أسئلة كثيرة طُرحت حول مصير الجلسة المنتظرة لبلدية طرابلس عند السّاعة 11 من قبل ظهر اليوم في قاعة الاستقلال في سرايا المدينة، بدعوة من محافظ الشّمال رمزي نهرا. إذ إن جدول أعمالها يتضمّن بنداً وحيداً هو طرح الثّقة برئيس البلدية رياض يمق، بناءً على كتاب وجّهه 8 أعضاء في البلدية إلى نهرا ووزارة الداخلية بهذا الخصوص، بعد تمديد ولاية المجالس البلدية عاماً إضافياً نهاية أيّار الماضي.
منذ ذلك الحين، توالت السّجالات والتجاذبات داخل المجلس البلدي التي جعلت حالة الشّلل تسيطر عليه، إذ رفض يمق بداية الأمر الاستجابة لدعوة نهرا عقد جلسة لطرح الثّقة بشخصه، قبل أن يدخل وزير الداخلية والبلديات بسّام مولوي على الخط لحسم القضية. تُرجم ذلك بتكليف نهرا، عبر آمر سرية درك طرابلس، مخفر التل إبلاغ الأعضاء بحضور جلسة طرح الثقة بيمق وانتخاب رئيس جديد، التي حدّد نهرا موعداً لها في الأوّل من آب (اليوم)، وهو تبليغ قوبل باستهجان في طرابلس كونه غير مسبوق بهذه الطريقة، وبدا كأنّه محضر جلب للأعضاء الذين رفض 6 منهم الحضور إلى المخفر لتبلّغ الدعوة، بينما حضر 14 عضواً في المجلس البلدي الذي خسر منذ انتخابه عام 2016 أربعة من أعضائه، ثلاثة بالاستقالة وواحدة بالوفاة.
لكنّ يمق رفض الدعوة، واعتبر جلسة طرح الثقة به وانتخاب رئيس جديد غير قانونية وهي «تعود لأسباب سياسية معروفة، ولماذا يحصل ذلك في بلدية طرابلس وحدها دون باقي البلديات في لبنان؟». وقد تقدّم بطعن في قرار مولوي في 23 حزيران الماضي أمام مجلس شورى الدولة، الذي أصدر في 28 تمّوز الماضي (قبل 4 أيّام من موعد الجلسة) قراراً طلب فيه «وقف تنفيذ قرار وزير الداخلية المتضمن الموافقة على انتخاب رئيس ونائب للرئيس»، لكنّه وافق في المقابل على تنفيذ قرار محافظ الشّمال «المتضمّن وجوب دعوة أعضاء المجلس البلدي إلى جلسة تُخصّص لبحث موضوع العريضة المقدّمة من ربع أعضاء المجلس واتخاذ القرار المناسب بالأكثرية».
رئيس لجنة البيئة في البلدية نور الأيّوبي أوضح لـ»الأخبار» أنّ «جلسة اليوم هي فقط لطرح الثقة بيمق، وإذا حصل ذلك كما هو متوقع، فإنّ المحافظ سيُحدّد لاحقاً جلسة أخرى لانتخاب رئيس جديد للبلدية ونائب له». ورأى أنّ «المماطلة في موضوع جلسة طرح الثّقة زادت المشكلة تعقيداً، وأنّ الأزمة الفعلية في البلدية هي عدم وجود رغبة بالعمل، لانتشال البلدية والمدينة من واقعهما البائس»، متوقعاً اكتمال النصاب وحضور 11 عضواً (مطلوب أن يحضر نصف الأعضاء الموجودين زائداً واحداً لتكون الجلسة قانونية)، بالرغم من سفر أحد الأعضاء خارج لبنان».
لكنّ يمق ردّ عن طريق الوكلاء القانونيين له بدعوة نهرا إلى «إلغاء اجتماع الاثنين (اليوم)»، ودعوة أعضاء البلدية إلى «سحب موضوع طرح الثقة من التداول انسجاماً مع قرار وقف التنفيذ، والاتفاق مع رئيس البلدية على برنامج عمل إنقاذي للبلدية خلال المرحلة المقبلة، التزاماً بواجبهم تجاه مدينة طرابلس وأهلها أصحاب المصلحة الحقيقية بوجود بلدية فاعلة ومجلس بلدي متعاون».
وعن التّهم الموجّهة ضدّه قال «إذا ثبت عليّ أيّ تهمة فساد فأنا مستعدّ للاستقالة»، متسائلاً: «أليس معيباً استدعاء الأعضاء إلى المخفر وضرب الفيشة لهم؟». وأشار إلى أنّ وزير الداخلية «لا يوقّع على طلبات السّلف المالية الخاصّة بالبلدية، وهي تعمل باللحم الحيّ»، كاشفاً أنّهم «تواصلوا معي لضبضبة الفساد فرفضت، وقلت لهم إذا عندكم ملفات فساد ضدي فلتبرزوها للناس، وأنا أطالب بمحاكمة علنية أمام الناس لتبيان الحقيقة».
كلّ ذلك جعل مصير جلسة اليوم غامضاً، وفق مصادر مطّلعة أفادت «الأخبار» بأنّ جهات سياسية «تدخّلت من أجل تطيير نصاب الجلسة وتأجيل انعقادها، تمهيداً لكسب مزيد من الوقت للبحث في الموضوع، إمّا بسحبه نهائياً من التداول وإبقاء يمق في منصبه حتى نهاية ولايته، أو الاتفاق على مخرج للأزمة عبر التوافق مسبقاً على انتخاب رئيس جديد للبلدية».