لم نكن نحتاج الى إنهيار كافة قطاعات الدولة لنلاحظ مدى الضرر الذي لحق بالرياضة اللبنانية، فالرياضة بمعناها الحقيقي لم تكن يوماً في ذهن مَن حكمَ لبنان منذ الاستقلال لغاية اليوم، فأولويات الدولة بمفهومها العام كانت مختلفة بغضّ النظر عن الأنظمة السياسية التي حكمت خلال الثمانين سنة التي مضت.
بعد إنتهاء الحرب الاهلية شهدت معظم قطاعات الدولة نهضة كبيرة، بما فيها قطاع الرياضة، فالعقلُ المفكر للدولة في ذلك الحين المتمثل بالرئيس الشهيد رفيق الحريري أولى الرياضة أهمّية قصوى تمثلت بخطة (وإن كانت غير مدروسة بإحكام )، لإعمار وإعادة إعمار البنى التحتية الرياضية للدولة اللبنانية، الأمر الذي استقطبَ أحداثاً عربية وإقليمية رياضيّة كبرى، فكانت الدورة العربية عام 97 وكأس آسيا لكرة القدم عام 2000، وفي نفس العام تمّ إستحداث وزارة مستقلة للشباب والرياضة.
بدت الأمور وكأنها تسير في الاتجاه الرياضيّ الصحيح، ولكن – وبدون مقدّمات – عادت الرياضة لتحتل أسفل سلم الاولويات والإهتمامات لدى الدولة، بل أصبحت من الكماليات، فخسرنا في مدة قصيرة كافة البنى التحتية الرياضية نتيجة إهمال الصيانة، وعدنا مجدّداً الى نقطة الصفر.
تعاملَ أهل الرياضة مع الواقع الجديد ببراغماتية، فالأفكار الناجحة تكمن في قيمة نتائجها العملية، وظهرت بعض المبادرات الفردية في لعبتَي كرة القدم وكرة السلة أثمرت نتائج مميّزة خلافاً لكلّ منطق، وكانت تلك الإنجازات الوحيدة للدولة اللبنانية خلال السنوات العشر الأخيرة.
للأسف اليوم حتى أهل الرياضة يعيدون ترتيب أولوياتهم في ظلّ الوضع الذي نعيشه اليوم، فدولتنا أصبحت شبه فاشلة والأولوية هي النجاة.
ربما ننجو من هذا الكابوس الذي نعيشه يوماً ما، ولكنّ الأكيد أنّ الرياضة اللبنانية ستحتاجُ الى عشرات السنوات لتضميد جراحها.