منير الربيع – المدن
ميقاتي الإيجابي
ويحاول ميقاتي أن يسير بين النقاط. يؤكد أنه لم يُكلَّف كي لا ينجح في التشكيل، ويسعى في سبيل ذلك إلى أقصى الحدود. ومنطقياً لا يمكن لشخص أن يكلف برئاسة الحكومة فيرفض التشكيل، بل يستبسل في سبيل ذلك.
والعقبة الأساسية أمام ميقاتي هي شروط رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحرّ. وعون أعلن أنه مستعد للتعاون مع ميقاتي. ولكن من غير المعروف بعد كيف يكون هذا التعاون، وإذا ما كان عون مستعداً لتقديم التنازلات المطلوبة، أم أنه يريد من الرئيس المكلف تقديم التنازل؟ ويمكن أن يظهر ذلك في اليومين المقبلين. إذ يفترض أن تتضح وجهة مسار التشكيل وطريقة تعاطي القوى المختلفة معه.
يصرّ ميقاتي على تأكيد وجود أجواء إيجابية، وتطابق نسبي في وجهات النظر. وهو قد أكد أن الحكومة قد تكون قريبة. يأتي هذا الكلام فيما تؤكد مصادر متابعة لـ”المدن” أن رئيس الجمهورية كان مصراً على مبدأ التدقيق الجنائي وخصوصاً في مصرف لبنان. وتؤكد المعلومات أن عون يريد محاسبة الحكومة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقد شدد أمام ميقاتي على ضرورة محاكمة سلامة، وإقالته خلال فترة قريبة. وتكشف مصادر متابعة أن عون يضع تاريخ 5 آب موعداً لمحاكمة سلامة وإصدار حكم قضائي بحقه. وبحال أراد ميقاتي تشكيل الحكومة، فعلى هذه الحكومة أن تتخذ القرار المناسب في إقالة سلامة، عملاً بالقرار القضائي، وتعيين البديل منه. ربما يكون هذا أحد الشروط الأساسية لدى عون، والتي يتمكن ميقاتي من تشكيل الحكومة بحال نجح في تلبيتها. هنا، لا بد من الإشارة إلى أن الاجتماع الأول بين عون والحريري بعد تكليفه، وضع فيه عون هذا الشرط، لكن الحريري رفضه. ولا بد أيضاً من طرح سؤال أساسي حول هذه المعلومات، وما إذا كان ميقاتي المدعوم من قبل الفرنسيين سيسير بهذا المسار. خصوصاً أن المعلومات تؤكد أن باريس ومنذ إطلاق مبادرتها، كانت تفضل تعيين حاكم مصرف مركزي جديد بدلاً من سلامة، وهو سمير عساف. هنا تكمن العقدة الحقيقية أمام تشكيل الحكومة واستعداد ميقاتي لتجاوزها إن أراد التشكيل، فيما العُقد الأخرى حينها يسهل تجاوزها.
ماذا عن عون باسيل؟
على ضفة التيار العوني لم يتغير أي شيء جدّي. المنطق نفسه الذي استخدمه التيار مع الحريري يكرره مع ميقاتي، لناحية الادعاء بتسهيل التشكيل، من دون المشاركة وبعدم التسمية، وتاركاً مسألة منح الثقة إلى مرحلة لاحقة. وقد يكون ذلك فتحاً لباب التفاوض. فيعمل باسيل على تظهير نفسه خارج المنظومة. وهو ما سعى إلى تأكيده بعد الاستشارات في مجلس النواب، ويكون لذلك مردود شعبي انتخابي.
أما سياسياً، فيسعى باسيل إلى تحقيق شروطه من خلال رئيس الجمهورية. وهذا من حيث الشكل. أما لجهة المضمون، فأمام ميقاتي احتمالان: إما التنازل للتشكيل، أو الثبات على موقفه. وهنا لا بد من مراقبة موقف عون وباسيل، وهل لديهما الاستعداد للتنازل لتشكيل آخر حكومة في عهد عون؟
وعون قال لميقاتي إنه يريد إنقاذ عهده، بتشكيل الحكومة. وفي حال قدم مع صهره التنازلات، يعني أنهما أضاعا 9 أشهر، رفضا فيها تقديم تنازل للحريري، بسبب مشكلتهما الشخصية معه. أما في حال رفضا التنازل فيتحملان مسؤولية التعطيل. وهنا تقول بعض الأوساط السياسية إن ميقاتي قد أعطى ضمانات متناقضة لكل القوى السياسية، وهو يتحرك في هذا الملعب في مساعيه كلها.
حزب الله وتسميته ميقاتي
الاختلاف الثاني هو موقف حزب الله، الذي سمى ميقاتي في الاستشارات الملزمة. ولهذا تفسيران أيضاً: الأول، أن الحزب أصبح يريد حكومة، وأراد إحراج عون وباسيل، وبمجرد تسميته رئيساً مكلفاً يعني أنه يدفع بقوة في اتجاه تشكيل الحكومة. وهذا يحرج عون وباسيل ويجعلهما وحيدين إذا أرادا التعطيل.
أما التفسير الثاني، فيقول إن حزب الله سمى ميقاتي كي يؤكد حرصه على الإيجابية، ورفض الفتنة السنية–الشيعية. ولكن أراد القول للجميع أيضاً إنه لا يريد أن يضغط على حلفائه، بل هو أقدم على القيام بما يلزم لناحية التسمية، ولكن لا داعي لإحراجه أو تحميله مسؤولية التعطيل، في حال رفض عون وباسيل ذلك. وهناك من يعتبر أيضاً أن تسمية حزب الله لميقاتي قد تضره خارجياً ولا سيما خليجياً، لأن ذلك يقدم تصوراً أن الرجل هو مرشح حزب الله.