
أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى أن “عيد الفصح مر ولم يشكل المسؤولون المعنيون دستوريا الحكومة الجديدة الإنقاذية كهدية للشعب اللبناني في العيد. لكنهم خيبوا آمال اللبنانيين مرةً ثانية، بعد الوعد الأول بتقدمة هذه الحكومة عيدية لعيد الميلاد. لكنهم آثروا قهر اللبنانيين مستعملين سلطتهم، وهي من الشعب، والعمل السياسي لهذه الغاية، للهدم لا للبناء”.
وأضاف الراعي، “لقد بينوا للجميع داخليا وخارجيا إنهم لا يريدون تشكيل حكومة لغايات خاصة في نفوسهم وبكل واحد منهم. فالتقوا في مصلحة مشتركة هي التعطيل، وتركيع الشعب من دون سبب، بتجويعه وإذلاله وإفقاره وانتزاع الأمل من قلبه”.
وأكد، في عظة الأحد، أن “الشعب اللبناني أقوى منهم بولائه للبنان، وبأخلاقيته ومناقبيته، هو أقوى منهم بصموده المحرر من أي ارتباط خارجي. ويقول لهم بلساننا أن أولوية الأولويات الآن تبقى تشكيلُ حكومة لأن قيام حكومة كاملة الصلاحيات هو مفتاحُ الحل لباقي القضايا الأساسية أكانت إصلاحيةً أم سياسية، أمنيةً أم اقتصادية، اجتماعيةً أم معيشية”، مشيراً إلى أنه “من دون حكومة، كل كلام يبقى باطلاً، وتتعمقُ الانقساماتُ، وتتعممُ الاتهاماتُ، وتُضربُ هيبةُ المؤسسات الضامنة كيان لبنان”.
وشدد الراعي على أن “وحدها الإيجابيةُ تُخلصُ لبنان، وحده النُبلُ يُعيد الاعتبار إلى الحياة السياسية، وحده التجردُ من المصالح يُعيدُ الاحترام إلى الذات. وحده التفكيرُ بخير الرعية يُعززُ شرعية الدولة. وحده التركيزُ على الإنسان لا على الأشخاص يُصالحُ المسؤول مع ذاته وشعبه. فالصلاحياتُ والقدراتُ والقوانينُ أُنيطت بالسلطة لكي تكون أفعالًا إيجابية تُستعمل في الطريق المستقيم وفي الأهداف السامية وفي الخيارات الصحيحة”.
وتابع، “الفعل الإيجابي أن ألفوا حكومةً للشعب من دون لف ودوران. ألفوا حكومةً واخْجلوا من المجتمعين العربي والدولي ومن الزوار العرب والأجانب. ألفوا حكومةً وأريحوا ضمائركم. إن جدية طرح التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة. وأصلًا، لا تدقيق جنائيا قبل تأليف حكومة”.
وأشار إلى أنه “حري بجميع المعنيين بموضوع الحكومة أنْ يكُفوا عن هذا التعطيل من خلال اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دُستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العُقدة الأم وهي أن البعض قدم لبنان رهينةً في الصراع الإقليمي/الدولي”، مؤكداً: “لا نريدُ العودة إلى أزمنة لبنان الرهينة والوطن البديل، فيما نحن على مسافة يومين من الذكرى السادسة والأربعين لاندلاع الحرب على لبنان في 13 نيسان 1975. كان يومًا مشؤومًا وكانت المقاومة اللبنانية”.
وأعلن الراعي خشيته أن “يكون القصدُ من تعطيل تشكيل الحكومة هو الحؤولُ دون أن تأتي المساعداتُ لإنقاذ الشعب من الانهيار المالي. فالبعضُ يُريد أنْ يزداد الوضعُ سوءًا لكي يفتقر الشعبُ أكثر ويجوع، فييأس أو يُهاجر أو يخضع أو يقبل بأي تسوية، وتتم السيطرةُ عليه وعلى الدولة”، متوجهاً إلى المسؤولين بالقول، “أوْقفوا إذلال الناس، أوْقفوا المس بأموال المودعين من خلال السحب من الاحتياط. أوْقفوا الهدر تحت ستار الدعم. ثقوا ايها المسؤولون، أن شعبنا لن يخضع، وان أجيالُنا لن تيأس. لن يُرهب التهويلُ شباب الثورة الحضارية وشباتها”، مؤكداً أن “قدرنا أن نناضل ونكافح لاستعادة لبنان من مصادريه وخاطفيه. وها أن الالتفاف الداخلي والخارجي حول مشروع حياد لبنان يتزايد، ويشكل مصدر أمل بالمستقبل وبصحة الخيارات التي نتخدها في سبيل لبنان. وها أن فكرة عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان تشق أيضًا طريقها في المحافل الدولية تفهمًا ودراسةً وعناية”.
وختم، “نحن نتكلم بالحق وبالسيادة وبمصلحة جميع اللبنانيين دون استثناء، نحن نتكلمُ باسم حرية الإنسان. نحن هنا لننقذ لبنان لا لندخل في متاهات وسجالات. نحن هنا لنوحد اللبنانيين جميعًا حول لبنان بالمحبة والحوار والولاء. نحن هنا لنعيد الثقة بين كل مكونات لبنان وبين لبنان والعالم”.