
بقلم الكاتب صفوح منجّد
مشاهد 18 شباط لن ينساها الجنوبيون، ففي أعقاب الإنسحاب الإسرائيلي وإنتشار الجيش اللبناني أمس، تكشّف الواقع الجنوبي عن مشاهدات صادمة خلّفها العدو في مختلف البلدات والقرى بحيث أن عدسات الكاميرات عجزت عن إلتقاط مشاهد الدمار التي حوّلت المساكن والديار إلى ركام تساوت مع الأرض التي غابت معالمها هي الأخرى، وكادت هذه المشاهد أن تقارب ما حصل في ” غزة المدمّرة”، مع إختفاء معالم البناء والمنازل في تلك البلدات التي حاول سكانها العودة إليها أو على الأقل تفقّد معالمها أو ما تبقى منها.
فالأهالي وأبناء مناطق الجنوب فوجئوا بعدم إيجاد منازلهم ومعالم البناء في بلداتهم، ولم يعثروا إلا على ركام وردم وزاد في مآسي هذه المشاهد محاولات سحب عشرات الجثامين من تحت الردم ومن بين الأنقاض.
ولعل المشهد الإيجابي الوحيد الذي إخترق الأنظار تمثّل في إنتشار الجيش اللبناني بشكل موسع في البلدات والقرى التي إنسحبت منها قوات العدو الإسرائيلي ، وبإستثناء النقاط الخمس على التلال الملاصقة للحدود الجنوبية مع إسرائيل.
وبإزاء هذا التطور تصاعد الإستنفار اللبناني والديبلوماسي بصورة خاصة إلى ذروته حيث تستعد الحكومة للمثول أمام مجلس النواب لنيل الثقة على اساس البيان الوزاري الذي أقره مجلس الوزراء مساء الإثنين الماضي.
ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تعقد في الحادية عشرة قبل وبعد ظهر يومي الثلاثاء والأربعاء 25 و26 شباط لمناقشة البيان الوزاري والإقتراع على الثقة.
ولوحظ أن الإجتماع الثلاثي الذي إنعقد في القصر الرئاسي وضم الرؤساء الثلاثة عون وبري وسلام، جدد التأكيد على دور الجيش اللبناني وإستعداده لإستلام مهامه كافة على الحدود الدولية والتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لمطالبته بإتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الإسرائيلية وإلزام العدو بالإنسحاب الفوري حتى الحدود الدولية وفقا لما يقتضيه القرار الأممي 1701 وإعتبار إستمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من الأراضي اللبنانية إحتلالا مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية وفق الشرعية الدولية وإستكمال العمل والمطالبة عبر “اللجنة التقنية العسكرية للبنان” والآلية الثلاثية التي ينص عليها “إعلان 27 تشرين الثاني 2024 ” من أجل تطبيق الإعلان كاملا ومتابعة التفاوض مع لجنة المراقبة الدولية والصليب الأحمر الدولي من أجل تحرير الاسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل، وذكّروا بحق لبنان بإعتماد كل الوسائل لإنسحاب العدو الإسرائيلي.
وبدا الموقف الأممي السلبي من تأخير الإنسحاب الإسرائيلي داعما بقوّة للموقف اللبناني، إذ صدر بيان مشترك عن المنسقية الخاصة للأمم المتحدة في لبنان هينيس بلاسخارت ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال لازارو إعتبرا فيه أن أي تأخر في عملية الإنسحاب الإسرائيلي وإنتشار الجيش اللبناني واليونيفيل “يناقض ما كنّا نأمل حدوثه لاسيما أنه يشكل إنتهاكا مستمرا لقرار مجلس الأمن الدولي 1701″، ولفتا إلى أنه “لا ينبغي لهذا الأمر أن يحجب التقدم الملموس الذي تم إحرازه منذ دخول التفاهم حيّز التنفيذ في أواخر تشرين الثاني”.
وفي الوقت نفسه فإن الرئيس اللبناني الجديد والحكومة والمسؤولين عازمون على بسط سلطة الدولة بشكل كامل في كل مناطق الجنوب وتعزيز الإستقرار لمنع عودة النزاع إلى لبنان، وهم يستحقون الدعم الثابت في هذا المسعى، ولا يزال أمامنا الكثير من العمل الشاق لتحقيق الإلتزامات التي تم التعهد بها في تفاهم تشرين الثاني وفي القرار 1701، وشددا على الحلول التي نص عليها التفاهم الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني والقرار 1701 حقيقة واقعة وذلك على جانبي الخط الأزرق، والأمم المتحدة في لبنان على إستعداد لمواصلة دعم كل الجهود في هذا الإتجاه.
وتابع اللبنانيون تفاصيل ونتائج الإجتماع الهام الذي عُقد في القصر الجمهوري وضم ممثلي دول عربية وأجنبية حيث تركز البحث في الأحداث التي يشهدها لبنان وبصورة خاصة في مناطق الجنوب ولاسيما الجرائم التي يرتكبها العدو، حيث وضع الرئيس عون الحضور في أجواء أعمال القتل والإبادة التي تمارسها إسرائيل .
وأشار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون امام وفد الرابطة المارونية الى ان ” ما حصل خلال الأشهر الماضية أصاب لبنان بأسره، ويجب أن تكون مصلحته فوق كل اعتبار”.
اضاف:” قلتُ وأكرّر: لا إقصاء لأحد في لبنان، فالدولة هي التي تحمي جميع الطوائف، وليس العكس، و أمامنا فرص كثيرة مقدَّمة من الدول الشقيقة والصديقة، ومن المؤسف أن نضيّعها بسبب خلافات جانبية وحسابات فردية”، وقال:” علينا أن نعمل معًا لمصلحة بلدنا، وألَّا نلقي اللوم على الخارج”.