كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
فجأة، طغت المؤشرات الايجابية التي تشي بأنّ قطار التأليف عاد وانطلق من جديد، ولكن هذه المرة بدفع خارجي وداخلي، ولو أنّ العاملين على هذا الخط يخشون من شياطين اللحظات الاخيرة، ويبدون تحفّظهم على قاعدة “لا تقول فيول تيصير بالمكيول”.
خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة تكثفت الاتصالات العابرة للمقار الرسمية والسياسية، في محاولة لمعالجة ما تبقى من عقد وألغام تحول دون ولادة الحكومة، بينما كانت خطوط التواصل الدولية تسجل أكثر من تحرّك ومحاولة لإخراج الحكومة اللبنانية من عنق الخلافات والتعقيدات. أقله، هكذا فهمها بعض المتابعين للشأن الحكومي، ولو أنّ بعض المتشائمين يعتقدون أنّ الضغط الذي تمارسه الإدارة الفرنسية، لم ينفع طوال الأشهر الماضية ولم ينجح في تغيير مواقف القوى المعنية ودفعها إلى تقديم أي تنازل، فلماذا سيؤتي هذا الضغط ثماره في هذه اللحظة؟
ولهذا، يسود الاعتقاد في بعض الأوساط أنّ الكلام عن حلحلة في الملف الحكومي، فرض نفسه في الساعات الأخيرة وقد يساهم في ولادة الحكومة يوم الاربعاء المقبل، بحجة الحداد العام الواقع اليوم، مبالغ فيه وقد لا ينسجم كثيراً مع معطيات الواقع الحكومي، الذي لا يزال معقّداً.
في الحقيقة، فإنّ عودة المياه إلى مجاري التأليف، ركّزت على أكثر من مسألة، أهمها: الثلث المعطّل بعدما تبيّن لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي أن “التيار الوطني الحر” مصرّ على هذا الثلث على الرغم من إدعاء رئيسه جبران باسيل عكس ذلك. ثانية تلك العقد هي حقيبة الاقتصاد التي عاد وطالب بها رئيس الحكومة المكلف اذ ستكون جزءاً من الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي. ثالثة تلك العقد هي كيفية حسم اسمي الوزيرين المسيحيين اللذين لن يسميهما رئيس الجمهورية أو بالأحرى لن يكونا من حصته. رابعة تلك العقد هي ثقة “تكتل لبنان القوي” لحكومة ميقاتي نظراً لرفض التكتل منحه الثقة ما دفع إلى السؤال عما اذا كان من الممكن تكريس عرف منح رئاسة الجمهورية حصة وازنة بحجم ثمانية وزراء، أضافة إلى سؤال عن مدى ميثاقية الثقة التي ستعطى لحكومة من دون أصوات أكبر كتلتين مسيحيتين؟
وفق بعض المتابعين، فإنّ رئيس الحكومة عاد وضمّ حقيبة الاقتصاد إلى حصته حيث يتردد أنّه سيسمي جنين السيد لها، ما دفع ببعض المشككين إلى السؤال عن ردّ فعل رئيس الجمهورية الذي يريد بدوره أن يكون شريكاً في مفاوضات صندوق النقد وفي حال جيّر حقيبة الاقتصاد إلى رئيس الحكومة فقد يعود ويضع فيتو على ايلاء نيابة رئاسة الحكومة إلى سعادة الشامي الذي يفترض به أن يترأس الوفد، ليطالب بهذا الموقع ليكون من حصته. ما قد يطرح اشكالية جديدة. ولهذا ينفي أكثر من فريق أن تكون هذه العقدة قد وجدت طريقها إلى الحلّ.
في المقابل، فإنّ السؤال عن مصير الثلث المعطل، لا يزال يلاقي أكثر من إجابة، اذ هناك من يؤكد أنّ الفرنسيين دخلوا على هذا الخط من خلال تسمية وزير مسيحي يفترض أن يكون بمثابة وزير ملك بينهم وبين رئيس الجمهورية، فيما يجزم بعض المعنيين أنّ حكومة ميقاتي لن تتشكل اذا لم يضمن رئيس الجمهورية ثلثاً في جيبه.
ويضيف هؤلاء المشككون أنّ حلّ عقدة الثلث المعطل هي الممر الإلزامي لولادة الحكومة، لأن بقية الاشكاليات قابلة للمعالجة في وقت سريع، ويشيرون إلى أنّ ما يرفع من منسوب تشاؤمهم هو اصطدام الآلية التي وضعها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لاختيار الوزيرين المسيحيين من خلال تقديم سلة من الاسماء يختار رئيس الحكومة من بينها مجموعة لرفعها من جديد إلى رئيس الجمهورية ليسمي الوزيرين، لم تنته إلى ردّ نهائي من رئاسة الجمهورية، ما يعني أنّ هذه الاشكالية لا تزال عالقة.
أما النقطة الأخيرة العالقة فتكمن في ثقة “تكتل لبنان القوي” للحكومة، لكن أكثر من فريق معني يجزم بأنّه حين تحلّ بقية العقد، فلن تكون هذه المسألة عائقاً أمام ولادة الحكومة وسيتجاوزها ميقاتي كما تجاوزها حين تمّت تسميته رئيساً مكلفاً من دون أصوات الكتل المسيحية الكبيرة.