شعار ناشطون

المهدي وأرطغرل لن يأتيا إلى غزّة؟

03/11/23 06:09 am

<span dir="ltr">03/11/23 06:09 am</span>

زياد عيتاني – اساس ميديا

تقف امرأة “غزّيّة” أمام إحدى الشاشات بوجه ينبض طاقة وصموداً قائلة: “نحن لا ننتظر دعماً من أحد، نحن معنا الله، أميركا وعدت إسرائيل بالمساندة ونحن أهل غزّة وعدنا الله، ووعد الله حقّ..”.
تبتسم ثمّ تواصل قائلة: “تقتلون أطفالنا لا بأس، المرأة الفلسطينية ولّادة، نحن نحبّ الخلفة والأولاد، وهو حبّ زرعه الله فينا لأنّه يعلم أنّ هذه الأرض تحتاج إلى الرجال..”.
هذا ما تقوله امرأة فلسطينية من غزّة، فيما نحن شعوب دول الطوق ماذا عسانا أن نقول؟
******************************
ثلاثة أمور يمكن تأكيدها من دون تردّد أو تشكُّك:
1- الجيش التركي أو كما يحلو للبعض تسميته الجيش العثماني أو جيش أرطغرل لن يرسل سفنه وبوارجه وألويته للقتال إلى جانب الفلسطينيين في غزّة.
2- الحرس الثوري الإيراني لن يطلب من فيلق القدس التابع له التوجّه إلى جبهات القتال لفكّ الحصار عن غزّة.
3- الميليشيات العربية المدعومة من إيران من فيلق بدر العراقي إلى جيش المهدي وصولاً إلى حزب الله اللبناني لن تتجاوز قواعد الاشتباك الموضوعة لها، أي أنّ عملها سيكون محصوراً برشقة صواريخ أو بضع مسيّرات لا تسمن ولا تغني من جوع.
هذا ما يجب أن ندركه؟
الحقائق الثلاث التي يجب أن ندركها ليست تشكُّكاً في الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحقيقة مشاعره تجاه الفلسطينيين وقضيّتهم ولا “حطّة عين” على تخاذل إيران تجاه القدس وقضيّتها، وهي التي أعلنت يوماً للقدس تحشد له كلّ عام، إضافة إلى إطلاقها فيلقاً ميليشياوياً باسم القدس حارب في العديد من العواصم العربية من دون القدس. بقدر ما يجب أن تشكّل هذه الحقائق الثلاث دافعاً للشعوب العربية وتحديداً في لبنان لإدراك ماهية الصراع وقواعده والممكن والمستحيل فيه بعيداً عن العواطف والتهيّؤات المستندة إلى الدراما التركية أحياناً وإلى الإعلام الحربي الإيراني أحياناً أخرى.

ستنتهي هذه الحرب عاجلاً أم آجلاً، وسيُهزم الجميع ولن ينتصر أحد. فقط فلسطين وقضيّتها وشعبها هم الفائزون. لقد عادوا من غياهب النسيان إلى الذاكرة الجماعية للإنسانية جمعاء
قال الكاتب جهاد بزّي في تغريدة له: “كلّ ما طلع جيل عربي جديد مش فهمان شو القضية الفلسطينية بتجي إسرائيل بتشرحلو ياها من الألف للياء..”.
اختصر “بزّي” جوهر ما تحقّق من مكاسب يمكن وضعها في حساب القضية الفلسطينية. لفد فعلت حماس ومن معها كلّ ما يمكن أن تفعله في “7 أكتوبر”. هذا في الميدان، وأمّا في السياسة والاستراتيجية فقد عادت القضية الفلسطينية إلى كلّ الطاولات السياسية الدولية والإقليمية كأولوية للعبور إلى السلام والاستقرار في المنطقة. عادت الراية الفلسطينية لتخفق في كلّ عواصم العالم كما لم تخفق من قبل. لم تفعل ذلك حماس ولا أيّ فصيل فلسطيني، بل نتانياهو وحكومة القتل التي يرأسها عندما أراق دماء الأطفال والنساء والشيوخ ووصف وزير حربه كلّ هؤلاء بالحيوانات الواجب قتلهم.
اقتحمت حماس غلاف غزّة، بعيداً عن تحليل هذا الاقتحام أو تأييده أو إدانته. إلا أنّ من اقتحم عواصم العالم وساحاتها هم أطفال غزّة الذين حوّلوا الجنازات إلى لعبة يومية عنوانها “الشهيد حبيب الله”، وإعلام غزّة عندما وقف ذاك المراسل وائل الدحدوح ناعياً كلّ أفراد عائلته مستكملاً عمله بالقول “يجب أن ننقل الصورة ليعلم العالم ما يحصل..”. وشيوخ غزّة عندما صرخ كهل بشابّ يبكي في مستشفى القدس: “الرجال ما بتبكي، كلّنا شهداء، دفنت ولدي وابنتي وزوجتي وأنا صامد هنا لا أهاب الموت..”.

الجنسيّة الغزّيّة
ستنتهي هذه الحرب عاجلاً أم آجلاً، وسيُهزم الجميع ولن ينتصر أحد. فقط فلسطين وقضيّتها وشعبها هم الفائزون. لقد عادوا من غياهب النسيان إلى الذاكرة الجماعية للإنسانية جمعاء.
تتحدّث الأديان عن الجنّة بكثير من الروايات، إلا أنّها لم تتحدّث قطّ عن جنسية أهل الجنّة، وإن تفرّغ الباحثون للإجابة عن ذلك فحتماً ستكون النتيجة أنّ جنسيّتهم “غزّيّة”. أهل غزّة هم أكثرية أهل الجنّة وملائكتها، والداخل إلى هناك لا يُسأل إلا سؤالاً واحداً: من أين أتيت؟ فيجيب من “غزّة” من فلسطين، فتفتح له الأبواب والمعابر حيث لا حصار ولا تفتيش ولا أيّ نوع من الإجراءات.

تابعنا عبر