هنادي عيسى
بعد غياب بعود المخرج السوري باسل الخطيب الى تقديم فيلم سينمائي من بطولة الكبير دريد لحام بعنوان “الحكيم” والتي يواصل فيه رصد معالم إنسانية واجتماعية واقتصادية في سوريا ما بعد الحرب، بالإضافة إلى مشاركة الفنانة الكبيرة صباح الجزائري وعدد آخر من النجوم، وفضّل باسل اختيار مهنة “الحكيم” في الفيلم – الذي استغرق التحضير والتصوير له ما يقرب من عام كامل-، في دلالة وإسقاط واضح على أنه بجانب مهمته ورسالته السامية في معالجة البشر، لكن له دورًا أيضًا في علاج الأزمات التي حلت بالمجتمع السوري بعد الحرب
في حواره مع ” صوت بيروت إنترناشونال” يتحدث باسل الخطيب، عن طبيعة التجربة الجديدة، وحرصه المستمر على متابعة ورصد القضية السورية التي عاشها يومًا بيوم ولم يغادر الوطن فبات مطلعًا على كل التفاصيل التي عاشها المجتمع السوري ليرصدها في أعماله.
والحقيقة أنه تملكتني رغبة في تكرار التجربة مع الفنان السوري دريد لحام، بعد النجاح الكبير لفيلمنا الأول “دمشق حلب”، الذي نال جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، قبل ثلاثة أعوام، إذ عُرض على نطاق واسع في معظم الدول العربية وبعض الدول الأجنبية، وكان الفيلم السوري الأول الذي عرض على هذا النحو منذ أكثر من ثلاثين عامًا، ومن هنا تحمّسنا أنا ودريد، لمتابعة مشروعنا السينمائي سويًا، خصوصًا أننا تمكّنا من تكريس حالة انسجام وتوافق في الأفكار والرؤى، وباتت تجمعنا علاقة شراكة، بالإضافة إلى الصلة الإنسانية الوثيقة
ويضيف “التحدي الأساسي بالنسبة لي كان يكمن في أننا يجب أن نقدم تجربة جديدة مختلفة لا تقل أهمية عن سابقتها، وهذا في حد ذاته تحد كبير، لأن المقارنة لا بد أن تثار بين “الحكيم” و”دمشق – حلب”، فاتجهنا نحو موضوع مختلف بأحداثه وشخصياته ومواقع تصويره، انطلاقًا من فكرة أننا نريد أن نتحدث عن سوريا ما بعد الحرب، لذا قررنا الاقتراب من حياة الناس الذين عاشوا الحرب، لكن آثارها لا تزال باقية وتنعكس بشكل مباشر على سلوكهم وأفعالهم.
والعمل بأكمله استمر لمدة عام تقريبًا، فإعداد السيناريو ودراسته شيء جوهري بالنسبة لنا، ولم يكن ممكنًا أن نبدأ التصوير قبل أن يكون بين أيدينا النسخة المتوافق عليها، بالطبع تحدث لاحقًا بعض التعديلات عندما يتحول المشهد إلى صورة تنبض بالحياة، لكن وجود السيناريو المتماسك والمحبوك جيدًا أحد أهم أسس نجاح المشروع، وهو ما قدمته في الأفلام الثلاثة مع دريد لحام، ومن المفترض أن يُعرض الفيلم الثالث “يومين”، الخريف المقبل، كما يوجد سر يُكمن في أن تصوير هذه الأفلام رغم صعوبة مشاهدها يتم بسلاسة ويسر ودون أي معوقات ومشكلات تذكر
باعتقادي أن العناية الإلهية كانت تحيط بنا طوال الوقت، ربما يتعجب البعض هذا المنطق، لكن هذه هي الحقيقة، فالأفلام كانت تُنجز حتى قبل انقضاء جدول التصوير، وكان يسود العمل أجواءً من الألفة والحماسة لدى الجميع، وكما يقول دريد لحام، إننا في بداية التصوير نكون زملاء، وفي نهايته نصبح عائلة واحدة، والصعوبة الوحيدة كانت تتمثل بالنسبة لي في مواجهة التحدي بأن تكون نتائج التصوير أفضل من قبل، والمبدأ الذي أعمل من خلاله أن أعتبر يوم التصوير هو اليوم الأول والأخير، وهذا يستوجب بالتالي أن أقدم أفضل ما لديّ
وعن ردود الفعل على الفيلم عند عرضه قال: “بالعموم كانت ردود الفعل إيجابية، ومن الطبيعي أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة، وهذا ينطبق على أي عمل فني، فلا يمكن أن يتلقاه الجميع بشكل متشابه، المهم هو أن حالة متابعة الجمهور للفيلم خلال العرض كانت مُرضية، وشعرت أنهم يتابعون بترقب وشغف، هذا ما لمسته عند العرض الأول للفيلم في مهرجان سينمانا الدولي بسلطنة عمان، إذ نال الجائزة الذهبية، وخلال العرض الاحتفالي به في بغداد شهد استقبال أكثر من رائع وقوبل بحفاوة لم نكن نتوقعها.
والفيلم يحمل طابعًا إنسانيًا واجتماعيًا، تتخلله بعض المواقف الكوميدية، لعل أهم رسالة يحملها الفيلم، تأكيده على حالة التكافل واللُحمة المطلوب تواجدها اليوم في مجتمع عاني كارثة حرب غير مسبوقة ستبقى تداعياتها موجودة لسنوات طويلة مقبلة، وفي هذا السياق تبرز فكرة الخير، وأن الإنسان في النهاية لا بد أن ترتد إليه نتائج مواقفه وأفعاله تجاه الناس الذين يعيش معهم ولأجلهم.
المصدر :صوت بيروت إنترناشونال