أسعد بشارة – نداء الوطن
للموارنة مع الرئيس نبيه بري، قصص كثيرة لعل أبرزها ثلاثاً: الأولى عندما أخطأ عمداً، في مقابلته التلفزيونية الشهيرة بلفظ إسم البطريرك المؤسس للبنان، الياس الحويك، فخرجت منه كلمة «زويك»، وبسخرية، فنجح في إيصال رسالة واضحة، بأنّ كل قصة لبنان الكبير، رواية وهمية، ستسقط مع الأيام. أتبع ذلك في تصريح آخر، بالتهويل باستبدال الأرزة في وسط العلم، بشتلة التبغ، كأنّه يُمورن الأرزة، ويشيّع شتلة التبغ.
كان ذلك كله في سياق واحد: نبيه بري الحقيقي، يقول الأمور كما هي، قبل أن يتحوّل لاحقاً، إلى نبيه بري اللبناني الصميم، الذي يغالي في لبنانيته، إلى حد أنّه لم يعد أحد يشك، إلا قلائل، بأنّه صمام أمان لبنان، وبوليصة التأمين الوطنية، التي تعكس سلوك الاعتدال.
للرئيس نبيه بري قصة أخرى، مع البطريرك التاريخي للموارنة نصرالله بطرس صفير. إنّها قصة مناورة رئاسية، أشبه بالدعوة إلى الحوار الذي سقط بالأمس. خرج الرئيس بري في إحدى فترات الفراغ الرئاسي، ليقول إنّه يقبل بأي رئيس يقبل به صفير، وانطلقت بعد ذاك حملة ضغوط هائلة، على البطريرك البعيد الرؤية، الذي اشتم رائحة مناورة معتادة. أثمرت الضغوط، ووضع صفير مكرهاً لائحة بأسماء خمسة، كي لا يتم تحميله مسؤولية الفراغ، وكان الرئيس نبيه بري، وللمفارقة، أول الذين تناسوا ما تعهدوا به، واستمر الفراغ. كانت قصة بري مع لائحة البطريرك صفير، شبيهة برواية الحوار التي ابتدعها بالأمس، والتي سقطت بفعل الخبرة التي اكتسبت بعد هذه المناورات.
القصة الأخيرة بين بري والموارنة، قصة الأمس، التي وضع فيها بري مسؤولية الفراغ عند الموارنة، مختزلاً إياهم ببعض المسترئسين المتصارعين على الكرسي.
هي قصة تزوير جديد للوقائع، تطال هذه المرة، حليف حليف بري، ولا تقتصر على حليف الحليف بل تصل الى الكنيسة، مختصرة في طريقها، كل وقائع التعطيل التي مارسها رئيس المجلس و»حزب الله»، اللذان أحكما القبضة على مفاصل الدولة، واللذان يريدان بشكل واضح، وضع فيتو على النظام اللبناني وكربجته بالحوار، وتكريس عرف مفاده، أن لا رئيس ينتخب، إلا على طاولة حوار يوافق فيها الثنائي على الإسم، ولا حكومة تستمر، إذا استقال الثلث المعطل الذي يراد فرضه من جديد، ذلك خشية التغيير المتوقع في موازين القوى.
في الوقت الذي يتحرك المفاوض القطري بدبلوماسية سرية، لتذليل عقدة التمسك بسليمان فرنجية، كي يتم الانتقال إلى البحث بالأسماء، يرمي بري قنبلة دخانية فوق سماء الموارنة، متجاهلاً أنّ التفاوض الحقيقي على انتخاب الرئيس، سوف تفرج عنه طهران، متى شعرت أنّ التوقيت أصبح مناسباً، وأنّ السعر المطروح يعادل التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية.