منير الربيع – المدن
عودة إلى الحدود
فإسرائيل تستمر في عمليات التنقيب، وتهدد الثروة اللبنانية. وسوريا لزّمت شركات روسية للبدء بالمسح. ولا بد للبنان من إظهار حقه وتثبيته جنوباً وشمالاً. وهذه مسائل ضرورية واستراتيجية، لا يمكن تأجيلها، فيخسر لبنان مساحات وثروات بحرية.
ومن غير احتساب أو توقع، أصبح ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والشمالية يسيران معاً. هكذا شاءت الظروف. ولبنان محكوم بفرض حدوده وتثبيتها: جنوباً لحماية 2290 كلم مربع، وشمالاً لحماية مساحة تتراوح بين 750 و1000 كلم مربع. المشكلتان بحاجة إلى إصدار مراسيم. جنوباً تفترض الحاجة إلى إصدار مرسوم يعدّل بموجبه المرسوم 6433 الصادر في العام 2011، ويوسع المجال اللبناني بمساحة 1430 كلم مربع. أما شمالاً فلا بد من إصدار مرسوم يثبت الحدود اللبنانية، طالما أن المشكلة تعود أيضاً إلى العام 2011، فيما لم تلجأ سوريا إلى تسجيل مساحة حدودها لدى الأمم المتحدة.
ولا شك في أن هذه المعضلات تتجاذبها السياسة في لبنان. ولكن بعيداً منها، هناك حاجة ضرورية لتثبيت الحدود وإظهار الحق اللبناني. ورئيس الجمهورية ميشال عون يريد تولية الوفد نفسه المفاوض جنوباً للتفاوض شمالاً مع سوريا، مع إمكانية توسيع الوفد ليشمل مدنيين، لأن العلاقة مع دمشق تختلف عن العلاقة مع إسرائيل.
دهاليز السياسة
ودخل تعديل المرسوم جنوباً في الدهاليز السياسية، وأصبح في حاجة إلى توافق سياسي بين المعنيين. وهذا شرط أساسي يضعه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، للتوقيع على المرسوم. علماً أن نص المرسوم أعده قبل مدة الوفد المفاوض وقيادة الجيش، وأرسل إلى وزارة الدفاع. وأرسلته الوزارة إلى رئاسة الحكومة. لكن دياب لم يوقعه بسبب ما يعتبره “خلافاً سياسياً” حوله، مشترطاً التوافق. والأمر نفسه ربما ينطبق على الحدود الشمالية مع سوريا.
واستعيض عن عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال بعقد اجتماع وزاري للوزراء المعنيين في ملف ترسيم الحدود: رئيس حكومة تصريف الأعمال، نائبة الرئيس ووزيرة الدفاع زينة عكر، وزراء الأشغال والخارجية، إضافة إلى أعضاء الوفد المفاوض.
وشرح أعضاء الوفد ما لديهم من خرائط ووثائق لتثبت حق لبنان، مشيرين إلى ضرورة تعديل المرسوم ليحفظ لبنان حقه، فلا تؤثر عليه سلباً عمليات التنقيب على الجانب الإسرائيلي، بل ليشكل المرسوم عامل ضغط على الشركات وعلى إسرائيل. ما يعني وقف عمليات التنقيب قبل عودة المفاوضات والاتفاق على الترسيم. وهنا يتوقع الوفد اللبناني الحصول على مساحة أكبر بكثير من 860 كلم.
ويأتي ذلك بعد جولة من الضغوط التي مارسها الوفد المفاوض على الحكومة والقوى السياسية. وقبل أيام وجه رئيس الوفد المفاوض العميد بسام ياسين رسالة واضحة إلى الحكومة والقوى السياسية عبر صفحته على فيسبوك، مشيراً إلى أن هناك حقل غاز محتمل في البلوك رقم 9، يتجاوز الخط 23 المحدد بمرسوم 6433 عام 2011، ويصل إلى البلوك 72 الذي تنوي إسرائيلي التنقيب فيه، وهو من حق لبنان. علماً أن شركة توتال العاملة في لبنان لا تريد الاقتراب من هذا الحقل، بسبب عدم التوافق عليه والبوادر خلافية حوله. وبناء على هذه الضغوط عقد الاجتماع الوزراي لتوقيع المرسوم.
التوجه شرقاً
أما شمالاً فيجري البحث عن صيغة للتفاوض مع الجانب السوري، لحماية حدود لبنان البحرية. وقبل أيام استبق رئيس الجمهورية ميشال عون الأمر، فاتصل برئيس النظام السوري بشار الأسد، للتفاهم على التفاوض. وهذا يمثل جزءاً من “التوجه شرقاً” بحكم الضرورة هذه المرة، وبدافع حماية المساحة البحرية والثروة اللبنانية.