الدعم السعودي خفّف من وطأة الأحداث المحلية
فرنسا وأميركا وإيران … على خطى لبنان
من دون رؤساء جمهورية و”الحبل على الجرار”
مقال للكاتب صفوح منجّد
تابع اللبنانيون من مختلف الطوائف والمناطق الإهتمام الذي أولاه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في المملكة العربية السعودية تجاه اللبنانيين، وخاصة في الظروف الراهنة حيث اُعلن عن توقيع مذكرة تعاون مشترك بين المركز والهيئة العليا للإغاثة اللبنانية، خلال إحتفال أقيم في السراي الحكومي ببيروت بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحشد من المسؤولين اللبنانيين وزراء ونوابا، بدعوة من سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري لمناسبة توقيع مذكرة تعاون مشترك بين المركز ولجنة الإغاثة العليا في لبنان.
وخلال الكلمات التي القيت تم الكشف عن مساهمة مالية من المملكة العربية السعودية بقيمة عشرة ملايين دولار، لتنفيذ نحو 28 مشروعا في المناطق اللبنانية المختلفة.
ويُذكر ان المملكة العربية السعودية قد نفذت مشاريع إغاثية وإنسانية وتنموية لجمهورية لبنان بعدد 129 مشروعا موزعة على أكثر من قطاع، وبمبلغ مليارين وسبعمئة وسبعة عشر مليونا وثمانمئة وسبعة وسبعين الفا ومئة وواحد وتسعين دولارا أميركيا.
وهذه الرعاية والمساعدات من “مملكة الخير” كانت مناسبة ليتوجه من خلالها اللبنانيون في مختلف المناطق، بالشكر والتقدير للمملكة.
فيا ليت اللبنانيين بمختلف مشاربهم يتعظون ويتقاربون ويقفون “وقفة رجل واحد” تجاه ما مرّ ويمر ببلدهم، ويحسمون لمرة واحدة وأخيرة من هو شقيقهم وصديقهم ومن هو عدوهم المتربّص بهم في كل زاوية ومنعطف، ويا ليتهم يُدركون ويفرقون من هو الصديق ومن هو العدو، وسط تلك الممارسات اللاديمقراطية وبالتالي عدم اللجوء إلى التعامل مع المسائل السياسية والتشريعية بصورة خاصة، كسلع وتنفيعات، ومن جهة ثانية إلى وجوب التنبه إلى “المصطلحات” السياسية في بعض البلدان الأوروبية والغربية وفي فرنسا حاليا، والتي لاتمت بأي صلة مع التصنيفات السابقة وخاصة على صعيد إطلاق تسميات مختلفة على التنظيمات السياسية الحالية من يمين ويسار، إضافة إلى إستخدام صفات مثل التطرف، لا تتوافق مع الأجندات السياسية والتحالفات في هذه الدولة الأوروبية أو تلك وبصورة خاصة حيث ظهرت في خضم الإنتخابات النيابية الأخيرة في هذه الدول، وتبين أنها تتغيّر من بلد إلى آخر وصولا إلى التحالفات والإنحيازات، ولا تتماشى مطلقا مع المعايير المتّبعة في هذا البلد الأوروبي أو ذاك، وما يُطلق من مواقف وصيغ لتحقيق البرامج الحزبية، فحتى ضمن الفريق الواحد أحيانا تتبدّل المعايير والدلالات.
وأكبر مثال على ذلك، الخلاف البارز بين العديد من الأحزاب الأوروبية، فالجمهورية الخامسة الحالية لا تتفق بشيىء مع “جمهورية ديغول”، وذلك على سبيل المثال مع التوصيفات الأميركية وغيرها سواء في الدول اليمينية أو اليسارية، حيث لا تتجانس ولا تتوافق هذه الأحزاب مع بعضها البعض، وتتمايز على صعيد تحديد مفاهيم القضايا الكبرى المطروحة.
ولذلك رأينا ولمسنا تلك الإنقسامات الحادة حتى ضمن الحزب الواحد خلال الإنتخابات الأخيرة في أوروبا وتحديدا في فرنسا وإنكلترا على سبيل المثال، في حين أنّ الإنقسام الشعبي – السلطوي قد بدا واضحا في الإنتخابات الإيرانية، الأمر الذي يشير إلى عدم قدرة اي تنظيم أو حزب الحصول على الأكثرية المطلوبة من أصوات الناخبين، ليتم تتويج هذا المرشح أو ذاك في سدّة الرئاسة الأولى مما يتطلّب إحتمال إعادة هذه الإنتخابات، خاصة وأن إيران قد شهدت إمتناعا واسعا عن الإقتراع وخاصة في صفوف الشباب إناثا وذكورا ، وهذا الأمر (ولسخرية القدر) فإنه ينطبق على إنتخابات فرنسا وغيرها من الدول التي تقوم على تعدد الأحزاب بين يمين ويسار، حيث لا قدرة على تمتّع أحد من المرشحين بتأييد النسبة المطلوبة ،وفق القانون للتربع على كرسي الرئاسة الأولى، وبشكل آخر فهذا الامر بدأ يؤدي إلى خلافات بارزة بين الأحزاب الأوروبية وليس في إيران فقط.
ووسط هذه الأجواء بدأ الحديث عن وجوب الفصل بين التوصيفات المتّبعة بشأن الأحزاب في تلك البلدان التي باتت غير متجانسة، وتتمايز على صعيد تحديد الموقف من القضايا الكبرى في العالم وفي مقدمها قضية فلسطين.
وكان لا بد من هذه المقدمات للتوصّل إلى طبيعة الأحداث التي ستطرأ على المشهد العام في العالم، وفي منطقتنا العربية بصورة خاصة، لنُدرك معا أن الأجواء والأحداث التي طرأت على المنطقة منذ حرب غزة إلى اليوم باتت على شفير التبدّل في المواقف وفي الإستعدادات، وحتى في ما يتعلق بالتحالفات التي كانت حتى الأمس القريب بعيدة عن إمكانية الحصول، لاسيما بين أطراف النزاع أو حتى ضمن الفريق الواحد، بإنتظار ما قد تُسفر عنه الإنتخابات “التصحيحية” التي قد تغيّر الكثير من عوامل الإنخراط في هذه المواجهات او الإبتعاد عنها.
وما قيل عن (غنجٍ ودلال) لدى بعض الأطراف قد تصبح دعوة للإنخراط في هذا الحزب أو ذاك، والدخول في معركة إنتخابات جديدة، أو الدفع بإتجاه تحشييد الأصوات وتفعيل تحالفات جديدة، كما هو الحال في إيران حيث بدأت المعلومات تشير إلى صعوبة حصول مرشحي السلطة على الأكثرية.
أما في فرنسا فالإنسحابات قد بدأت على صعيد مرشحين سابقين للحيلولة دون حكم اليمين المتطرف، حيث ظهر لوبان متهماً ماكرون بالسعي لإنقلاب إداري وقيام جمعية وطنية (مجلس نواب) معطلة بدون إمكانية تشكيل تحالفات تحظى بالغالبية بين الكتل الثلاث الرئيسية.
ومن جهته حذّر رئيس الوزراء الفرنسي كابريال أتال من أن “اليمين المتطرف” بات على أبواب السلطة. ووسط كل ذلك يتأهب الإتحاد السوفييتي لدخول “معركة” الشرق الأوسط للحد من إستباحة الولايات المتحدة لمسرح الأحداث في الشرق الأوسط.
ويبقى السؤال: أين العرب؟ وهل سيظلون نياما؟ أم أنّ وراء الأكمّة ما وراءها؟.