يشعرُ كثيرون في لبنان أن إستضعاف الطائفة السنية بدأ يتحول الى نهج سياسي، أو نظام حياة، وذلك عبر سعي بعض الجهات الى قضمصلاحيات رئيس الحكومة السني التي كفلها له الدستور والاساءة الى موقعه، وإتهام بعض قيادات الطائفة ومسؤوليها بالفساد، وكثير منشبابها بالارهاب، فيما المناطق ذات الأغلبية السنية تغرق في بحر من الاهمال والحرمان منذ عقود وعن سابق تصور وتصميم.
تسعى تيارات سياسية وحزبية لم تعد خافية على أحد الى أن يكون الصف السني في لبنان مشرذما، بما يساعد على إستفراد رئيس الحكومةوالاستقواء عليه، وإستهداف الدور السني في المعادلة السياسية في البلد، وقطع الطريق على أي تكتل وازن يكون قادرا على تحقيق التوازنالسياسي الذي لا يمكن للبلد أن يستقيم من دونه.
من هنا، فإن لقاء رؤساء الحكومات السابقين يُزعج بعض هذه التيارات، خصوصا أن المواقف الوطنية والعربية المتقدمة التي تصدر عنه، وتعيدتصويب البوصلة حينا، والانتظام الدستوري لآداء السلطات أحيانا، تساهم في كثير من الأوقات في التصدي لمخططاتها وأهدافها وصولا الىإفشالها.
ولا يختلف إثنان على أن الرئيس نجيب ميقاتي يمتلك حضورا سياسيا قويا في لقاء رؤساء الحكومات سواء عُقد بمشاركة الرئيس سعد الحريريأو من دونه، خصوصا أن الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام هما من الفريق السياسي للحريري، في حين أن ميقاتي يأتي من بيئة سياسيةمختلفة، ويمثل زعامة طرابلسية لها إمتدادها الوطني والعربي والدولي وهي كانت وما تزال في موقع المنافسة مع الحريري، لا سيما أنالانتخابات النيابية الأخيرة قد نصّبته “السني الأول في لبنان”، قبل أن يعقد تفاهما مع الحريري ينطلق من ثوابت وطنية تتعلق بالحفاظ علىموقع وهيبة رئاسة الحكومة، وحماية إتفاق الطائف، فضلا عن تأمين حقوق ومصالح ومشاريع طرابلس المدينة التي آن الأوان لوصول قطار الانماءإليها.
لا شك في أن ميقاتي منذ أن تفاهم مع الحريري إثر تكليفه تشكيل الحكومة وهو يلتزم بمضمون هذا التفاهم، ويكرس جهده السياسي والوطنيفي الدفاع عن الصلاحيات وعن هيبة الكرسي الثالثة وإتفاق الطائف والتوازنات السياسية، ما أزعج كثيرين ممن كانوا يتطلعون الى أن يلعبميقاتي دورا سياسيا مغايرا يؤدي الى إرباك الحريري أو إبتزازه لاجباره على تقديم المزيد من التنازلات لشركائه في الحكم، وذلك للحفاظ علىموقعه في رئاسة الحكومة، لكن ميقاتي رفض أن يلعب أي دور من هذا النوع، بل على العكس رسم مع السنيورة وسلام حدودا لهذه التنازلات،وشكل “شبكة أمان” للحريري ساعدته في الوقوف على أرض صلبة وفي دخول مفاوضات تشكيل الحكومة بظهر محميّ، وهي اليوم تساعدهأيضا في مواجهة مصاعب الحكم وضغوطات مجلس الوزراء، ومحاولات الاستيلاء على بعض صلاحياته.
اللافت أنه كلما إجتمع رؤساء الحكومات وأصدروا بيانا حول الأوضاع الراهنة وأظهروا هذا التماسك حول رئيس الحكومة وصلاحياته وموقعه،يتعرض الرئيس ميقاتي الى الإستهداف، ففي اللقاء الأول الذي عقد في بيت الوسط خلال تشكيل الحريري لحكومته، إستُهدف ميقاتي بملفالقروض الاسكانية التي تبين في ما بعد أن لا علاقة لها بالمؤسسة العامة للاسكان بشهادة حاكم مصرف لبنان، وبعد فترة وإثر إجتماع آخر،إستُهدف ميقاتي مجددا عبر التهديد وعبر محاولات تشويه صورته من خلال ملف شركة طيران الملكية الأردنية التي أثارها أحد النواب الأردنيين،قبل أن تثبت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن عدم وجود أية شبهات حول هذا الملف وتأكيدها على سلامة كل الاجراءات.
ربما لا يعرف كثيرون أن الرئيس ميقاتي يُخفي وراء هدوئه ووسطيته وإبتساماته، صلابة في التمسك بالمبادئ والثوابت التي لم يحد عنها لا فيفترة حكمه على مدار حكومتين ولا خلال وجوده في المعارضة أو في الموالاة، فضلا عن حرفية سياسية تمكنه من الحفاظ على التوازن الوطنيوعدم إختلاله لمصلحة أي فريق على حساب آخر، وتجعله عصيا على التطويع، ما يعني أن ميقاتي سيمضي بما هو مقتنع به، بغض النظر عنالاستهدافات السابق منها أو اللاحق.
اما معركة العهد ضد ميقاتي فباءت بالفشل والسبب انها لم تستهدف ميقاتي فحسب انما استهدفت السنة ككل وابناء مدينة طرابلس