شعار ناشطون

بلديّات “بإشراف” المسيّرات: مسَكْرة في بيروت؟

30/04/25 06:14 am

<span dir="ltr">30/04/25 06:14 am</span>

ملاك عقيل – اساس ميديا

للمرّة الأولى في تاريخ الانتخابات البلدية، وربّما النيابية لاحقاً، يَجرى الاستحقاق البلدي بإشراف المسيّرات الإسرائيلية، وسط مخاوف أمنيّة حقيقية من تكرار سيناريو تنفيذ اغتيالات، في الضاحية أو الجنوب والبقاع، أو ضرب أهداف محدّدة كما حصل أخيراً في منطقة الجاموس، إحدى بلدات المتن الجنوبي “الضاحية”، التي سيجري الاستحقاق البلديّ فيها الأحد المقبل.

تُعلن الأجهزة الأمنيّة جهوزيّتها لكلّ الاحتمالات، فيما طلب لبنان، وفق معلومات “أساس”، من دول اللجنة الخماسية، وتحديداً تلك المعنيّة بلجنة مراقبة تطبيق القرار 1701، “ضمانات” لانتخابات هادئة على مدى الأسابيع الأربعة للاستحقاق في جبل لبنان، ثمّ لبنان الشمالي وعكّار في 11 أيّار، وبيروت والبقاع وبعلبك – الهرمل في 18 أيّار، ولبنان الجنوبي والنبطية في 24 أيّار.

لكن على الرغم من الهاجس الأمنيّ، والخوف من توسّع رقعة الاعتداءات الإسرائيلية، لا شيء يطغى على وهج معركة بيروت، ومعارك تكسير الرؤوس في أكثر من بلدة في جبل لبنان، وما تحمله من مؤشّرات سياسية قد تحكم الانتخابات النيابية أيّار 2026، أو تنقلب عليها.

في المقابل، مشاريع التزكية “شغّالة” في الجنوب، وزحلة تستقطب الاهتمام بقاعاً، فيما يواجه “الحزب” عقبات حقيقية لتحقيق التوافق في بلديّة بعلبك، ومجلس بلديّة طرابلس المؤلّف من 24 عضواً (على غرار مجلس بلديّة بيروت) يتوزّعون بين 20 عضواً سنّيّاً، 2 مسيحيين و2 علويين، يستعدّ لاحتمال تكرار واقعة الانتخابات البلدية السابقة بوصول 24 عضواً سنّياً.

تقول أوساط بيروتيّة متابعة للملفّ البلدي: التوافق في بيروت لا يزال متعثّراً، لكنّ الجميع محكوم به

برّي: التّوافق ثمّ التّوافق

تقول مصادر نيابية لـ”أساس” عن خلاصة جلسة الهيئة العامّة لمجلس النواب في 24 الجاري، التي انتهت بإحالة الرئيس نبيه برّي كلّ اقتراحات القوانين البلديّة إلى لجنة خاصّة لإعادة درسها: “في جلسة التعديل حُسِم اللاتعديل. الرئيس برّي كان ولا يزال على رأيه في تكريس التوافق. ورئيس الحكومة نوّاف سلام كان صريحاً بطلب إرجاء البحث بكلّ القوانين وسحبها من دائرة النقاش في الهيئة العامّة. لكنّ خطورة الجلسة تكمن في أنّها عكست تأجيج العصبيّات الطائفية في الوقت الخاطئ جدّاً، وهناك مخاوف فعليّة لدى بعض المرجعيّات من حصول ردّة فعل “طائفية” مضادّة في يوم الانتخاب، على رفض النقاش بصلاحيّات محافظ بيروت”.

بيروت

صحيح أنّ الرئيس برّي حدّد مهلةً لتكريس التوافق “الضامن” للمناصفة في بلديّة بيروت، وإلّا فسيدعو إلى جلسة أخرى قبل 18 أيّار، لكنّ المصادر النيابية تشير إلى أنّ “برّي رافض لتكريس التمييز المناطقي باعتماد اللوائح المقفلة فقط في بيروت، فيما سمع بوضوح اعتراضاً سنّياً على هذا التوجّه، الذي يتجاوز “حقوق السنّة” في دوائر أخرى كما في زحلة وبعلبك، في مقابل اعتراض مسيحي كبير على المسّ بصلاحيّات المحافظ، وحتى رفض النقاش في المداورة الطائفية بين رئيس مجلس البلديّة السنّيّ والمحافظ الأرثوذكسيّ”.

تضيف المصادر: “باختصار، لا يرغب الرئيس برّي بالدخول في دوّامة تعديل قانون البلديّات، وتأجيج الاصطفافات الطائفية مجدّداً، تاركاً هذا الأمر للدورة الانتخابية المقبلة مع سلّة من الإصلاحات، فيما يمرّ الجنوب بمرحلة صعبة جدّاً، زادها تشنّجاً صراع العائلات والأحزاب على المقاعد البلدية”.

للمرّة الأولى في تاريخ الانتخابات البلدية، وربّما النيابية لاحقاً، يَجرى الاستحقاق البلدي بإشراف المسيّرات الإسرائيلية

في هذا السياق، تقول أوساط بيروتيّة متابعة للملفّ البلدي: “التوافق في بيروت لا يزال متعثّراً، لكنّ الجميع محكوم به. فهناك كتلتان قادرتان على توفير الحصانة لهذا التوافق: الكتلة الشيعية بإدارة الرئيس برّي، وكتلة “الأحباش”. في المقابل، هناك بحث جدّي عن اسم بديل لبسّام برغوت يكون مرشّحاً للّائحة التوافقية، لكنّ الأوساط تعترف بصعوبة المهمّة. مسيحياً، هناك إصرار من جهة “الأحباش” وحلفائهم الجُدد على عدم وجود تمثيل حزبي للأحزاب المسيحية. أمّا صراع “القوّات” و”الكتائب” ضدّ “التيّار الوطني الحرّ” في دائرة بيروت الأولى فهو في أوجه”.

نيكول vs ميرنا

في المقابل، في انتخابات 4 أيّار التي ستدشّن “الماراتون” البلديّ، ثمّة وقائع معبّرة يجدر التوقّف عندها:

– في المتن الشمالي تُستنسَخ اللعبة التقليدية في صراع العائلات المغطّى بقشرة سميكة لصراع الأحزاب المسيحية، خصوصاً “التيار الوطني الحرّ” و”القوّات” و”الكتائب”، إضافة إلى سطوة “الريّاس” المحسوبين على إمبراطور المتن السابق الراحل ميشال المر، وبعض رؤساء البلديّات الذين تحوّلوا إلى حكّام بأمرهم الأحزاب بحاجة إليهم وليس العكس.

يمكن اختصار المعركة بالهدف “الذهبيّ”، أي الفائز برئاسة اتّحاد بلديّات المتن الشمالي البالغ عددها 34، حيث تندرج كلّ المعارك تحت سقف المواجهة الكبرى لاحقاً بين ميرنا ونيكول! إذ إنّ رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل يخوض كباشاً لإيصال شقيقته نيكول إلى رئاسة اتّحاد بلديّات المتن، في مقابل تمسّك آل المر ببقاء ميرنا المر، ابنة الراحل ميشال المر، في هذا الموقع المستمرّ منذ عام 1998.

هو واقع قاد إلى وجود شبه معسكرَين في معظم البلديّات: قوّاتي- كتائبي مقابل تحالف “التيار الوطني الحرّ” وآل المر، وفي بلدات أخرى وقوف “القوّات” في مواجهة الأحزاب المسيحية، في ظلّ حسابات براغماتية للطاشناق.

المصادر النيابية تشير إلى أنّ برّي رافض لتكريس التمييز المناطقي باعتماد اللوائح المقفلة فقط في بيروت، فيما سمع بوضوح اعتراضاً سنّياً على هذا التوجّه

– في المتن الجنوبي علامة فارقة تتجلّى في ما يُشبِه انسحاب “القوّات” من حلبة المواجهة في بلدة الحدت، التي لطالما شهدت معارك نيابية وبلدية أقرب إلى تكسير الرؤوس بين “التيار” و”القوات”. ويمكن التسليم بأنّ أداء رئيس البلدية الحالي جورج عون أحرَجَ “القوّات” غير القادرة علناً على خوض مواجهة ضدّه إنمائياً، أو لجهة ترجمته حرفيّاً لقضيّتين: منع بيع الأراضي في “الحدت” المتاخمة للضاحية الجنوبية، وجعل “الحدت”، بجهتها المسيحية، منطقة خالية من أيّ نوع من النزوح السوري.

معركة جونية

– ترتدي المعركة البلديّة في جونية، مركز الثقل الأساس في كسروان، طابعاً سياسياً حادّاً لن يكون منفصلاً عن تموضعات الانتخابات النيابية. مقابل نتائج انتخابات 2016 التي كسب فيها “التيار الوطني الحرّ” المعركة، مع دعمه رئيس البلدية جوان حبيش، في وجه لائحة ضمّت “القوّات” والنائبين نعمة إفرام وفريد الخازن والنائب الأسبق منصور البون، ارتسم مجدّداً تحالف يضمّ “القوّات” و”الكتائب” وفريد هيكل الخازن وإفرام والبون، الذي اتُّهم في الانتخابات الماضية بتسريب أصوات للائحة “صديقه” السابق حبيش.

يمكن وصف هذا التحالف بالهجين بسبب العلاقة السيّئة بين نعمة إفرام ومنصور البون. اللائحة برئاسة فيصل إفرام، شقيق نعمة، وهمُّ سمير جعجع من خلالها كَسْر جبران باسيل الذي يدعم تيّاره لائحة سيلفيو شيحا (ابن شقيق زوجة منصور البون)، ويحكمها شرط ضمّ معراب فؤاد البون، نجل منصور، إلى لائحة “القوّات” النيابية في كسروان العام المقبل.

من جهته، انضمّ فريد هيكل إلى لائحة إفرام – “القوّات”، بعد تعذّر الاتّفاق بينه وبين جوان حبيش، على أن تكون رئاسة اللائحة ثلاث سنوات لسيلفيو شيحا، وثلاث سنوات لشقيقه رشيد الخازن. وإلى الاعتبارات السياسية، ستكون هناك معركة كسر عظم شخصية بين نعمة إفرام وجوان حبيش، القادر على “خرق” القوّات والكتائب وإفرام بالعديد من الأصوات، ربطاً بخدماته السابقة في رئاسة البلديّة ونفوذه في جونية.

تابعنا عبر