تبدو المهلة الذي تم ايهام الرأي العام اللبناني بها، وتصويرها كحدّ فاصل بين مرحلة جمود الاتصالات الحكومية من جهة، ومرحلة اعادة تزخيمها من جهة ثانية، وتتمثل في تسلّم الرئيس الاميركي جو بايدن مقاليد الحكم في البيت الابيض، تبدو سقطت هي الاخرى، وانضمت الى مواعيد كثيرة تم إلهاء الداخل بها منذ استقالة حكومة حسان دياب في آب الماضي، لتترسّخ أكثر القناعة الموجودة اصلا لدى اللبنانيين بأن لا ارادة بفك أسر الحكومة راهنا، وبأنها لا تزال مكبّلة بسلسلة شروط لا تنتهي.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة عبر “المركزية”، التعطيل مستمر ولا قرار بعد بالتشكيل. في الظاهر، يحول الخلاف بين فريقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة والرئيس المكلف سعد الحريري، دون إبصار الحكومة النور.
المواجهة بين الطرفين قاسية والهوّة بين الجانبين من الصعب لا بل من المستحيل ردمها، وفق المصادر. وقد بات واضحا ان بعبدا لا تريد الرئيس الحريري في السراي، هي تغطي هذا الرفض بلاءات كثيرة تضعها على تركيبته الوزارية، وتشترط عليه تغييرها واحترام وحدة المعايير والنصوص الدستورية، ودور رئيس الجمهورية وصلاحياته في عملية التأليف (…) غير ان هدفها الاساس هو إبعاده من الصورة ودفعه الى الاعتذار… اما الحريري، فيبدو حتى الساعة لن يرضخ لكل هذه الضغوط، وليس في وارد لا التغيير في تركيبته الوزارية التي سلّمها لعون منذ اسابيع، ولا في تبديل وجهة نظره من كيفية التأليف ودور الرئاسة الاولى في هذا الاستحقاق.
الخلاف كبير وعميق، ويتغذّى من فقدان كيمياء “شخصية” لا من اعتبارات “دستورية” فقط، لكن وفق المصادر، السبب الاساس خلف تعثّر التأليف موجود في الضاحية. فهي توضح ان لبنان واقع تحت الهيمنة الايرانية، بقرار ودفع واضحين وقويين من حزب الله يغطيّهما العهد. وحتى الساعة، لم يصدر بعد أمر الافراج عن الحكومة اللبنانية من طهران، ولذلك، نرى التعطيل يتمدد والوساطات تفشل، ورفعَ السقوف بين بعبدا وميرنا الشالوحي وبيت الوسط، على حاله. أما حين تدق ساعة التأليف في الجمهورية الاسلامية، فإن كل هذه العقبات ستتلاشى، وسنرى حزب الله يحرّك عجلاته فعلا لا قولا، على خط حلفائه لتسهيل التشكيل.
وفق المصادر، لا يريد الحزب، خسارة ورقة تشكيل الحكومة في هذا الظرف، خصوصا وان الامورفي المنطقة غير واضحة بعد، لا بالنسبة للازمة السورية والخيار السياسي للرئيس بشار الاسد ومصيره وموقفه من موضوع التطبيع، ولا بالنسبة الى العلاقات الايرانية – الاميركية والملف النووي الايراني. وعليه، يناسبه التريث الحاصل اليوم، كونه لا يريد لا كسر عون ولا خسارة باسيل وغطائه لسلاح الحزب، كما انه لا يريد خسارة الرئيس الحريري في السراي وما يؤمّنه له من مشروعية يحتاجها اقليميا وعربيا، خاصة وان تخطّي الحريري، يمكن ان يستفزّ الشارع السني، ويشعل فتنة سنية – شيعية يخشاها حزب الله.
حتى الساعة، الحزب يحتفظ بالحكومة “معلّقة” كورقة ضغط في خدمة ايران، ولا تشكيل قبل ان يصدر الامر من طهران.