كلير شكر – نداء الوطن
يُصرّ المسؤولون الأميركيون على الإشارة إلى أنّ دائرة العقوبات لن تقفل على ثلاثي جبران باسيل – يوسف فنيانوس – علي حسن خليل، وأنّ “اللائحة السوداء” ستضمّ قريباً سلة من الأسماء، وقد تكون هذه المرة من محور سياسي مختلف.
وها هي السفيرة الأميركية دوروثي شيا تؤكد من جديد أنّ “هناك ملفات عن شخصيات لبنانية في واشنطن يتم درسها تحت راية العقوبات المتعلقة بالفساد او بالارهاب”… وقد تظهر وفق المتابعين خلال الأسابيع القليلة المقبلة، حتى لو تسارعت وتيرة المشاورات الحكومية ورأت النور.
يقول المتابعون إنّ ما تقوم به الإدارة الأميركية، والمرتقب استمراره مع الإدارة الجديدة مع دخول جو بايدن البيت الأبيض، هو نتاج مقاربة أميركية جديدة للبنان، لا ترتبط بحكومة أو بمشاركة “حزب الله” في السلطة التنفيذية، ولا تهدف فقط الى تحجيم نفوذ “حزب السلاح”، وإنما قد تذهب الأمور الى حدّ محاصرة الطبقة السياسية برمتها، وتجويفها بعدما فشلت الانتفاضة في تطوير حالة بديلة عن المنظومة الحاكمة.
يكشف أحد المتابعين أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال في أحد اللقاءات الضيقة التي عقدها في بيروت خلال زيارته الأخيرة، إن الطبقة السياسية اللبنانية في مهب الريح، لكن هذا المشروع يحتاج إلى وقت لتنفيذه. وأشار إلى أنّ الطبقة السياسية باتت منتهية الصلاحية، وما يحصل هو مجرد تقطيع للوقت. وقد تكون العقوبات هي الممر الإلزامي لتنفيذ المشروع.
أكثر من ذلك، يشير المتابعون إلى أنّ الأوروبيين، وتحديداً الفرنسيين باتوا يعملون على الخط نفسه من خلال تطوير منصة قوانين تعنى بمكافحة الفساد، وتهدف بشكل خاص الى اسقاطها على الحالة اللبنانية. وفق هؤلاء، فإنّ للأوروبيين معاييرهم الدقيقة في احترام القوانين الدولية، والتي قد تحتم عليهم التعمق في صياغاتهم القانونية قبل وضعها موضع التنفيذ على عكس الأميركيين الذين يتسمون بالمرونة في هذا الصدد وبالكثير من الواقعية والتعاطي بمنطق القوي القادر على تجاوز النصوص أحياناً.
ولهذا قد تتأخر الصياغات الاوروبية، لكنها بلا شك موضع مراجعة قانونية يفترض أن تظهر نتائجها في وقت لم يعد بعيداً، للانضمام إلى المقصلة الأميركية، المالية، والتي يفترض أن تطوق حركة الأموال بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ولهذا يسود الاعتقاد أنّ هذا المسار غير مرتبط بولادة الحكومة وتركيبتها ولا حتى بمهمتها المستحيلة في اقرار الاصلاحات المطلوبة دولياً، وإنما بمصير تركيبة تولت الحكم منذ عقود.
في هذه الأثناء، لا تزال المشاورات الحكومية أسيرة الشروط والشروط المضادة، فيما يعتكف المسؤولون عن مواجهة الرأي العام بحقيقة الأمور. انتظر اللبنانيون من يخرج اليهم لمصارحتهم بالوقائع والاثباتات التي تبيّن هوية الجهة أو الجهات المعرقلة، وما اذا كانت خارجية كما تروي بعض التسريبات، أو محلية كما يسود الاعتقاد. كما انتظروا ممن يمسكون بقرار الحل والربط أن يتعالوا عن مصالحهم ويتعاملوا مع الأحداث بمقاربة استثنائية تواكب استثنائية المرحلة.
ولكن جلّ ما يقوم به المعنيون هو تركيز كل فريق مجهوده الاعلامي والسياسي على دفع اتهامات التعطيل ضد الفريق الآخر واقناع الرأي العام بأنّه بريء من دم العرقلة.
ويكشف المعنيون عن حركة بعيدة عن الاعلام تحاول تذليل العقبات لا سيما الداخلية منها، حيث يعتبر هؤلاء أن خطوط التنسيق العريضة المفتوحة بين الادارة الفرنسية و”حزب الله” دليل حسيّ على أنّ مشاركة “الحزب” ليست العقبة الأساسية أمام ولادة الحكومة، فيما يرى خصوم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أنّ الممانعة الأميركية وحدها التي تكبل يديه، والا لكان اجتهد في تدوير الزوايا، وهو الأشطر في هذا المجال.
على الرغم من ذلك، يصر المتابعون على أنّ معضلتيْ علاقة الحريري برئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وآلية تسمية الوزراء هما اللتان تضعان العصي في الدواليب. اذ يرفض المعنيون الاقرار أنّ القواعد الكلاسيكية في التسمية، انتهت صلاحيتها بعدما صار الفرنسيون شركاء مضاربين في الترشيحات وبامكانهم تعطيل أي تسمية.
وفي هذا الصدد تقول المعلومات إنّ الموفد الفرنسي باتريك دوريل سمع ثلاث مرات من رئيس الجمهورية ميشال عون خلال لقائهما الأخير، عن ضرورة كسر الجليد بين الحريري وباسيل لتحريك العجلة الحكومية. ما يعني أنه لو كانت العقدة خارجية الطابع، لطلب رئيس الجمهورية من ضيفه المساعدة على تذليلها. كذلك عمل المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على تدوير زوايا العلاقة الثنائية من دون أن ينسى تذكير ملتقيه، أن قواعد التأليف اختلفت كلياً وثمة شروط جديدة لتسمية الوزراء. وهذا ما يردده المسؤولون الفرنسيون للبنانيين باستمرار: لم تعودوا “ملوك وزرائكم”.