ماذا يعني إعلان “حزب الله” الانتقال إلى مرحلة جديدة وتصاعدية في المواجهة المستمرة على طول الحدود منذ مطلع الشهر الحالي؟ وهل هي بداية إظهار قدرات لم تكن في الميدان سابقاً؟
دخلت المواجهات البرية على طول الحدود الجنوبية بين المقاومة وجيش الاحتلال أسبوعها الثالث، ولم يكشف الميدان حتى تاريخه عن تحقيق تل أبيب نجاحات برية سواء في السيطرة الكاملة على بلدات حدودية أو في احتلال تلال حاكمة في تلك البلدات.
في المقابل أصدر “حزب الله” حصيلة بما شهدته جبهة المواجهة منذ إعلان تل أبيب ما سمّته “العملية البرية المحدودة”، وأشار في حصيلة لتلك المواجهات إلى ما معناه عدم تحقيق جيش الاحتلال أي إنجاز بري فيما المعارك تتواصل على الحدود وكذلك على أطراف البلدات التي دخلها الإسرائيليون مثل مارون الراس وعيتا الشعب والعديسة.
“الارتقاء في الميدان ترجمة لكلام قاسم”
عشيّة الذكرى الثانية لبدء معركة “إسناد غزة”، أطلّ نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم معلناً الانتقال إلى مرحلة جديدة مشدداً على “إنهاء عملية ترميم بنية وهياكل الحزب لسد الثغرات البشرية القيادية التي لحقت بهذه البنية”، مضيفاً أن “منظومة القيادة والسيطرة كما القدرات الصاروخية للمقاومة بخير”.
تلك المؤشرات ظهرت في الميدان من خلال التصدي على طول الحدود وكذلك إدخال معادلة الضاحية مقابل حيفا، وتمت الإشارة إلى ذلك بوضوح في بيانات “حزب الله” التي جاءت مميّزة عن البيانات السابقة بما تعنيه المرحلة الجديدة من خلال تفعيل المعادلات، وتجاوز مرحلة الخسائر الكبيرة بعد اغتيال عدد من قيادات الحزب. واللافت أن استهداف حيفا جاء مباشرة بعد كلمة قاسم.
أما الترجمة لبيان “حزب الله” عن الانتقال إلى مرحلة جديدة فستكون بحسب متابعين للميدان، من خلال الارتقاء الناري الكثيف وبتوجيه المزيد من الضربات النوعية على غرار الاستهداف في بنيامينا قبل أيام، واستخدام الصواريخ الثقيلة بتدرّج فضلاً عن كثافة النيران في التصدّي لمحاولات التقدم الإسرائيلية.
علماً بأن “حزب الله” لم ينشئ خطاً دفاعياً على طول الحدود الممتدة من الناقورة إلى شبعا وبمسافة تتجاوز 100 كيلومتر، وهناك أكثر من 42 موقعاً عسكرياً إسرائيلياً على طول الحافة الأمامية ومنها مراكز تجسس ومراقبة.
في مقابل ذلك، أنشأت خطوط دفاع تكتيكية بمستويات متعددة لتتناسب مع الطبيعة الجغرافية للبلدات الحدودية والتضاريس والأودية المحيطة بها.
ويلاحظ متابعون للأوضاع الميدانية أن المقاومة نجحت في التصدي للتوغل البري من خلال تنفيذ الكمائن ومن ثم المواجهة المباشرة وهو ما حدث في أكثر من منطقة ولا سيما على مثلث القوزح وراميا وعيتا الشعب حيث اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل 5 جنود وجرح آخرين في حصيلة أولية لتلك المواجهة.
ولكن هناك اجتياز لما يعرف بالخط الأزرق أي خط الانسحاب لعام 2000، ويفسّره خبراء عسكريون بأنه ليس كسراً لخطوط الدفاع بل يمكن وضعه ضمن تكتيك حربي للمقاومة ينتهي بتنفيذ الكمائن على مسافة بعيدة نسبياً من الحدود.
في المحصلة، وبعد دخول المواجهات البرية أسبوعها الثالث، لم تعلن تل أبيب سيطرتها على بلدة حدودية سيطرة كاملة، إضافة إلى أن أهداف ما عُرف بعملية “سهام الشمال” التي تهدف إلى ضرب قدرات المقاومة الصاروخية بهدف إعادة المستوطنين إلى الشمال لم تنجح، والدليل أن الجبهة تشهد كثافة نارية وصاروخية غير مسبوقة ونوعية في اتجاه المستوطنات والمراكز العسكرية وكذلك الثكنات على مساحة واسعة من الشمال وصولاً إلى تل أبيب وضواحيها.
وعلى وقع كلام قاسم فالأنظار تتجه إلى الميدان وإلى من سيصرخ أولاً.