
ليا القزي – الاخبار
لكلّ انهيار أو حرب «تُجّارها» الذين يستفيدون من تدهور الأوضاع لتأمين خلاصهم. هؤلاء كُثر في لبنان، من بينهم يُمكن الحديث عن تُجّار وصناعيين يستغلون تصدير السلع وفتح اعتمادات لاستيراد المواد، بُغية «تهريب» الدولارات إلى الخارج. تصرفاتهم تزيد في استنزاف العملة الصعبة وارتفاع العجز في ميزان المدفوعات، وضرب الاقتصاد المحلّي. ولكنّ المُصدّرين يُبرّرون بأن «لا ثقة» بالقطاع المصرفي
جمعيّة الصناعيين: نحن بحاجة إلى ضمانة لا إلى تحفيزات
انطلقت فكرة فرض إعادة «الدولارات الفريش» من وزارة الاقتصاد، وتحدّث بها المدير العام للوزارة، محمد أبو حيدر أمام وفد من جمعية الصناعيين، قبل أن تنتقل إلى طاولة بحث المجلس المركزي لمصرف لبنان. تُحاول الدائرة القانونية في «المركزي» إيجاد الآلية التطبيقية لمثل هذا القرار، «الذي يُعارضه الصناعيون والتجار»، بحسب المعلومات. لكنّ نائب رئيس جمعية الصناعيين، زياد بكداش، يقول «لا نعلم بهذا الطرح وما إذا كان سيُطبّق». يُشير إلى «الأخبار» إلى أنّه «ليس كلّ الصناعيين يستفيدون من المواد الأولية المدعومة، والعدد الأكبر من الذين يُصدّرون بضائعهم يُحوّلون أرباحها إلى لبنان». نسبة الذين يُودعون أموالهم في حسابات مصرفية خارجية «لا تتعدّى الـ 10%، وهؤلاء نيتهم ليست سيئة، فإما أنّهم يتركونها في الخارج لتمويل استيراد المواد الأولية، أو بسبب غياب الثقة بأن لا تُبدّد المصارف الدولارات الطازجة ولا تحتجزها كما فعلت مع الودائع». الأساس بالنسبة إلى بكداش هو «إصدار قانون يضمن للتاجر أو الصناعي أو أي مواطن حصوله على الدولارات الطازجة». في الأشهر الماضية، تواصلت جمعية الصناعيين مع مصرف لبنان «وشدّدنا على ضرورة إقرار قانون الكابيتال كونترول لأنّه عامل ثقة، ويومها وعدنا الحاكم رياض سلامة بأنّ القانون سيصدر بغضون أسبوعين. لم يطرأ شيء بعد». يستفيد الصناعيون من أزمة القطاع المصرفي لرفض إعادة الدولارات إلى لبنان، «تقديم تحفيزات لا يعيد الأموال، بل توفير الضمانة».
من جهته، يُعارض الخبير الاقتصادي روي بدارو بالمطلق سياسة الدعم «لأنّها هرطقة اقتصادية»، ومن ضمنها دعم استيراد المواد الأولية، «مع إمكانية التفريق بين الصناعي الذي يُصنّع للسوق اللبنانية والمُصدّرين». يتحدّث عن «الكلفة والمنفعة»، ليقول إنّ «المصاريف الأساسية في لبنان مدعومة، وكلفة اليد العاملة انخفضت، فيما الأرباح الصناعية ترتفع عند التصدير، ما يُعطي الصناعيين المُصدّرين قدرة تنافسية أكبر. الأمر بحاجة إلى سياسة تمويلية لا إلى دعم». لا يرى أنّ قرار إجبار المُصدّرين على إعادة الأموال سيكون فعّالاً، «بإمكانهم اللجوء إلى أكثر من حيلة، فضلاً عن عدم وجود أجهزة إدارية قادرة على تنفيذ أي سياسة. إذا لم تتمكّن لجنة الرقابة على المصارف في السابق من مراقبة مخالفات المصارف، فكيف سيتم ضبط حركة التجار والصناعيين؟».
دولٌ عديدة تلجأ إلى «ضبط» المُصدّرين المُستفيدين من الدعم المُقدّم لهم. يذكر أستاذ العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال ــــ الجامعة اللبنانية، ألبير داغر أنّ منها من «يوقّع عقداً تشترط فيه على الذين يحصلون على الدعم إعادة إيرادات التصدير، فيستفيد منها اقتصاد البلد». الغاية من ذلك، «إدخال العملة الصعبة بما يُعزّز ميزان المدفوعات، ودعم الإنتاج المحلي، وبالتالي العمالة الوطنية»، مع إشارته إلى أنّه في لبنان لم تكن عوائد التصدير هي المصدر الأهم للحصول على العملة الصعبة، «فكان هناك تحويلات المغتربين، وعوائد القطاع السياحي، وما سُمّي استثمارات خارجية هي عبارة عن ودائع مصرفية أجنبية أو عقارات اشتراها رأس المال الأجنبي».