عن إنقاص التمويل الدولي في ظلّ دعم 48 دولة لنا منذ عام 2006”.
“اليونيفيل” التي تتحصّن بتعديل أساسي على مهامّها منذ عام 2022 يقضي بحرّيّة الحركة، لكن مع تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني، تختبر الكثير من فصوله راهناً من خلال الإشكاليّات والأحداث المتزايدة بين عناصرها ومواطنين جنوبيّين، التي شهدت آخر ترجماتها أمس من خلال تصدّي شبّان لدوريّات “اليونيفيل” في بلدتَي بدياس والحلّوسيّة – دير قانون، وتسريب فيديو عن صفعة تلقّاها جنديّ من قوّات حفظ السلام على وجهه.
اليونيفيل” التي تتحصّن بتعديل أساسي على مهامّها منذ عام 2022 يقضي بحرّيّة الحركة، لكن مع تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني
“الحزب” على الخطّ
بعد ساعات أصدرت “اليونيفيل” بياناً أشارت فيه إلى أنّ “الدوريّة في محيط الحلّوسية، التي واجهتها مجموعة بملابس مدنية، مخطّط لها بالتنسيق مع الجيش. حاولت المجموعة عرقلة الدوريّة بوسائل عدوانيّة، وقد استخدم العناصر وسائل غير فتّاكة لضمان سلامة أفراد الدوريّة. بُلّغ الجيش اللبناني على الفور، ووصل بعد وقت قصير، وتمّت السيطرة على الوضع”. وذكّر البيان بأنّ “حرّيّة الحركة تعدّ شرطاً أساسيّاً لتنفيذ ولاية اليونيفيل”، مطالباً “السلطات اللبنانية باتّخاذ جميع التدابير لضمان أداء قوّات حفظ السلام لمهامّها”.
هذا مع العلم أنّ هذا النوع من التصرّفات لا يخدم لبنان الرسمي في معركته للتجديد لقوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة، وعلى رأسه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، حليف “الحزب” الأوّل. وكان برّي أصدر مواقف تنتقد بوضوح هذه التصرّفات، وتؤكّد التمسّك بدور “اليونيفيل” في الجنوب، وفوائده الاقتصادية، فيما تفيد معطيات “أساس” بأنّ “الحزب” متمسّك، بدوره، ببقاء القوّات الدولية، ودخل على الخطّ مباشرة مع مرجعيّات رئاسيّة للتوافق على الصيغة النهائية التي سيُرسلها لبنان إلى مجلس الأمن، والتي على أساسها ستقوم حاملة القلم، أي فرنسا، بإعداد قرار التصويت على التجديد لـ”اليونيفيل” في مجلس الأمن في آب المقبل.