يعتبر انقطاع النفس أثناء النوم حالة خطيرة يمكن أن تهدد حياة من يصاب بها. إنما حتى اليوم لا يزال كثيرون يجهلون حقيقتها وطبيعتها ويمكن أن يواجهوا أعراضها من دون أن يدركوا أنها السبب وراء ذلك. وقد يكون الجهل المحيط بهذه الحالة من العناصر المقلقة التي تزيد من خطورتها لأن ذلك قد يساهم في تطورها من دون علم المصاب بها. بحسب رئيس مركز معالجة اضطرابات النوم في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس والاختصاصي في أمراض الرئة والإنعاش البروفيسور موسى رياشي ثمة مشكلات صحية خطيرة يمكن أن ترتبط بانقطاع النفس أثناء النوم والمشكلة في أن الوعي لا يزال ينقص حول هذا الموضوع سواء بين الأطباء أو بين الناس عامةً.
ما هي حالة انقطاع النفس أثناء النوم؟
هناك نوعية من حالة انقطاع النفس أثناء النوم أولاهما ناتج من انسداد في البلعوم والثاني ناتج من أمر من الدماغ. إلا أن النوع الأول هو الأكثر شيوعاً وخطورة. فنسبة 4 في المئة من الرجال في العالم يعانون هذه الحالة في مقابل نسبة 2 في المئة من النساء، ما يجعل التركيز عليه في غاية الأهمية. في هذه الحالة، يشير رياشي إلى أن الاختناق يحصل ليلاً بحيث يعاني المريض تعباً في الليل وينعكس على حياته خلال النهار. كما لها تداعيات خطيرة على الشرايين والدماغ والقلب والسكري.
وتجدر الإشارة إلى أن من يعاني انقطاع النفس بمعدل 5 مرات وما فوق في الساعة أثناء النوم يعتبر أنه يعاني حالة انقطاع النفس أثناء النوم، فيما تعتبر الحالة طبيعية دون هذا المعدل. أما في حال تخطي الـ15 مرات في الساعة فيكون هناك خطر واضح على الشرايين. فعند الإصابة
بها ينقطع النفس مرات عدة من دون أن يستيقظ الدماغ لكنها تسبب التعب ويشعر بالحاجة إلى الراحة. كما يعاني هبوطاً في الأكسيجين الذي لا يصل بمعدلات كافية. هذا تحديداً ما يجعل الشرايين تخسر من معدل حياتها في سن مبكرة ويكون المريض أكثر عرضة لمشكلات القلب والأوعية الدموية. فالمشكلة التي يمكن الإصابة بها في سن الـ70 قد تظهر في سن 45 مثلاً.
وفق ما يوضحه رياشي لم يكن هناك الكثير من المعرفة حول هذه الحالة، لكنّ هناك تطوراً واضحاً في هذا المجال في السنوات الأخيرة وأصبح معروفاً بشكل أفضل، لكن هذه المعرفة لا تزال ناقصة على مستوى الناس وهناك أشخاص يعانون حالة انقطاع النفس أثناء النوم بمعدل 60 أو 70 مرة في الساعة وهي حالة متقدمة وخطيرة. هذا، فيما كشف الحالة وتشخيصها ومعالجتها في سن مبكرة يحمي من تداعياتها الخطيرة ومنها التعرض لذبحة قلبية، كما يمكن أن يحصل لدى كثيرين يعانونها ولا يدركون أنها السبب وراء الذبحة. والمؤسف بحسب رياشي أنه حتى على مستوى أطباء القلب، من المفترض أن يكون هناك
المزيد من الوعي حول هذه الحالة والربط بينها وبين ارتفاع في الضغط مثلاً أو مشكلة في القلب وتجنب وصف أدوية الضغط عشوائياً من دون التأكد مما إذا كان المريض يعانيها. علماً أن المريض الذي يتناول دواءين للضغط مثلاً من دون القدرة على ضبط مستويات ضغط الدم يعاني حتماً حالة انقطاع النفس أثناء النوم ومشكلته ليست في ارتفاع الضغط بذاته.
من الممكن أن تسبب هذه الحالة ذبحات في القلب من دون معرفة أنها السبب، وغالباً ما يحصل ذلك عند بزوغ الفجر بسبب ليلة من جهد والتعب بسبب الحالة. مع ضرورة الإشارة إلى أن ارتفاع الضغط ليلاً قد يكون ايضاً من المؤشرات التي يمكن الإستناد إليها لأنه ينخفض عادةً لدى الشخص الصحيح بنسبة 20 أو 30 في المئة.
في الواقع كثر يعانون أيضاً تعباً حاداً أثناء النهار ويشعرون بحاجة للنوم ويجهلون السبب وراء ذلك، ويكون انقطاع النفس أثناء النوم هو السبب.
ما هي العوامل التي تزيد خطر الإصابة بها؟
– البدانة، يزيد خطر ومعدل الإصابة بها لدى من يعانون البدانة وتحديداً مع كل زيادة بنسبة 10 في المئة يتضاعف خطر الإصابة بحالة انقطاع النفس أثناء النوم. علماً أن نسبة 25 في المئة ممن يعانونها لا يعانون البدانة بحسب رياشي.
– التقدم بالسن
– من لهم فك في وضعية يكون فيها إلى الخلف
– من لديهم ذقن مزدوج
– من يعانون هبوطاً في سقف الحلق.
ما هي وسائل التشخيص المعتمدة؟
يتم اللجوء إلى تخطيط النفس أثناء النوم لليلة واحدة في مختبر النوم في المستشفى بهدف قياسات درجات النوم والنفس من دون اختناق والمجهود على القلب والعضلات والدماغ ومستويات الأكسيجين والشخير الذي يعتبر أيضاً من الأعراض، إضافة إلى وضعية النوم والحركة في السرير وحركة العينين. علماً أن حالة انقطاع النفس أثناء النوم تحصل غالباً في الدرجة الخامسة من النوم حيث يكون مستوى النوم عميقاً بأعلى درجة. يكون المريض عندها مجهزاً بوجود أحد التقنيين الذي يتتبع كل هذه التفاصيل.
ما هي العلاجات المتاحة لحالة انقطاع النفس أثناء النوم؟
في حال وجود مشكلة بدانة، يُطلب من المريض بالدرحة الأولى خفض وزنه بنسبة 12 في المئة منه. ومن الخطوات المتبعة في العلاج بالدرجة الثانية اعتماد جهاز يوضع ليلاً لفتح البلعوم أو تقريب الفك. كما يمكن فتح البلعوم بطريقة الضغط عبر جهاز يوضع ليلاً أيضاً ويهدف إلى فتح المجرى لتجنب المشكلة. أما الجراحة فتأتي في المرتبة الأخيرة وتهدف إلى توسيع البلعوم. لكن نادراً ما يتم اللجوء إليها ويتم التركيز على باقي الوسائل كحلول في معظم الأحيان بعد التشخيص الدقيق للحالة من قبل اختصاصي في إضطرابات النوم.
المصدر: كارين اليان-النهار العربي