شعار ناشطون

القطاع الخاصّ يدفع نحو “تدويل” المعابر كمخرج لأزمة التصدير

11/05/21 09:14 am

<span dir="ltr">11/05/21 09:14 am</span>

خالد الأيوبي – أساس ميديا

تجهد السلطة في إظهار جدّيتها في التعامل مع ملفّ التهريب بعد فضيحة الرمّان الملغوم بالمخدِّرات، المرسل إلى المملكة العربية السعودية.

اقتصار عمل السلطة على اتّصالات هاتفية، وجولات تفقّدية لوزير الداخلية محمد فهمي على المعابر الحدودية، لا يبدو مثمراً ولا كافياً في استعادة الثقة الداخلية والخارجية. هذا الأمر دفع القطاع الخاصّ إلى المبادرة لإحداث ثغرة في هذا الجدار. وهو ما أشار إليه نائب رئيس جمعية الصناعيّين زياد بكداش، عندما اعتبر أنّ “عرض العضلات السياسي كلّفنا خراباً عارماً بحقّ الصناعة اللبنانية”، وأنّ القرار “ضربة قاضية للصناعة الوطنيّة، حيث إنّ ثلث الصادرات اللبنانيّة لن تصل بعد اليوم إلى الخليج العربيّ، وهنا نتكلّم عمّا يُساوي 900 مليون دولار” سنوياً، مبدياً خشيته من المسار التصعيديّ المستمرّ تجاه لبنان.

 

دبوسي لـ”أساس” أنّ الأجواء مع البنك الأوروبي إيجابية، وهذا التحرّك ليس تقليلاً من سيادة لبنان، لكن في الحالات المماثلة، تلجأ الدول إلى شركاتٍ مختصّة موثوقة عالمياً، تتولّى إدارة أمن المعابر، لكونها صاحبة اختصاص وتحظى برعاية دولية

 

أما أولى المبادرات جاءت من رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي، الذي راسل مديرة مكتب لبنان في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية غرتشن بيري، وطلب منها العمل على تزويد “مرفأ طرابلس الكبرى بالآلات والمعدّات المتطوّرة لمراقبة دخول البضائع وخروجها من حرم المرفأ وإليه”.

 

 

وجاء في الرسالة أنّه “لكي يتمكّن مرفأ طرابلس من القيام بكلّ المهمّات المطلوبة منه بكلّ حرفية ومهنية، فإنّنا نلتمس منكم تزويد المرفأ وتجهيزه بالآلات والمعدّات المتطوّرة (السكانر)، التي تمكّنه من كشف عمليات التلاعب أثناء إدخال أو تصدير البضائع المشبوهة والمخدّرات، وذلك من خلال تمويل خاص من جانب مؤسّستكم، فيمكننا إعادة بناء الثقة والمساهمة في حماية مؤسساتنا الاقتصادية والحفاظ على شركائها في العالم، بمنأى عن عمليات التلاعب والغش”، مع إبداء الاستعداد للمساهمة في هذا المشروع.

 

 

وأوضح دبوسي لـ”أساس” أنّ الأجواء مع البنك الأوروبي إيجابية، وهذا التحرّك ليس تقليلاً من سيادة لبنان، لكن في الحالات المماثلة، تلجأ الدول إلى شركاتٍ مختصّة موثوقة عالمياً، تتولّى إدارة أمن المعابر، لكونها صاحبة اختصاص وتحظى برعاية دولية”. وأكّد رفضه “كلّ الإساءات إلى السعودية”. ولفت إلى أنّ مبادرته “تهدف إلى إعطاء الإخوة السعوديّين صورةً عن جهودنا لملاقاتهم في حماية بلاد الحرمين، وحماية لبنان من شرّ السموم العابرة للحدود”.

 

 

ووافق دبوسي على أن “لا شيء يسمح باستعادة ثقة المجتمعيْن العربي والدولي، وفي مقدَّمهما المملكة العربية السعودية، إلاّ إجراءاتٌ بمعايير دولية ومساعدة متطوّرة ومعتمدة عالميّاً”، موضحاً أنّ “هذه المبادرة لن تتوقّف عن التطوّر، وهذا التواصلُ سيتوسّع مع كلّ المؤسسات الدولية المهتمّة بأمن المجتمعات البشرية، ومن شأن ذلك المحافظة على صدقيّة الدولة في أعمالها الاقتصادية، وتحديداً عمليات التصدير”.

اقتصار عمل السلطة على اتّصالات هاتفية، وجولات تفقّدية لوزير الداخلية محمد فهمي على المعابر الحدودية، لا يبدو مثمراً ولا كافياً في استعادة الثقة الداخلية والخارجية. هذا الأمر دفع القطاع الخاصّ إلى المبادرة لإحداث ثغرة في هذا الجدار

 

وتابع دبوسي: “نحن حريصون على سمعتنا، التي تعب آباؤنا وأجدادُنا لبنائها عبر مسيرتهم الاقتصادية، وعلينا أن نحافظ عليها لنحفظ ما تبقّى من سمعة الوطن، وما تبقّى من إدارة البلد، لأنّ الجميع، بمن فيهم رؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، يقرّون بوجود خلل كبير في الإدارة، حتى لا نستخدم وصفاً آخر”.

 

 

وأكّد أنّ “الفطرة البشرية لا تقبل الفراغ، وعندما تعجز الدولة عن توفير الإدارة الشفّافة، فلا بدّ للقطاع الخاص أن يتحرّك، انطلاقاً من واجباته في ملء الثغرات التي تتركها الدولة، وفق قواعد القانونيْن اللبناني والدولي، الناظمة للعلاقات الاقتصادية”. وتابع: “نحن لا نريد الحلول محلّ الدولة، ولا نرضى الاستغناء عنها، ولكن عندما تغيب، سنعمل على تغطية هذا الغياب، من خلال خلق شراكات وصيغ تعاون عربية وإقليمية ودولية حتّى لا ينهار الأمن والاستقرار، ونحفظ مصالحنا المشتركة. فنحن نعمل انطلاقاً من تمثيلنا المصالح العليا للقطاع الخاص وللاقتصاد الوطني”.

 

 

وختم دبوسي حديثه بالتأكيد بأنّه “لا يمكن القبول بتحويل لبنان إلى بلد ذي اقتصاد مغلق. فهذا النوع من الاقتصادات سقط، ولا يمكن الوصول إلى اقتصاد ناجح إلاّ بالتمتّع بثقة المجتمع الدولي. والاقتصاد المنفتح على العالم، هو الذي يتمتّع بنَفَس طبيعي، ويكون جزءاً لا يتجزّأ من الاقتصاد العالمي، وعندئذٍ يمتلك القدرة على الازدهار”.

 

تفاعلت رسالة دبوسي في الأوساط الاقتصادية، وأبرزها جمعية الصناعيين التي أيّدت مبادرة غرفة طرابلس، فيما تظهر ملامح رؤية اقتصادية وطنية قوامها ضمان ضبط المعابر اللبنانية، وإشراك المجتمعيْن العربي والدولي في الإشراف على المنافذ البرية والبحرية والجوية، والإفادة من قدرات وخبرات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل ومؤسسات الاتحاد الأوروبي ومؤسسات الدول العربية والصديقة المختصّة، لأنّها السبيل الوحيد لإبقاء شريان الحياة مفتوحاً بين لبنان والعالم.

تابعنا عبر