منير الربيع – المدن
في سياق المعلومات الواردة عن التداول في الملف اللبناني خلال اللقاء بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس النظام السوري بشار الأسد.. تتوارد روايات مختلفة لدى الأفرقاء اللبنانيين. وكعادتهم، ينقسم اللبنانيون في تفسير هذه الأجواء التي لديهم، كل في صالحه ووفق منظوره. فحزب الله يعتبر أن كل المسار الإقليمي يصب في صالح مرشحه، فيما خصوم الحزب يعتبرون أن مسار التسويات في المنطقة لا بد أن ينعكس على لبنان. حتى الآن لم يرد أي موقف إقليمي أو عربي يشير إلى دعم أو موافقة القوى العربية على ترشيح سليمان فرنجية. ولو توفر ذلك لكان عدد أصوات فرنجية قد ارتفع ووصل إلى 65 صوتاً، فيما بقيت مشكلة النصاب التي يمكن حلّها بأي طريقة.
زيارة قائد الجيش
في السياق، ثمة انتظار لأي حركة أو خطوة سيقوم بها السفير السعودي وليد البخاري، والذي بدأ حركته على الساحة اللبنانية في زيارة إلى قائد الجيش. وهذه لها معان كثيرة، لا سيما أنه لا يمكن تغييب مسألة الاتفاق على قائد الجيش من كل الحسابات. كذلك ينتظر اللبنانيون النتائج التي يمكن أن تتأتى عن لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكيف سيكون انعكاس ذلك على الساحة الداخلية. فيما دولياً وإقليمياً، تشير المعلومات إلى أن هناك تفاهماً بين الدول الخمس على إعطاء مهلة للتوافق اللبناني قبل 15 حزيران. وبحال لم يحصل ذلك، فلا بد من تغيير الآلية والمقاربة. باريس كانت قد حصلت على هذه المهلة أيضاً طالما أنها تتعاطى مع ترشيح فرنجية بترحيب وحماسة، وتنظر إليه بنظرة الترشيح الواقعي والقابل للتطبيق. ولكن في حال لم يتحقق أي خرق على هذا الصعيد، فسيكون مطلوباً من فرنسا أن تغيّر مقاربتها.
ما قاله بن سلمان
بالعودة إلى ما يتسّرب تباعاً عن لقاء بين سلمان الأسد، تشير مصادر متابعة إلى أن اللقاء تناول مجمل الملفات في المنطقة، بما فيها الملف اللبناني. وتؤكد المعلومات أن بن سلمان كان واضحاً مع الأسد في أنه يأمل الوصول إلى انتخاب رئيس توافقي في لبنان قبل منتصف شهر حزيران. هنا تتكاثر التحليلات بين من يعتبر أن التفسير العملي لانتخاب الرئيس التوافقي هو الذهاب باتجاه التوافق على فرنجية. وآخرون يعتبرون العكس، أن هذا يهدف إلى السعي للاتفاق على شخصية أخرى تحظى بموافقة غالبية اللبنانيين، ولا تمثّل انتصاراً لطرف على الآخر.
ومما ورد في اللقاء أيضاً، ان بن سلمان كان واضحاً مع الأسد بالقول: “نحن نستعد لفتح صفحة جديدة في كل المنطقة، وبالتالي طي صفحات المرحلة الماضية، وهذا يستوجب مقاربات جديدة وأداء مختلفاً، على قاعدة أن من يعد الثاني عليه بالإلتزام أو الوفاء، وإذا نحن قدّمنا وعداً نلتزم به، وبحال أنت قدّمت وعداً فيفترض بك الإلتزام به أيضاً”. يضاف إلى ذلك أيضاً، أن بن سلمان كان واضحاً في القول: “قررنا الانفتاح على المنطقة ككل، والاستثمار فيها، والاتفاق بيننا وبين الايرانيين عميق وجدي وقابل للتطور، وهذا سيكون له انعكاسات على العراق، سوريا ولبنان”.
رد الثنائي الشيعي
من المبكر حتى الآن تلمّس آفاق هذه الصفحة الجديدة وكيف يمكن أن تنعكس. في التزامن مع هذه التسريبات، وعلى وقع ذهاب قوى المعارضة باتجاه الاتفاق على مرشح لمواجهة فرنجية، خرج موقفان متشابهان لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي للرئيس نبيه برّي علي حسن خليل، يشيران فيهما إلى أن ذهاب المعارضة للاتفاق على مرشح هو للمناورة ولإسقاط مرشح الثنائي الشيعي، ويهدف إلى الذهاب للبحث عن مرشح ثالث. وقطع حزب الله الطريق علانية على مثل هذا التفكير. تزامن ذلك مع رسائل واضحة ومباشرة من قبل الحزب تم إيصالها لمن يعنيهم الأمر بهذا الشأن، بأن الحزب يرفض هذا التعاطي، مشدداً على “الحلفاء” ضرورة العودة إلى خيار سليمان فرنجية.
عندما أبلغ السفير السعودي وليد البخاري كل الأفرقاء اللبنانيين بأن المملكة لا تضع فيتو على أي مرشح للرئاسة، هناك من فسّر الموقف في لبنان أن السعودية لا تريد أن تكون في صورة المعرقلة للاتفاق الرئاسي. ولكن كان هناك علم مسبق بأن القوى المسيحية وقوى سياسية أخرى لن توافق. وبالتالي، فإن التعطيل سيكون لبنانياً. هذا ما يدفع بالبعض إلى تفسير الموقف العنيف الذي صدر عن رعد وخليل، على قاعدة أن الذهاب إلى محاولة إيجاد تسوية إقليمية ودولية ترتبط بلبنان، والبحث عن مرشح آخر غير فرنجية، استدعى موقفاً صلباً بالإصرار على التمسك بفرنجية. وبالتالي، أيضاً موقف قوى لبنانية متمسكة بفرنجية هو الذي عرقل الذهاب باتجاه آخر. ما يعني أن مقومات وبوادر التسوية لم تنضج حتى الآن.