بقلم الكاتب صفوح منجد.
كلهم يستقوون على هذا البلد من أشقاء ولبنانيين، لاجئين ونازحين وحتى ممن يدّعون أنهم من مواطنيه، وفي الحقيقة أنهم يمتصون دمه وينقضّون عليه وعلى أبنائه ومناطقه، يزعمون انهم يعملون في ظل رايات وطنية، وفي الحقيقة كل منهم يسعى لمكاسبه وأهدافه، في ظل السلاح والإبتزاز والتخفي وراء أقنعة وشعارات، كلها محاولات لم تعد تقنع أحدا.
والهمّ الوحيد لهذه القوى المزيد من الخطط والمشاريع بغية وضع اليد على مقدّرات البلد ومرافقه العامة والرسمية، وإعتباره “بقرة حلوب” لجني الأرباح، والإطاحة بالقانون وبكل الإتفاقيات والمؤتمرات الوطنية، ولا يؤمنون سوى بميولهم وإنتمآتهم ومخططاتهم الهادفة لتحويل البلد إلى أشلاء، وكل يأخذ قطعة من مساحته ويبني عليها “جمهوريته” البائسة في ظل السلاح المتفلّت والمشاريع المفعمة بالفساد واللصوصية و”نفخ الجيوب” من عرق الناس وجهدهم وكدّهم لجعل البلد رهينة (لا حول له ولا قوّة).
ولا يسع اللبناني في هذا “الإنزلاق” الخطير إلآ أن يبتهل إلى الله تعالى أن يرأف بهذا البلد ويحمي أهله، وينجّيه من مخططات القابعين في الحكم والمنكبّين على جني المكاسب والمصالح وتأمين مطامعهم، وسط إنعدام أي شعور لديهم بأوضاع الناس والعباد ولا يهمهم إن “طار البلد” أو تمزّق أو إكتسحه الفساد والجوع وهذا حاصل لا ريب فيه ذلك لأن من في الحكم لا يهمه بل أنه لا يريد أن يتحرر هذا البلد وهناك من يغذي هذه الفتن وهذه المظالم.
ووسط هذه المآسي وتفاقم الأزمات المعيشية والحياتية لا يبدو أيّ أمل يلوح في الوقت الراهن على صعيد الإستحقاق الرئاسي، فالأمور المرجوّة للإسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية ماتزال عالقة ويكتنفها الغموض ولا بصيص أمل على الصعيد الداخلي على الأقل لتفعيل هذا الإستحقاق وإستكماله فهو ما يزال قيد البحث من قِبل اللجنة الخماسية التي تضم كل من فرنسا واميركا والسعودية ومصر وقطر.
وأضحت قطر المعنيّةَ الأولى بالإستحقاق الرئاسيّ في لبنان، لكنّ الأمور بخواتيمها، هكذا أجاب ديبلوماسي عربي معني بالملف الرئاسي اللبناني، عندما سُئل عن المبادرة القطريّة فكان جوابه “أنّ الدور الفرنسي تراجع وأصبح شكليّا لا أكثر ولا أقل، أما الدور الأساسيّ فصار لقطر التي حازت تأييد ودعم مجموعة الدول الخمس، بعدما لمس أعضاء المجموعة المذكورة أن المبادرة الفرنسية إصطدمت بجدار مسدود”.
وترى المصادر أنّ هذا “لا يعني بتاتا أنّ طريق الدوحة مفروشة بالورود، فثمة عقبات كثيرة تعترضها، لكنّ المفاوض القطري يملك أوراقا كثيرة يمكنه استعمالها واستخدامها في سعيه إلى تسويق مبادرته”.
وجوهر المبادرة القطرية يرتكز على أمرين: الأول، إسقاط كلّ الترشيحات السابقة وخصوصا ترشيحي سليمان فرنجية وجهاد أزعور بإعتبار أنّ أيّا من المرشحين (2) لم يستطع أن يحقّق أيّ خرق عند الطرف الآخر، وبالتالي أصبح مرشح تحد، ولو لم يشأ ذلك، أما الأمر الثاني أن المبادرة القطريّة ستعمل على التسويق لمرشح ثالث خارج الإصطفافات، ويأتي على رأس لائحة المرشحين الثالثين قائد الجيش العماد جوزف عون.
ووسط سيل لا ينضب من التكهنات والتي تقارب “كلام المنجمين”، تمّ شن حملة هي أشبه بالحرب على لبنان واللبنانيين وتتمثل بجحافل النازحين السوريين الذين باشروا في إكتساح الحدود اللبنانية بكل الوسائل والطرق وعِبر المنافذ التي كانت ولم تزل تقتصر على عبور”الميليشيات” ولنقل السلاح والممنوعات بين البلدين الأمر الذي قد يكشف عن طبيعة هؤلاء النازحين أو أكثريتهم.
وتكشف المصادر المتابعة أن عدد النازحين السوريين في أيامه الأولى قد قارب نصف عدد اللبنانيين المقيمين، والمعدّل اليومي أصبح بحدود 300 نازح في اليوم، وهذا النزوح بات يشمل الأراضي الأردنية.
وعلى الرغم من خطورة وإستفحال هذه الأزمة التي قد تطيح بالوضع اللبناني من مختلف جوانبه الحياتية والمعيشية والإقتصادية إضافة إلى مخاطره الأمنية فإنّ المفوضية العامة لشؤون النازحين ما تزال تتعامل مع هذا الوضع الخطير وتأثيره على مجمل الوضع اللبناني حيث يشير وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب إلى أن هذه المفوضية لا تزال تماطل وتؤجل في تسليم الداتا المطلوبة كاملة الى لبنان.
فهل تدرك الحكومة، ولو متأخرة ، هذا الامر؟ وهل تتحرك ، قبل فوات الاوان، لترغم المفوضية على تسليم الداتا، باعتبار ان الامر من الامور السيادية التي لا يجوز التهاون او التفريط بها؟ وأن قضية النزوح شكلت البند الاول على جدول اعمال البطريرك الماروني في زيارته التاريخية الى استراليا، حيث نبه مرارا الى خطرها ووضعها في عهدة المسؤولين الاستراليين.
قائد الجيش
هذا وحذّر قائد الجيش العماد جوزاف عون من الخطر الوجودي للنزوح السوري على لبنان واللبنانيين، وتزامن هذا التحذير مع إحباط قوى الأمن الداخلي عملية هجرة غير شرعية عبر البحر إلى أوروبا انطلاقا من شاطىء العريضة وتمكنت من توقيف أحد المتورطين وأكثر من اربعين سوريا.
من جانبها القوات البحرية اللبنانية أنقذت سبعة وعشرين مهاجرا غير شرعي كانوا على متن زورق مطاطي أثناء تعرضه للغرق مقابل شاطىء شكا.
السفير البخاري
هذا وتابع اللبنانيون الإحتفال الذي اقامته سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان بمناسبة اليوم الوطني السعودي وتأثرهم بمضمون الكلمة التي ألقاها السفير وليد البخاري وخصّ بها مدينة بيروت في الظروف الراهنة .
وكانت السفارة السعودية في لبنان قد إحتفلت باليوم الوطني السعودي ال 93 تحت شعار “نحلم ونحقّق”، باحتفال حاشد شارك فيه عدد كبير من الرؤساء والسياسيين والديبلوماسيين والشخصيات الحزبية والأمنية والإعلامية.
والاحتفال أقيم في ساحة أمين الحافظ بالقرب من المدرج الروماني وسط بيروت ويُعَدّ ذلك رسالة على عودة الحياة إلى العاصمة ودورها الريادي في المنطقة والعالم العربي.
وفي كلمته، أكد السفير السعودي وليد البخاري أنّنا “نتقاسم مسؤولية دولية مشتركة للحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته”، مشدّداً على أنّ “الفراغ الرئاسي يبعث على القلق البالغ ويُهدّد تحقيق الإصلاحات المنشودة والملحّة”.
وقال البخاري: “نؤكد أنّ الحلول المستدامة تأتي فقط من داخل لبنان وليس من خارجه والاستحقاق الرئاسي شأن لبناني داخلي”، مضيفاً: “نحن على ثقة أنّ اللبنانيين قادرون على تحمّل مسؤوليتهم وإنجاز الاستحقاق”.
وأشار إلى أنّ “الموقف السعودي في طليعة المواقف الدولية التي تُشدّد على ضرورة الإسراع على انتخاب رئيس قادر على تحقيق ما يتطلّع إلى الشعب”، مؤكداً أنّه “سنواصل جهودنا المشتركة لحثّ قادة لبنان على انتخاب رئيس”.
وتابع كلمته قائلاً: “واثقون من إرادة الشعب اللبناني الشقيق ولبنان عوّدنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها، وسيبقى واحة للفكر وثقافة الحياة ويستعيد تألّقه ودوره الفاعل ضمن دول المنطقة، وأن ينعم شعبه بالرخاء والازدهار”.
كما توجّه إلى الحضور بالقول: “أثمّن عاليا مشاركتكم النبيلة التي تؤكد عمق العلاقة ومتانة الروابط التي تجمعنا على المحبة والخير والسلام”.
وقال: “في بيروت، نستذكر معاً يومنا الوطني المجيد الذي ارتبط بأعظم معاني كلمة التوحيد، و”توحيد الكلمة” في كيان ودولة قويّة متماسكة على يد الملك المؤسّس”، مؤكداً أنّه “يزداد فخرنا اليوم ما تحقّق من تطور لبلدنا بحضور مميز للمملكلة إقليميّا ودوليّا”.
كما أكد أنّ “المملكة حريصة على استقرار المنطقة وتحقيق السلام والازدهار لكل الشعوب العربية وستبقى يدها ممدودة للسلام”.
وختم كلمته قائلاً: “من قلبي سلام لبيروت”.