
زياد عيتاني – اساس ميديا
في الانتخابات النيابية عام 2022 دعت قيادات “المستقبل” وإن بشكل غير رسمي أنصارها إلى مقاطعة العملية الانتخابية، والذهاب إلى الطريق الجديدة للسباحة في بركة وُضعت في “حيّ البرجاوي”، فغرق أهل بيروت بالخيارات الضائعة بين تغيير لا يجيد التغيير وتقليد يفتقر إلى التجديد، فتوزّعت الأصوات على اللوائح من دون أن تكون لبيروت كتلة نيابية مؤثّرة وآثرة.
في الانتخابات البلدية لعام 2025، التي تستضيفها بيروت غداً الأحد في محطّتها الثالثة بعد جبل لبنان والشمال، يدعو “المستقبل”، من دون إعلان رسمي أيضاً، أنصاره إلى الذهاب إلى الطريق الجديدة مجدّداً. لكنّ هذه المرّة الدعوة إلى السباحة في بركة النائب نبيل بدر وحلفائه من “الإخوان المسلمين”.
إن نجح “المستقبل” في دعوته البلديّة، كما نجح في دعوته النيابية، فستذهب أصوات البيارتة هباء بين لائحة “بدر أكله الحوت” كما تقول الأحجية التي تخبرها الجدّات في كلّ البيوت للأطفال من أجل النوم، وهي لائحة تفقد حظوظ النجاح، وبين التشطيب الذي لن يغيّر في المكتوب، ونتيجته فقط إغراق بيروت في فقدان المناصفة لتتحقّق بذلك أمنيات أعداء وحدة بيروت وستكون هذه النتيجة حجّة للتقسيميين أن يرفعوا أصواتهم مطالبين بتقسيم بلديّة بيروت.
6 لوائح تتنافس
تخوض 6 لوائح معركة بيروت، ولكلّ لائحة هدف ومشروع يسعى مكوّنات تلك اللوائح إلى تحقيقه. فهم يدركون أنّ ما يتحقّق في بيروت آثاره وحجمه تفوق كلّ معقول. المعركة البلدية في العاصمة ليست معركة في قرية بعيدة أو قريبة من الحدود، وليست معركة بين عائلات تسعى إلى إثبات قوّتها أمام باقي العوائل الخصوم. هي معركة يمكن من خلالها صناعة الغد، أو عبرها إلغاء الماضي وإحداث تغيير في كلّ الحسابات والأمور.
ليست المعركة بين السلطة والمعارضة. ليست بين أحزاب وزعامات تقليدية وتغييريّين
1- لائحة “بيروت بتجمعنا”: لائحة يرأسها المهندس إبراهيم زيدان، وتشبه اللوائح التي رسم ملامحها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من حيث إنّها تسعى إلى ضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
لضمان ذلك ضمّت لائحة “بيروت بتجمعنا” الجميع، حلفاء وأضداداً ومتخاصمين. ليس المجلس البلدي ساحة صراع، بل ساحة لضمان هويّة العاصمة التي هي مكان للتعايش ومركز يعانق فيه الهلالُ الصليبَ، وما دامت الصلاحيّات والقرارات والقوّة التنفيذية بيد المحافظ فالأمر لا يعدو كونه مشهداً مسرحيّاً جميلاً للتعايش الوطني.
بيروت
“بيروت بتجمعنا” ضمّت الجميع، وأدار هذه التوليفة نوّاب العاصمة فؤاد مخزومي وفيصل الصايغ وعدنان طرابلسي ومحمد خواجة وأمين شرّي ونديم الجميّل وغسّان حاصباني والهانشاك والرامغفار والطاشناق، ومعهم مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة وغرفة التجارة والصناعة. كلهم اجتمعوا لتحقيق المناصفة ومنع تقسيم بيروت.
2- لائحة “ائتلاف بيروت مدينتي 2025”: يرأسها فادي درويش، ويدعمها نوّاب التغيير في بيروت من دون وضّاح الصادق، ومعهم حليمة القعقور ومارك ضو وفراس حمدان. تقتات هذه اللائحة ممّا بقي عالقاً من التغيير في نفوس وعقول الجيل الجديد. ولشحّ الأسماء والمرشّحين، ضمّت إليها بعض العابرين صدفة أمام مقرّها أو بعض الأصدقاء كصاحب نادي الرياضي الذي يتدرّب فيه أحد نوّاب التغيير.
3- لائحة “بيروت بتحبّك”: هي لائحة نبيل بدر وعماد الحوت، برعاية “الإخوان المسلمين” الذين قرّروا امتطاء اللائحة برئاسة العميد المتقاعد محمود الجمل. تخوض اللائحة المعركة مراهنةً على “تسونامي سنّيّ” ينطلق من أبواب مخيّم صبرا للّاجئين الفلسطينيين ويمرّ بشارع “العراسلة”، ثمّ إلى حيث يتجمّع أبناء الإقليم في الطريق الجديدة. السؤال: هل بإمكان هذا التسونامي تجاوز خطّ كورنيش المزرعة على الرغم ممّا تمّ صرفه وتوزيعه من أموال ودولارات فيها رائحة قطر في رأس بيروت من أجل لوائح المخاتير؟!
تخوض 6 لوائح معركة بيروت، ولكلّ لائحة هدف ومشروع يسعى مكوّنات تلك اللوائح إلى تحقيقه
4- لائحة “أولاد البلد”: هي لائحة فيصل سنّو، والخوف في هذه اللائحة ليس على البلد ولا على أولاده. الخوف كبير على جمعيّة المقاصد التي يراها سنّة لبنان أكبر من البلد. اختار سنّو لرئاسة اللائحة رولا العجوز الجاهزة دوماً في كلّ الاستحقاقات لأيّ منصب وأيّ موقع. هي أشبه بدواء الأعشاب الذي ينفع لكلّ الأوبئة والأمراض والأوجاع، الصغير منها والكبير.
5- لائحة “بيروت عاصمتنا”: هي لائحة صغيرة غير مكتملة يرأسها عدنان الحكيم حفيد نجم حزب النجادة في الستّينيات.وربّما أجمل ما يمكن القول عنها تعليق لأحد البيارتة المعمّرين: “هلّق جايين يحكوا بالليستيرين”.
6- لائحة “مواطنون ومواطنات في بيروت”: هي لائحة غير مكتملة، وأعضاؤها غير معروفين. ما يُعرف عنها أنّها مدعومة من الوزير السابق شربل نحّاس المعروف بأنّ له قرصاً في كلّ عرس. تضمّ مرشّحين يساريّين ومستنكرين ورافضين لكلّ شيء حتّى أن يكون دينٌ بين الناس.
يتوجّه 198 ألف بيروتيّ غداً الأحد للاقتراع في الصناديق. 133 ألف ناخب مسلم و42 ألف ناخب مسيحي، إن حذفنا المغتربين، سيكون بيدهم الحفاظ على وحدة العاصمة أو تقسيمها. الخيار بيد أهل بيروت، مسلمين ومسيحيّين.
ليست المعركة بين السلطة والمعارضة. ليست بين أحزاب وزعامات تقليدية وتغييريّين. المعركة في جوهرها معركة بين المتمسّكين بوحدة بيروت وبين التقسيميّين.