منير الربيع – المدن
وتكشف معلومات أن الحريري عقد ليل السبت لقاءات مع مسؤولين فرنسيين في باريس، مكلفين بالملف اللبناني، فبُحِثت الخيارات والاحتمالات كلها.
أما لقاء بري والحريري في بيروت فكان إيجابياً، وفق مصادر الطرفين. وهي تؤكد أن مسعى بري يحقق تقدماً على صعيد تصور الحكومة وانعدام الأثلاث المعطلة فيها. وتقول مصادر رئيس مجلس النواب إن الحركة إيجابية، ولكن العبرة في خواتيمها ومعالجة التفاصيل الكاملة سياسياً ودستورياً.
وفضلت المصادر عدم الدخول في تفاصيل اختيار الوزيرين المسيحيين. وتكشف معلومات أن بري توجه للحريري قائلاً: وضع البلد لم يعد يحتمل، ولا بد من تشكيل حكومة، وإيجاد صيغة ملائمة لذلك. ويجب حسم الأمر خلال ساعات وليس أيام. وأبدى الحريري تجاوبه، شرط أن يكون رئيس الجمهورية مستعداً للتعاون والتسهيل.
وتؤكد معلومات أن الحريري لم يقدم أي تصور واضح أو كامل لبرّي. وهو لا يمتلك صيغة جاهزة لعرضها على رئيس الجمهورية.
بري ولقاء الخليلين وباسيل
واقترح بري إيجاد طريقة لتسمية الوزيرين المسيحيين العالقين: أن يقترحهما عون والبطريرك والحريري وبري أيضاً. فيجري التوافق على اسمين من الأسماء المقترحة. ويكون الوزيران محسوبين على الحريري في الشكل، وغير محسوبين عليه في المضمون، مع ضمانة عدم استقالتها من الحكومة. وليس بالضرورة أن يكونا في فريق عمل الحريري أو يوافقا على طروحاته ويصوتا إلى جانبه، ولا يكونا من فريق عمل جبران باسيل.
واتفق بري والحريري على إرسال هذا المقترح في صيغة أولية إلى حزب الله والتيار العوني، ليعمل الوزير السابق علي حسن خليل على معرفة مدى موافقة القوى عليه، للسعي إلى إنجاحه. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الخلاف لا يزال قائماً حول وزارتي العدل والداخلية. وأبدى بري استعداده لزيارة رئيس الجمهورية والتفاهم على الصيغة المقترحة لإنجاحها.
وحاول بري الحصول من الحريري على جواب نهائي، فكان الحريري متجاوباً، وقال إنه خلال 24 ساعة يحسم أمره. وتبين أن هذه المهلة هدفها جوجلة الأفكار، وعقد اجتماع لكتلة المستقبل النيابية، وتهيئة المكتب السياسي في تيار المستقبل، والبحث معه في التطورات والخيار الذي يمكن اتخاذه. وتنفي المصادر وجود توجه إلى الاعتذار لدى بعض المستقبليين، والانتقال إلى المعارضة.
ومساء أمس عقد اجتماع بين الخليلين وجبران باسيل في قصر بعبدا. فتمسك باسيل بتسمية الوزيرين المسيحيين وبوزارة الداخلية، رافضاً أن يسمي الحريري أياً من الوزيرين المسيحيين. وهذا يعتبره الرئيس المكلف حقاً دستورياً له. واتفق على استكمال البحث بين بري والحريري، وبين حزب الله وباسيل.
الانتخابات والتشكيل
وهناك من لا يزال يستبعد رغبة الطرفين، أي عون والحريري، في تشكيل الحكومة. فأي تشكيلة يقدمها الحريري لعون، وتلتزم تمسكه بتسمية وزير مسيحي، يرفضها عون رفضاً قاطعاً. وهذه تفاصيل صغيرة، ولكنها توضح انعدام الثقة الكامل بين الرجلين، وعدم الرغبة في التعاون ولا القدرة عليه.
وحسابات القوى كلها أصبحت انتخابية. وسعد الحريري في عدم تنازله وإصراره على شروطه وإمساكه بورقة التكليف، يريد خوض الانتخابات النيابية بناء على هذه الشعارات التي تعزز شعبيته تحت عنوان مواجهة العونية، وحماية صلاحيات رئيس الحكومة. ورئيس الجمهورية لا يزال يصعّد في مجالسه ضد الحريري. يحمّله مسؤولية التعطيل، ويتجنب استفزاز بري الذي اقترب من الاقتناع بعدم جدوى دعمه الحريري، أو تحميله مسؤولية التعطيل.
إنها لعبة تقاذف المسؤولية بين الأخصام، بناء على حسابات انتخابية بدأت باكراً جداً. وهذا ما يوسع أفق المعركة، وصولاً إلى تهديد نواب تكتل لبنان القوي العونيين بالاستقالة من المجلس النيابي، والذهاب إلى انتخابات نيابية، مبكرة أو في موعدها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن حزب الله مصمم على عدم إجراء انتخابات مبكرة، وأبلغ التيار العوني بذلك.
تشاؤم وانتظار دوليان
والمجتمع الدولي تجاوز هذه التفاصيل اللبنانية. والفرنسيون يركزون بوضوح على استحقاق الانتخابات، ويراهنون عليها لفرز قوى سياسية تعمل على تشكيل السلطة وفق التوازانات الناجمة عن العملية الانتخابية. وفي انتظار الانتخابات، يتركز الاهتمام على توفير المساعدات الإنسانية والغذائية للحد من التدهور.
وجاءت دعوة الفاتيكان للقاء رؤساء الطوائف والمؤسسات المسيحية من مختلف المذاهب، لبحث الوضع في لبنان وإطلاق سينودس جديد حرصاً على البلد بنظامه وكيانه ومسيحييه. وطلبت دوائر الفاتيكان من البطريركية المارونية العمل على عقد لقاء قمة إسلامي–مسيحي يسبق قمة الفاتيكان، لوضع الخطوط العريضة للمشاكل المشتركة والأزمة الوجودية التي تواجه البلاد.
والإشارات من الخارج لا تبدو إيجابية، على الرغم من فرصة الأيام القليلة أمام الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة. لكن الأمل الدولي بتشكيلها مفقود، إلا إذا حصلت معجزة سياسية.
وجاءت إعادة إطلاق المبادرة الفرنسية بقرار أوروبي – فاتيكاني وغياب الأميركي، بهدف حماية لبنان وإنقاذه. ومهلة الأشهر الستة وتمديدها، لم تصلا إلى نتيجة. وبعد ذلك حصل تحول بارز في الموقف الفرنسي والدولي من لبنان: الاهتمام بمؤسسات معينة للحفاظ على الأمن والاستقرار. ودعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية. إضافة إلى التعاون مع مؤسسات وجمعيات تهتم بتوزيع المساعدات الإنسانية والغذائية. وفي هذا الإطار كانت زيارة قائد الجيش إلى فرنسا، وكذلك استعداده لزيارة الولايات المتحدة الأميركية.