ميسم رزق – الأخبار
تتوالد فصول التعقيدات في ملفّ تفجير مرفأ بيروت. تزامن دعوى الارتياب المقدّمة من نقابة المحامين بحق القاضي غسان الخوري، مع الدفوع الشكلية التي تقدّم بها الوزير السابق يوسف فنيانوس، فتحَ طريقاً فرعيّة جديدة من التسييس والمماطلة
فيومَ أمس، حضرَ الوكيلان القانونيان لفنيانوس، المحاميان نزيه الخوري وأنطوني فرنجية الجلسة التي كانت مخصصة للاستماع إلى موكلهما، وأثارا مسألة بطلان ورقة التبليغ، وأشارا إلى أن «دعوى استئناف قرار نقابة المحامين توقِف قرار النقابة منح الإذن بملاحقة الوزير، وأن هذا الإدلاء هو بمثابة دفوع شكلية». وبحسب مصادر مطلعة، «بدأ الجدل القانوني بين الخوري وفرنجية من جهة، ومحاميي جهات الادعاء والبيطار من جهة أخرى استمر مدة ساعتين»، ليُصار بعدها إلى «تقديم مذكرة دفوع شكلية من وكلاء الوزير فنيانوس تشمل بشكل أساسي عدم وجود صلاحية لدى المحقق العدلي للادعاء على الرؤساء والوزراء الأسبقين سنداً إلى أحكام المادتين 70 و71 من الدستور». وعليه، قرّر بيطار تأجيل الجلسة مدة عشرة أيام (16 أيلول) للبت في الدفوع الشكلية.
لكن هل يصدر القرار ضمن هذه المهلة؟ كانَ الجواب ليكون محسوماً بنعم، لولا دعوى نقابة المحامين. فمن المفترض أن يحوّل البيطار الأوراق الى النيابة العامة التمييزية، لكن بما أن هناك «دعوى رد بحق الخوري، فهذا يعني أن لا أحد مكلف للنظر بالدفوع»، فهل ينتظر البيطار قرار محكمة التمييز بشأن الخوري للبتّ في الدفوع الشكلية، أم يجري تكليف أحد المحامين التمييزيين كعماد قبلان أو غيره، ليعود بعدها إلى قاضي التحقيق قرار الفصل بموضوع الصلاحية، وهو قرار غير قابل للمراجعة بأي طريقة من الطرق؟ وفيما تقول مصادر مطلعة إن «القرار بردّ الدفوع هو الاحتمال الأكبر»، لفتت إلى أن «هناك دعاوى أخرى ستقام منها دعوى الارتياب في ما بعد بحق البيطار».
أما في ما يتعلّق بالمحامي التمييزي غسان الخوري الذي يقول مقرّبون منه إن «دعوى نقابة المحامين لن تصِل إلى نتيجة، وإن أحداً لا يستطيع أن يكفّ يده عن الملف»، لفتت المصادر إلى أن الدعوى المقدمة من الناحية الدستورية والقانونية «لا غبار عليها» لأن النقابة هي «أحد المدّعين في جريمة انفجار المرفأ». أما من الناحية السياسية، فهي «لا تخرج عن إطار التوظيف السياسي»، معتبرة أن «تقديم الدعوى في الغرفة السادسة لمحكمة التمييز التي تترأسها القاضية رندة كفوري، والتي تُتّهم بأنها محسوبة على فريق 14 آذار، يهدف إلى تعيين محامٍ تمييزي آخر مطواع. وربطاً بالاستنسابية التي يتّبعها البيطار في الادعاءات، فإن هذه الخطوة تخدم سير عمل المحقق العدلي ليسَ إلا».
أما من جهة نقابة المحامين، فكثيرة هي الأسباب الموجبة التي دفعتها إلى تقديم الدعوى، تعدّدها مصادر في النقابة بالإشارة أولاً إلى «أداء الخوري قبل وقوع الانفجار. فهو الذي أصدر قراراً بحفظ ملف التحقيق بشحنة نيترات الأمونيوم»، وصولاً إلى «استماعه الى مسؤولين من دون الادعاء عليهم كما فعل مع اللواء طوني صليبا، المدير العام لجهاز أمن الدولة». وأكثر ما يؤخذ عليه «مماطلته في اتخاذ قرارات تتعلق بالدفوع الشكلية والتبليغات».
لكن بالنسبة الى مرجع دستوري، فإن «الخطأ الأساسي الذي يجب الإشارة إليه موجود في المادة 61 من قانون الموظفين التي تنص على أنه إذا كان الجرم (الذي يرتكبه الموظف) ناشئاً عن الوظيفة فلا يجوز ملاحقة الموظف إلا بناءً على موافقة الإدارة التي ينتمي إليها، وأنه لا تتحرك دعوى الحق العام بواسطة الادعاء الشخصي المباشر وعلى النيابة العامة أن تستحصل على موافقة الإدارة قبل المباشرة بالملاحقة إذا كان الجرم ناشئاً عن الوظيفة». والثغرة هنا في عدم تحديد الظرف، فكيف يمكن للنيابة العامة البتّ في موضوع إعطاء الإذن بالملاحقة وفي الوقت نفسه هي الجهة المدّعية، وهي التي أحالت الملف الى المحقق العدلي، والتي على أساسها يقول خوري إنه ليسَ له صلاحية في ذلِك».
وعمّا إذا كانَ بالإمكان قبول الدعوى، قالت المصادر إنه «ليسَ هناك سابقة محددة في ما يتعلق بمحامٍ عام للتمييز، لكنه أمر طبيعي ولا شيء قانونياً يسمح بعدم رفع دعوى ارتياب، فهو كأي قاضٍ آخر، وهناك عشرات الدعاوى المرفوعة، منها على النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون».