“حقِّق الأرباح من خلال مشاركة محتوى عالي الجودة. كلما زاد تفاعلك مع المستخدمين في X، زادت أرباحك”.
هذه كلمة السر حالياً للكثير من الحسابات في منصة “إكس” التي اشتراها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، وحوّلها إلى منصة “تدعم حرية التعبير”، كما يزعم، مضيفاً خاصية تحقيق الأرباح من الحسابات.
وكان ماسك أطلق خاصيته الجديدة في آذار/مارس 2023، ثم ألغى العلامة الزرقاء التي منحتها “تويتر” لتوثيق الحسابات بعد شهر واحد، بحجة أنّ الإدارة السابقة كانت تمنح هذه العلامات وفق المحسوبيات ومعايير غير واضحة.
وبعد ذلك، أطلق ماسك خاصية لتحقيق الأرباح لأصحاب الحسابات الموسومة بالعلامة الزرقاء، في تموز/يوليو من العام نفسه.
زيارة نتنياهو
ولم يعد توثيق الحساب بالعلامة الزرقاء يتطلب توثيق الهوية أو أي معايير، بل كل ما على المستخدم، هو أن يدفع. وتصل نسبة الدفعة الشهرية لإبقاء الحساب مضاءً بالعلامة الزرقاء، نحو 7 دولارات أميركية شهرياً، على أساس الاشتراك السنوي.
سرّح ماسك فريق حقوق الإنسان الذي عمل مع “تويتر” على معايير مجتمع المنصة، وحماية حرية التعبير ومعالجة المواضيع الشائكة، مثل خطاب الكراهية، والمعلومات المضللة، وذلك في العام 2022 بعد أسابيع على شرائه “تويتر”. ووعد ماسك بأّن منصّته التي تحول اسمها إلى “إكس” ستكون منصة لحرية التعبير وأنها ستدافع حتى بأموالها عن حرية التعبير.
لعل ما نشر في “إكس”، ساهم في نشر أهوال المجازر المروعة، مما أثّر في الرأي العام العالمي، قبل أن يزور ماسك بنيامين نتانياهو في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بُعيد 7 أكتوبر، لتصبح السردية الإسرائيلية هي الرائجة، وسط تضييق على المحتوى الذي ينشر حقائق المجازر في غزة، سواء بالإقفال أو بالحظر الخفي (shadowbanning).
حتى أن صحيفة الغارديان البريطانية أعلنت قبل أيام انسحابها من منصة “إكس” بسبب الكراهية والمعلومات المضللة، وهذا السبب نفسه الذي يدفع بالملايين إلى مغادرتها نحو منصات مثل “بلو سكاي” التي أسسها مؤسس “تويتر” جاك دورسي، وحتى “تيك توك” وغيرها.
منصة جذّابة
لكنّ “إكس” تبقى حتى الآن، منصة جذابة بسبب تصميمها وخوارزميتها، لا سيما للباحثين عن الأخبار السريعة والتفاعل المباشر. كما تضم المنصة الكثير من الحسابات للسياسيين وصناع القرار والصحافيين والناشطين.
توفر “إكس” كذلك صفحة نشر سلسة، وسريعة، تعتمد على وقت النشر وكذلك على التفاعل، وفق تصنيفات تعتمد على المحتوى الذي تتابعه كمستخدم، أو المحتوى الرائج في منطقته، أو الذي يتفاعل معه أصدقاؤه، أو الذي تقترحه الخوارزمية عليه.
زيادة التفاعل وجني المال
خاصية تحقيق الأرباح من التفاعل على التغريدات، أسّست لاقتصاد جديد. يقوم هذا الاقتصاد على توثيق الحساب، ونشر تغريدات حماسية تثير العواطف وبالتالي التفاعل، وحتى التحريض، فالمهم في النهاية هو زيادة التفاعل لزيادة العائد المالي.
ينطبق ذلك على حسابات بأسماء وهمية أو مختلقة تحمل العلامة الزرقاء، وحسابات أخرى حقيقية لأشخاص حقيقيين.
بالنسبة إلى الأشخاص الحقيقيين من أصحاب الحسابات الحقيقية الموسومة بالعلامة الزرقاء، فقد وجدوا في هذا الأمر باباً لجني المال، ولو على حساب الحقيقة، بحيث يستغلون شهرة اسمائهم في مجال معين، صحافة أو قضاء أو عسكر أو ما شاكل، ومن ثم يحترفون هذا النوع من النشر.
ويبدو أن ذلك أثار شهية كثيرين في العالم ومنطقتنا، وراحوا يستغلون القضايا الحالية، لا سيما الإنسانية، مثل الحرب على غزة ومن ثم على لبنان. وقد برزت من بينها حسابات مثل جاكسون هينكل الذي يقول بصراحة أنه يمكن الاشتراك في حسابه أو دفع بدل مادي أقله 3 دولارات، “لكي يستمر في التغريد عن فلسطين”. وقس على ذلك في المقلب نفسه، والمقالب الأخرى.
وبعد 8 تشرين الثاني، عدلت “إكس” شروط مشاركة الإيرادات لمنشئي المحتوى ليصبح لزاماً على صانع المحتوى الذي يريد جني المال عبر “إكس”، أن يستكمل توثيق الهوية، وإلا فلن يكون مؤهلاً للانضمام إلى البرنامج مشاركة الإيرادات.
ولعل هذا سيخفف من إنشاء الحسابات الوهمية التي تربح من “إكس”، لكنه سيبقي على استخدام المحتوى المحرض من قبل أصحاب الحسابات الحقيقية التي تتربح من هذه المنصة، عبر نشر محتوى محرض.
وقبل ذلك، في منصة “إكس”، عمدت الحسابات غير المعروف أصحابها، إلى إنشاء حساب ما يوحي بالانتماء إلى محور ما، ويبدأ هذا الحساب بنشر معلومات ومحتوى محرّض على الكراهية أو العاطفة أو النقاشات الحادة.
وغالباً ما يتفاعل معه المستخدمون المتحمسون على أنه حساب محسوب على المحور السياسي المضاد لهم، بهدف تسجيل نقاط في السياسة والحوار، بينما المستفيد الأول هو صاحب الحساب الذي يريد تحقيق المال. وتُقدر عائدات الأفراد جراء ذلك التفاعل، بآلاف الدولارات.
وبعد فترة، يمكن رصد بعض الحسابات الوهمية التي تُباع وتُشترى، بعد تحقيق عدد معين من المتابعين والتفاعل، تماماً كما يُباع أي عمل تجاري يحقق عائداً شهرياً. وقد يمتلك شخص واحد حسابات عديدة محسوبة على جهات سياسية متناحرة ومتعددة.
كيف يبدأ تحقيق المال من “إكس”؟
تشترط منصة “إكس” أن يكون الحساب الذي يريد جني المال، مدفوعاً، أي أن يدفع اشتراكاً شهرياً يمكنه من الحصول على مزايا عديدة، مثل العلامة الزرقاء، والوصول إلى لوحة تحليل بيانات الحساب، وتفعيل إمكانية الاشتراك في الحساب من قبل مستخدمين آخرين، وإمكانية الدفع مقابل الحصول على محتوى مميز، وغيرها.
وتحدد “إكس” بعض الشروط كي يستطيع الحساب الإنضمام إلى برنامج مشاركة الإيرادات، مثل أن تكون في بلد مدعوم (لبنان ليس من بينها)، ولذلك يوثق كثيرون حساباتهم في أحد البلدان المدعومة، ثم يضعون اسم لبنان في ملفهم الشخصي.
ومن الشروط أيضاً، أن يكون لدى المستخدم حساب نشط لدى معالج الدفع الذي تعتمده “إكس”، وأن يكون لديه حساباً في “إكس”، وأن يظل نشطاً ومتوافقاً مع اتفاقية المستخدم، والاشتراك في X Premium أو المؤسسات المُوثّقة، والحفاظ على عدد معين من مرّات الظهور لمنشوراته التراكمية خلال فترة زمنية محددة، والحفاظ على عدد محدد من متابِعي Premium.
والشرطان الأخيران يفسران سبب كثرة النشر لبعض الحسابات الموسومة بالعلامة الزرقاء، كما ذكرنا وحرصهم على زيادة أعداد المتابعين.