شعار ناشطون

السلاح بيد الدولة حصراً والحوار لبحث “الهواجس والضمانات”

14/04/25 06:36 am

<span dir="ltr">14/04/25 06:36 am</span>

شارل جبّور – نداء الوطن

ما يجب تأكيده بداية أن ازدواجية السلاح التي بدأت منذ منتصف ستينات القرن الماضي خربت لبنان، ولا حلّ سوى في إنهاء هذه الازدواجية واحتكار الدولة وحدها للسلاح، والوضع الذي نشأ بعد اتفاق الطائف كان شاذاً وسببه تقاسم النفوذ السوري والإيراني الذي حال دون تطبيق هذا الاتفاق وإبقاء لبنان ساحة لمشاريعهما الإقليمية، وبالتالي كل ما نتج عنه من مقاومة وغيره شكل انقلاباً على “وثيقة الوفاق الوطني” ولا علاقة للبنان واللبنانيين به.

وما يجب تأكيده أيضاً أن إنهاء ازدواجية السلاح لا يكون بالحوار، إنما من خلال تنفيذ الدستور الذي تمّ الانقلاب عليه وتجميده وعدم تطبيق شقه السيادي، وخيراً فعل رئيس الجمهورية بأنه أخذ على عاتقه هذه المهمة بالتواصل مع “حزب الله” من أجل وضع جدول زمني قصير لتفكيك بنية “الحزب” العسكرية.

فالحوار لا يكون على قضايا غير مشروعة ومخالفة للانتظام العام نشأت في ظروف احتلالية، ومجرّد الحوار حول هذه القضايا يمنحها المشروعية من جهة، والمبرِّر لاستمرارها في ظل الخلاف حولها من جهة أخرى، فيما المطلوب على هذا المستوى تنفيذ الدستور ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، وهذا ما يجعل الحوار حول السلاح خطيئة لا خطأ فقط.

وعندما قيل للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس أن الجيش يتسلّم تباعاً مواقع “حزب الله” العسكرية، سألت لماذا لا يعلن عن ذلك صراحة بما يُطمئن اللبنانيين ويعزِّز صورة الدولة، فقيل لها حرصاً على معنويات “الحزب” الذي من الصعوبة عليه أن يتقبّل أمام بيئته أولاً إنهاء مشروعه المسلّح، وبمعزل عن جوابها، فإن “الحزب” بنى صورته كلها حول ما اصطلح على تسميته بالمقاومة وما يتفرّع عنها من حروب وخطاب قائم على الحرب حصراً، فلم يقدِّم نفسه كحالة تغييرية وتطويرية وتحديثية، ومع انتزاع هذا المصطلح منه، والذي أخذه بقوة الأمر الواقع، يفقد صورته وهيبته ويُصبح بلا دور ولا وظيفة، وهذا ما يصعِّب الأمور عليه، ويدفع البعض إلى البحث في كيفية حفظ ماء وجهه، ولكن من دون المساومة على احتكار الدولة للسلاح.

وانطلاقاًّ من مقولة “ما بني على باطل فهو باطل”، فإن كل ما بني منذ العام 1991 تحت مسمى المقاومة كان باطلاً، وما يجب أن يكون موضع تقدير لدى “حزب الله” أن القوى السياسية المعارضة له تكتفي بإنهاء مشروعه المسلّح تحقيقاً للمساواة وإفساحاً في المجال أمام مشروع الدولة ليشق طريقه ومن دون المطالبة بمحاسبته على هدره 34 عاماً من حياة اللبنانيين، ولا مطالبته بالتعويض على الشعب اللبناني جراء كل ما أصابه من موت ودمار وخراب، وعدم المطالبة لا تنم عن ضعف ولا عن عدم قدرة، إنما انطلاقاً من فهمها العميق للتركيبة المجتمعية ورغبتها الحقيقية في طي صفحة الانقلاب على الطائف وفتح صفحة جديدة.

ولكن هذا الفهم العميق يستغله “حزب الله” بمواصلة التحريض ضد الدولة وتمنينه اللبنانيين بدوره وما يدعي أنه قدمه، فيما المعادلة يجب أن تكون معكوسة لجهة شكر “الحزب” للبنانيين بسبب تعاملهم معه على قاعدة “عفا الله عما مضى” بدلاً من محاسبته ومطالبته بالتعويض.

وهناك من يعتبر أن المطالبة بالمحاسبة والمساءلة والمحاكمة والتعويض تؤدي إلى مزيد من الشرخ والانقسام والتوتر، فيما العكس هو الصحيح كونها تسهِّل على “الحزب” إنهاء مشروعه المسلّح، وتجعل جمهوره يتأقلم بسرعة مع مشروع الدولة، وهذا ما يستدعي نقل النقاش من جدوى سلاح “الحزب” وعدم جدواه، إلى تخييره بين محاسبته وبين العفو عنه، لأنه خلافاً للحرب اللبنانية التي فرضت على الجميع واستدعت العفو عما مضى، فإن “الحزب” تعمّد قهر اللبنانيين وإذلالهم وإخضاعهم في سياق المشروع الإيراني التوسعي.

ويدرك “حزب الله” تمام الإدراك أنه مع النتائج العسكرية لـ “حرب الإسناد” وسقوط نظام الأسد وجلوس طهران حول طاولة المفاوضات مع واشنطن، أصبح ملزماً بإنهاء مشروعه المسلّح، وبالتالي، لم يعد التذاكي والتشاطر وشراء الوقت تنفع، ولذلك، فإنه بالتوازي مع المسار التنفيذي الذي بدأه رئيس الجمهورية مع “حزب الله” من أجل احتكار الدولة وحدها للسلاح ضمن مهلة زمنية قصيرة، من المفيد أن يدرس الرئيس جوزاف عون جدياً فكرة الدعوة إلى حوار في مقر الرئاسة الأولى بالعنوان الذي كان وضعه النائب علي فياض: “تبادل الهواجس والضمانات من أجل إعادة بناء التفاهمات الوطنية”، وبذلك تكون الرسالة لـ”الحزب” واضحة: لا حوار حول السلاح الذي تحتكره الدولة وحدها، والحوار مفتوح ما دون سقف الدولة بما يبدِّد هواجس الجماعات ويحصِّن الواقع اللبناني ويرسِّخ الاستقرار وفقاً لقواعد المساواة والشراكة ونبذ العنف وإسقاط كل مشاريع الغلبة وتغيير هوية لبنان التعددية ودوره الحيادي.

تابعنا عبر