زياد عيتاني – اساس ميديا
“هي الفرصة الأخيرة بالشكل، لكن في المضمون يدرك الفرنسيون أنّها لن تنجح، لكنّهم يرفعون العتب عنهم، على قاعدة “اللهمّ قد بلغت”. بهذه الكلمات تصف شخصية نيابية مخضرمة لـ”أساس” المبادرة أو الورقة الفرنسية الجديدة وما يحيط بزيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه التي تبدأ السبت وتشمل بيروت.
ترى الشخصية النيابية التي تربطها علاقات مميّزة مع عدد من عواصم القرار، وتحديداً فرنسا، أنّ “الفرنسيين والرئيس إيمانويل ماكرون يملكون الرغبة الكاملة لإحداث تطوّر على صعيد لبنان. لكنّهم يفتقرون إلى القدرة على التأثير والضغط على العواصم والقوى المؤثّرة، وتحديداً تل أبيب وطهران”.
الورقة الفرنسيّة
تتابع قائلةً لـ”أساس”: “على عكس ما يتمّ تناقله وترويجه، الورقة الفرنسية أو المبادرة الفرنسية كما يطلق عليها البعض، تشمل الوضع الأمنيّ على الحدود الجنوبية، ومخاوف توسّع الحرب بين الحزب وإسرائيل، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بانتخاب رئيس للجمهورية. الأمر ليس قيد التداول، ولن يكون على جدول جولة وزير الخارجية الفرنسي المرتقبة، كما لم يكن على جدول زيارة الرئيس نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون لقصر الإليزيه. يدرك الفرنسيون، لكنّ اللبنانيين للأسف لا يدركون أنّ فرنسا لا يمكنها أن تقرّر، أو أن تؤثّر في انتخاب رئيس للجمهورية. يدور مسعاها فقط حول تهدئة الوضع الأمنيّ لأنّ الإيرانيين والأميركيين يرغبون بهذه التهدئة، وهو ما يسمح لفرنسا بالتحرّك. وهو أمر غير متوافر للفرنسيين في الملفّ الرئاسي”.
طبّقوا ولو بنداً واحداً
تنقل المرجعية النيابية عن عدد من المسؤولين الفرنسيين تردادهم أنّ “اللبنانيين يطالبون بتنفيذ القرار 1701. إلا أنّهم لا ينفّذون أيّ بند فيه. وما تسعى إليه فرنسا اليوم هو الوصول إلى أرضية مشتركة تسمح بتطبيق بعض بنود القرار 1701”.
الورقة الفرنسية أو المبادرة الفرنسية كما يطلق عليها البعض، تشمل الوضع الأمنيّ على الحدود الجنوبية، ومخاوف توسّع الحرب بين الحزب وإسرائيل
لا يرى النائب المخضرم أيّ أمل يلوح بالأفق لإمكانية إحداث خرق إيجابي على الساحة اللبنانية في المدى المنظور، وصولاً إلى كامل منطقة الشرق الأوسط، لأنّ الأمور محكومة بمعادلة مهما تجاهلها الكثيرون، إلا أنّها حقيقة ثابتة تحكم كلّ شيء اليوم. وهي أن لا حلّ إلا بالاتفاق مع الإيرانيين أو بالحرب معهم. لا خيار ثالث يمكن اعتماده، والأزمة محورها أنّ الظروف الدولية وأجندات الدول المؤثّرة تجعل هذه الدول أعجز من أن تصل إلى اتفاق يعطي لإيران أكثر ممّا يأخذ منها، كما هي أعجز أيضاً من أن تخوض مواجهة عسكرية كبرى في المنطقة وسط استحقاقات سياسية ضاغطة بارزة، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية الأميركية. الكلّ يتشكّك في قدرته على خوض معركة عسكرية خاطفة، وفي قدرته على حسم الأمور لمصلحته سريعاً. وهو ما يجعل الجميع في خانة المتردّد الخائف من مواجهات عسكرية كهذه.
الحزب يرفض الورقة الفرنسيّة
تختم الشخصية النيابية كلامها لـ”أساس”: “لبنانيّاً ليس هناك إمكانية للرهان على أيّ حراك داخلي، فكلّ الأطراف فاقدة للمبادرة، والأهمّ أنّ الحزب بدوره أقفل الأبواب على كلّ شيء يُطرح، والورقة الفرنسية من ضمن ذلك. يرفض البحث في ملفّ رئاسة الجمهورية من قريب أو بعيد. ولا يُعير اهتماماً لكلّ هذا الصراخ الداخلي السياسي والروحيّ. يرفض التحدّث في إعادة التموضع في الجنوب مع الخارج قبل الداخل. ولا يريد مناقشة انتشار سلاحه وصواريخه على الحدود الجنوبية. لم يقضِ على القرار 1701 فقط، بل على قرار الهدنة واتفاق الطائف تماماً كما تمّ هدم منازل الجنوبيين على طول الحدود. من جهة، يمتنع عن الحوار والتحاور في الداخل بانتظار ما سيحصل في غزة. ومن جهة أخرى، هو كالجالس على ضفّة النهر ينتظر جثّة نتنياهو أو جثّة السنوار، أو ما سينتهي إليه مسار المفاوضات الإيرانية الأميركية غير المعلنة”.