شعار ناشطون

تأثير بث النزاعات المسلحة على الأطفال مع إنعدام أفلام الصور المتحركة عن التلفزيون وغياب دور هيئات الرقابة والحفاظ على الناشئة.

24/01/23 11:01 am

<span dir="ltr">24/01/23 11:01 am</span>

كتبت ليلى دندشي

أصبحت أحداث القتل والإبادة والتدمير التي تسببها الحروب والنزاعات المسلحة من المشاهد المألوفة التي تبثها القنوات التلفزيونية في العقد الأخير وبشكل أخص مشاهد إنطلاق الطائرات والصواريخ من قواعدها حتى إصابة أهدافها وما تحدثه من فواجع وآلام ودمار إضافة إلى صور الأشلاء والمصابين.

وزاد من خطورة ما يتم بثه هو تلك الأفلام التي توثّق مشاركة أطفال لا يتجاوز سن الواحد منهم العشر سنوات والذين يتم “تطويعهم” من قِبل بعض الجيوش وتدريبهم على الأعمال القتالية وبصورة خاصة ما يتعلق بإستخدام القنابل اليدوية على إختلاف أنواعها، وإقدام بعض التنظيمات المسلحة على التعامل مع أهالي البلدان التي تحتلها على مقايضتهم وتسليم أبنائهم إلى قوات الإحتلال مقابل “حفنة” من المواد الغذائية وفي حال رفضهم الخضوع لهذه “الجرائم الموصوفة” أن يدفعوا ثمن ما يحتاجونه من غذاء ومأكل أموالا طائلة لا يستطيعون تأمينها أو سوقهم إلى سجون الإحتلال حيث يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب، تماما كما هو الحال في اليمن وفي بعض البلدان الأفريقية وكذلك في دول تخضع للإحتلال في مناطق شرقي آسيا.

كل ذلك يحصل حيث تتبارى الأجهزة التلفزيونية وخاصة العالمية في نقل جرائم هذه الأحداث لتعمد من ثم التلفزيونات المحلية على نقل هذه التفاصيل دون أن تراعي مخاطر وإنعكاسات هذه المشاهد على نشأة الأطفال وصغار السن إناثا وذكورا الذين يدفعون هم ثمن هذه المشاهد مع تقدمهم في السن وبقاء هذه الصور المأساوية عالقة في أذهانهم ولتتراكم على إمتداد الأيام ليصبح عددها بالآلاف وكلها تقريبا تمثل مشاهد القتل المجانية والتي تجري بدم بارد .

والأعجب من كل ذلك هي التحولات التي طرأت على نوعية ألعاب الأطفال لاسيما خلال الأعياد الموسمية حيث باتت الأسلحة البلاستيكية التي تمثل البنادق والمسدسات هي التي يسارع الأطفال إلى إقتنائها ويستخدمونها كالكبار تماما مع إختلاف واحد هو غياب “الخرطوش القاتل” بينما المستخدم في ألعاب الصغار هو مجرد ألعاب صوتية تقذف ماء أو دخانا ولكن تبقى الخطورة هي أن الطفل قد دفعته التلفزيونات ليتخلى عن براءته ويسلك طريق الإنخراط في العنف.

ونقلا عن العديد من العسكريين ومراكز البحوث فإن الصراعات قد تطورت في المدة الأخيرة وفي مختلف أنحاء العالم وتدل الإحصائيات وتحليل مضامينها من حيث حدتها وإتساعها، ففي الفترة من 1989 حتى نهاية القرن (عام 2000) كان هناك 111 نزاعا مسلحا في 74 موقعا حول العالم، ويصف الخبراء هذه النزاعات طبقا لحدتها، فبعضها صغير (15 نزاعا) في حين ان عدد هذه الصراعات المسلحة إرتفع 9 بعد عام 2000 وبعضها وصل إلى مرحلة الحرب وبلغ عددها 18، وهذا إن دلّ على شيىء فإنما يدل على حجم ما تم تداوله من صور ومشاهد قتالية ومأساوية وأحيانا كثيرة همجية عمّا شهدته هذه الحروب وما تم نقله عبر شاشات التلفزة ليكون تحت أعين أطفالنا وشبابنا وشاباتنا ولكي نفكر ولو لثوان عن حجم هذه الاضرار التي أدخلناها من حيث ندري أو لا ندري في عقول وتصرفات وسلوك أطفالنا؟؟

أما في فلسطين وهذا شأن آخر حيث تبث لنا الفضائيات يوميا ما يواجهه الأطفال الفلسطينيون من صنوف العذاب بأشكاله المتعددة والمتكررة يوميا، فقد أعلن مركز المعلومات الوطني الفلسطيني في إحدى وثائقه أن هناك أكثر من 550 شهيدا من الأطفال دون سن 18 عاما و505 معتقلين من الأطفال وأكثر من 2000 طفل مصابين بجراح نتيجة الإجتياح الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في المدة من 29 أيلول 2000 وحتى 31 تموز 2002 كل ذلك بسبب النزاع المسلح في الأراضي الفلسطينية.

وهنا لا بد من الإشارة أن هذه الجرائم التي تعرض ويتعرض لها شعب شقيق، لم تدفع بأبناء الأمة العربية وخاصة الشباب منهم والشابات لنجدة ما يعانيه أبناء فلسطين المحتلة، حتى أن التحرك لم يرتق إلى درجة إطلاق المسيرات والتظاهرات في مدننا وعواصمنا العربية للإحتجاج على وحشية العدو الإسرائيلي وعلى الأقل للفت نظر أبنائنا إلى معاني ومخاطر هذا الإجرام الصهيوني.

أما في لبنان نجد إسرائيل وبسبب إعتداءاتها المسلحة المتكررة على لبنان، ودائما وفق إحصائيات المصادر العربية المعنية، غالبا ما تنشر قنابل من أنواع مختلفة في مناطق الإعتداءات بعضها بشكل ألعاب خاصة للأطفال تنفجر عند تحريكها، كما أنها تزرع مساحات من مناطق زراعية آهلة بالسكان بالألغام في قضاءي راشيا والبقاع الغربي اللبنانيين وحدهما، وخلال الإبادة الجماعية في روندا عام 1994 قُتل ربع مليون طفل وفي عام 1999 إضطر مواطنو كوسوفا إلى الخروج من منازلهم بسبب التطهير العرقي مشردين ومنفصلين عن عائلاتهم وجُرّدوا من كل شيىء حميم لديهم.

من هنا يجد الرجال والنساء كما يجد الأطفال انفسهم في أتون النزاعات والحروب والعنف وتدفع المجتمعات الثمن غاليا في بؤر النزاعات المختلفة التي تشوب هذا العالم وتلبد سماءه الغيوم السود وتحول دون صفو الحياة ذلك أن تاثيرات تلك النزاعات تفعل فعلها بصورة مباشرة وغير مباشرة، فإذا كانت عمليات النزاع تفعل فعلها بصورة مباشرة وغير مباشرة فإن وسائل الإتصال الجماهيري بما فيها التلفزيون تُحدث تأثيراتها بصورة غير مباشرة وخاصة في الأطفال وذلك ان التلفزيون ينشر في هذه الأحوال جوا قوامه العنف الناجم عن فعاليات شتى بما فيها عنف النزاعات المسلحة.

وبالطبع فإن إنعكاس ذلك يقع برمته على أطفالنا ويزداد تأثير تلك الأحداث والجرائم والمشاهد التي يتم تداولها بصورة شبه دائمة على شاشات التلفزة التي إبتعدت مؤخرا عن بث كل ما يتعلق بعالم الأطفال من صور متحركة أو أفلام خاصة بعالم الأطفال بالرغم من أن القوانين المرعية الإجراء المتعلقة بالبث الفضائي قد ربطت بين الترخيص لهذه التلفزيونات وبين فرض إلتزامها بأن تبث لمدة ساعة على الأقل يوميا أفلاما خاصة بهذه الفئة العمرية.

وبالطبع فإن هذه المسألة بل هذه القضية الوطنية والإنسانية بإمتياز هي من مسؤولية اللجان والهيئات والجمعيات التي تعنى بعالم الأطفال لتتحرك في هذا المجال وتضغط بإتجاه المسؤولين لتصحيح ما تم حذفه من برامجهم التوعوية مقابل زيادة مساحة كل ما يتعلق ببث ما يناسب شركات الإعلانات فقط لا غير. فهل هم فاعلون؟؟.

تابعنا عبر