صلاح سلام – اللواء
تتعاطى الأطراف السياسية والحزبية مع الملف الحكومي وكأن البلد مازال يتحمّل ترف الخلافات التقليدية، والتنافس على الحقائب الوزارية، متجاهلين أن الأوضاع المتردية، على مختلف المستويات الإقتصادية والإجتماعية، وغير مهتمين بالمعركة الديبلوماسية الحاسمة التي يجب أن يخوضها لبنان في مجلس الأمن والمحافل الدولية الأخرى، لإخراج الجيش الإسرائيلي من المناطق الجنوبية، ووقف كل عمليات التخريب والتدمير التي يمارسها في القرى الحدودية.
أصبح معروفاً أن تشكيل حكومة العهد الأولى خطوة أساسية، ولا بد منها، لإنطلاق ورشة الإعمار، بالتوازي مع عمليات الإصلاح المالي والإداري، حتى يستطيع البلد المنكوب من الحصول على المساعدات الضرورية، للخروج من دوامة الإنهيارات المستمرة، وإستعادة توازنه الداخلي من جهة، وإعادته إلى مكانته السابقة عربياً ودولياً.
مروحة المشاورات الواسعة التي أجراها الرئيس المكلف نواف سلام مع الكتل البرلمانية، والقيادات الحزبية، أكدت حرص القاضي القادم من رئاسة محكمة العدل الدولية، على مراعاة خصوصيات الصيغة اللبنانية، وما تقتضيه الأصول الديموقراطية، رغم الصلاحيات التي يمنحها الدستور للرئيس المكلف في تشكيل الحكومة.
ولكن لا يجوز أن تستغل بعض الأطراف السياسية هذا الواقع، ووضع العراقيل أمام ولادة الحكومة، والعودة إلى أساليب المحاصصة وتوزيع المغانم في التشكيلة الحكومية، بما يتعارض مع المواصفات والقواعد التي وضعتها لجنة الدول الخماسية، كخريطة طريق لإخراج لبنان من النفق الحالي.
إبعاد الأحزاب عن التركيبة الحكومية، لا يعني إستهداف أحد من المكونات الطائفية والمذهبية، بقدر ما يعني الحرص على تأليف حكومة من أصحاب الكفاءات، وتشكل فريق عمل منسجم، يستطيع تحقيق الإنجازات المطلوبة في السنة التي تسبق الإنتخابات النيابية المقبلة في أيار من العام المقبل، بعيداً عن المناكفات والخلافات التي كانت تعطل الحكومات السابقة، بسبب نقل المتاريس السياسية إلى طاولة مجلس الوزراء.
ثمة حرص من الخماسية على إبعاد المالية ووزارات الخدمات الأساسية عن المؤثرات الحزبية، سعياً لتعزيز ثقة الدول المانحة بالسلطة الجديدة في لبنان، والتي أبعد ما تكون عن بيئة الفساد التي فتكت بمالية الدولة، ونهبت أموال المودعين في المصارف، وأوصلت البلد إلى الإفلاس الحالي.
لا بد للأطراف السياسية والحزبية أن تدرك أن لبنان برعاية الدول الخمس، على عتبة مرحلة جديدة لإعادة تكوين السلطة، وتكريس عودة الدولة، ومعالجة الأزمات المتراكمة. ومن يحاول وضع العصي في دواليب هذه المسيرة الواعدة، يكون أختار القفز من مركب الإنقاذ، والسباحة عكس التيار!!