
ألان سركيس – نداء الوطن
يضع العهد كلّ ثقله من أجل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها. ويعني التأجيل أو التمديد الفشل في الخطوة الأولى من رحلة الألف ميل لاستعادة التعافي. وما يدلّ على جديّة رئيس الجمهورية جوزاف عون في إجراء الانتخابات هو متابعته الحثيثة لكل تفاصيل التحضيرات الانتخابية والتشديد على الجهوزية التامة.
في انتظار استكمال التحضيرات، شهد قصر بعبدا الجمعة لقاءً بين عون ووزير الداخلية أحمد الحجّار، تمّ خلاله عرض كلّ ما يحيط بالعملية الانتخابية لوجستياً وتحضيرياً وأمنياً. وجرى التأكيد على عدم التمديد وأيضاً على عدم استثناء أي قرية أو مدينة من إجراء هذه العملية.
وتتحضّر الأحزاب والقوى والتيارات والعائلات للمنازلة الكبرى في كل حي أو بلدة ومدينة. وتشهد المناطق المسيحية أشدّ المواجهات، وتخاض المعركة بين الأحزاب والتيارات المسيحية مع تحالفات عائلية. ويحضر العنصر العائلي كعامل ضاغط في بعض البلدات والقرى.
وإذا كانت الساحة المسيحية مقسومة بين «القوات» و «التيار الوطني الحرّ» والحلفاء والعائلات، فقد دخل معطى جديد إلى الساحة هو وجود عهد في أول انطلاقته. وإذا كانت العهود السابقة لا تخوض المعركة البلدية بالمباشر، إلّا أن العهد كان ينزل إلى ساحة المعركة عبر رجالاته مستعملاً نفوذه.
ويتغيّر الوضع مع الرئيس جوزاف عون، إذ يجزم قريبون منه أن الرئيس أعطى تعليماته الصارمة بعدم التدخل في المعارك الانتخابية أو استعمال اسمه في أي معركة. فهو يطرح مبدأ الحياد العام، فكيف الأحرى بالانتخابات البلدية والاختيارية؟
قد يكون عهد الرئيس السابق إميل لحود شهد التدخل الأكبر بعد «الطائف» في المعارك البلدية وخصوصاً في جبل لبنان، وردّاً على هذا السؤال يتمّ التأكيد أن جوزاف عون ليس إميل لحّود، ولن يكون طرفاً في أي معركة، ولن يدخل في زواريب المدن والبلدات والعائلات، فهو رئيس لكل لبنان، وليس لديه طموح الزعامة.
قد تلعب البلدة التي يتحدّر منها رئيس الجمهورية دوراً في تحديد آلية تدخّله في المعارك البلدية. فجوزاف عون ابن بلدة العيشية الجنوبية، بينما المعارك الكبرى تتركّز على الساحة المسيحية في بلديات المتن الشمالي وبعبدا وجونية وجبيل وبعض القرى المارونية في الشمال وزحلة، وبالتالي، يصبّ عون كل تركيزه على السياسة العامة في البلاد وضبط الوضع الأمني والمباشرة بالإصلاحات. ولا يريد الغطس في وحول الاستحقاقات البلدية والاختيارية، خصوصاً أن شعار «أهل مكة أدرى بشعابها» هو الأنسب، فكل بلدة تعرف من تختار.
لن يستفيد عون بشيء إذا دخل المعركة البلدية، بلدية معه أو ضدّه لن تؤثّر، فالجميع سيجتمع تحت سقف رئيس الجمهورية في نهاية المطاف، وهو يحظى بتأييد مسيحي كبير ولن يصرف رصيده في هذا الاستحقاق. وكانت هناك رغبة لدى العهد في تطوير النظام البلدي ليصبح أكثر ملاءمةً مع مشروع اللامركزية الموسّعة، لكن بين التأجيل للبحث، وبين إجراء العملية الانتخابية، الخيار الحاسم هو احترام المهل الدستورية لأنها الأساس في انطلاق الإصلاح، وما يبقى على الشعب سوى الاختيار الصحيح.
لا يمكن البحث عن نظام إنتخابي جديد في الربع ساعة الأخيرة، ويعتبر النظام النسبي وفق القانون الذي تخاض على أساسه الإنتخابات النيابية كارثة على البلدات، إذ يخلق بلديات غير متجانسة. بينما النسبية الأنسب في حال تمّ الذهاب إلى القانون النسبي، هي اعتماد مبدأ من يأخذ الأكثرية النسبية ينال الأكثرية المطلقة أي النصف زائد واحد من المقاعد.
صحيح أن رئيس الجمهورية لن يتدخّل في العملية الإنتخابية ويؤلّف لوائح، لكن الأكيد أن الرئيس منح الملف البلدي الأولوية. فالبلديات هي السلطة التنفيذية في كل بلدة، لذلك سيعمل العهد على تأمين الدعم لها، إنما بعد صدور النتائج وتشكّيل الهرم البلدي الإداري.