شعار ناشطون

تل أبيب تشهر سيف الاستيطان “لغاية في نفسها”

31/05/25 06:41 am

<span dir="ltr">31/05/25 06:41 am</span>

نايف عازار – نداء الوطن

بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة أو ما تبقّى منه منذ ما يربو على 20 شهراً، تمضي الحكومة اليمينية الشديدة التطرّف قدماً أيضاً في حرب موازية لا تقلّ خطورة عن الأولى، وهي حرب الاستيطان في الضّفة الغربية المقطّعة الأوصال.
ففي خطوة تُعَدّ الأوسع من نوعها منذ سنوات، كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية النقاب عن مصادقة المجلس الوزاري المصغّر على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية تشمل تسوية بؤر استيطانيّة، بعد ساعات قليلة من تسريب وسائل إعلام عبرية معلومات تفيد بأن “الكابينت” صادق سرّاً على المخطّط الاستيطاني الواسع قبل حوالى أسبوعين.

وإذا كان هدف الحرب الحقيقي في القطاع تهجير الغزيين منه، فإنّ شهر تل أبيب “سيف الاستيطان” وتوسيع البؤر الاستيطانية وشرعنتها في الضفة هي “لغاية في نفسها”، ألا وهي القضاء كلياً على حلم إقامة دولة فلسطينية كاملة الأوصاف، فصنّاع القرار في تل أبيب لم يجدوا أي وجل في المجاهرة بأن الخطوة، التي وصفوها بالتاريخيّة، ترمي إلى تعزيز السيطرة الاستراتيجية على كافة أنحاء “يهودا والسامرة”، وهو المصطلح الإسرائيلي الرسميّ الذي يُستخدم للإشارة إلى الضفة الغربية، وإلى الحؤول دون قيام الدولة الفلسطينية الموعودة.

“عرّاب الاستيطان”

لطالما اعتبر العقل الإسرائيلي أنّ بناء المستوطنات السكنية يشكّل حاضنة شعبية وصمّام أمان للنقاط العسكرية، وهي سياسة انتهجتها إسرائيل منذ احتلالها صحراء سيناء، حيث كانت تقيم نقاطاً عسكرية على أراضٍ مصرية بعد طرد أهلها منها، قبل أن تنشئ حولها تجمّعات سكنية، لتكون بيئة حاضنة للجيش الإسرائيلي. وفي الخطوة الاستيطانية التي كُشف النقاب عنها الخميس، اعتبرت الدولة العبرية أن هذه الوحدات الاستيطانية الإضافية تحمي المدن في الداخل الإسرائيلي وتشكّل لها منطقة عازلة.

ووزير المال المتطرّف بتسلئيل سموتريتش الذي يُعتبر “عرّاب الاستيطان” في الضفة الغربية وحاملَ لوائه، لطالما كان مغالياً في مواقفه المتزمّتة على نتنياهو نفسه، وهدّد ائتلافه الحكوميّ. وفي هذا السياق، تحدّثت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن سموتريتش وافق على إدخال فتات المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة في مقابل شرعنة “الكابينت” 22 بؤرة استيطانية في الضفة وتحويلها تدريجياً إلى مستوطنات رسمية.

وهذه المقايضة، إن صحّ وصفها، تعيدنا بالذاكرة إلى واقعة إبرام وقف إطلاق النار في غزة قبل أشهر بين تل أبيب وحركة “حماس”، عندها هدّد سموتريتش بالانسحاب من الائتلاف الحكومي اعتراضاً على الخطوة، فأرضاه نتنياهو بشنّ حملة عسكرية واسعة على عدد من مخيّمات الضفة، بعد يومين فقط من توقيع اتفاق وقف النار في القطاع. ولا ريب في أن سموتريتش يعوّل على قرارات التمدّد الاستيطاني التي تكسبه شعبية كبيرة في صفوف اليمين الإسرائيلي، وهو لطالما اتّكأ عليها لشدّ عصب المتطرّفين، قبيل أي انتخابات.

تطهير عرقي ممنهج

سياسة الاستيطان ليست جديدة على صنّاع القرار في تل أبيب، بل هي سياسة عابرة في تاريخ الدولة العبرية، وتوارثتها الحكومات من جيل إلى جيل، بيد أنها في الوقت الراهن، وبالتوازي مع ما يحصل في غزة، قد ترقى إلى تطهير عرقي ممنهج، وهي مقرونة بخلفية دينية للاستيطان، تهدف في نهاية المطاف إلى وضع اليد بالكامل على “يهودا والسامرة”.

وإذا كان تاريخ الحكومات السابقة حافلاً بسياسات قضم أراضي الفلسطينيين، فإن الاستيطان في عهد الحكومة الحالية توسّع كثيراً وتعمّق. وبلغة الأرقام، تمّت المصادقة في عام 2024 على بناء 10 آلاف وحدة استيطانية في الضفة، بيد أنه في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من عام 2025 تمّت المصادقة على العدد نفسه.

فضلاً عن ذلك، يعتقد المستوطنون المتطرّفون، الذين لا يفوّتون فرصة للتنكيل بالمزارعين الفلسطينيين وجرف أراضيهم بأشجارها المثمرة، أنها فرصة تاريخية يستطيعون من خلالها تغيير معالم الضفة الجغرافية لناحية تقطيع أوصال الوجود الفلسطيني، ومن الجانب الديموغرافي يرنون إلى مضاعفة أعداد المستوطنين، من أجل السيطرة السياسية والقانونية على أراضي الضفة، لأن العامل الديموغرافي المتمثّل بارتفاع نسبة الولادات لدى الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي يقضّ مضجع الإسرائيليين، ويشكّل الهاجس الأبرز الذي سيرافق، لا بل سيهدّد حتماً الأجيال العبرية المقبلة.

تابعنا عبر