اعلن ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أن “مبادرة السعودية الخضراء”، و”مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” اللتين سيجري إطلاقهما قريبا، سترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية”.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” عن ولي العهد قوله: “بصفتنا منتجا عالميا رائدا للنفط، ندرك تماما نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء المقبلة”.
أضاف: “إن المملكة والمنطقة تواجهان الكثير من التحديات البيئية، مثل التصحر، الأمر الذي يشكل تهديدا اقتصاديا للمنطقة (حيث يقدر أن 13 مليار دولار تستنزف من العواصف الرملية في المنطقة كل سنة)، كما أن تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري يقدر أنه قلص متوسط عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف السنة، وسنعمل من خلال مبادرة السعودية الخضراء على رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية”.
وبين أنها “ستتضمن عددا من المبادرات الطموحة من أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود المقبلة، ما يعادل إعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفا، تمثل إسهام المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1% من المستهدف العالمي لزراعة ترليون شجرة. كما ستعمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة أراضيها التي تقدر بـ (600) ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17% من أراضي كل دولة، بالإضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية”.
وتابع: “إن مبادرة السعودية الخضراء ستعمل كذلك على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من الإسهامات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94%”.
وأوضح أنه “بينما لا يزال هناك الكثير الذي يتوجب القيام به، إلا أن المملكة مصممة على إحداث تأثير عالمي دائم وانطلاقا من دورها الريادي، ستبدأ العمل على مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط، وتسعى بالشراكة مع الأشقاء في دول الشرق الأوسط لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط”، مبينا أن “البرنامج يهدف لزراعة (50 مليار) شجرة وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وهو ضعف حجم السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل (ثاني أكبر مبادرة إقليمية من هذا النوع)”.
ولفت إلى أنه “سيعمل هذا المشروع على استعادة مساحة تعادل (200 مليون) هكتار من الأراضي المتدهورة مما يمثل (5%) من الهدف العالمي لزراعة (1 تريليون) شجرة ويحقق تخفيضا بنسبة (2.5%) من معدلات الكربون العالمية”.
وأشار إلى أن “حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط لا يتجاوز اليوم 7%، وأن التقنيات التي تستخدم في إنتاج النفط في المنطقة ليست ذات كفاءة، وستعمل المملكة العربية السعودية مع هذه الدول على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات، مما سيسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60%”، لافتا إلى أن “هذه الجهود المشتركة ستحقق تخفيضا في الانبعاثات الكربونية بما نسبته أكثر من 10% من المساهمات العالمية”.
كما أوضح أن “هاتين المبادرتين تأتيان تعزيزا للجهود البيئية القائمة في المملكة العربية السعودية خلال السنوات السابقة وفق رؤية 2030، نظير رغبة المملكة الجادة في مواجهة ما عانته من تحديات بيئية تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع موجات الغبار والتصحر، وأن جزءا من جهودها لتعزيز الصحة العامة ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها، حيث قامت بإعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة، وتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئي في عام 2019، ورفع نسبة تغطية المحميات الطبيعية من 4% إلى ما يزيد عن 14% وزيادة الغطاء النباتي في المملكة بنسبة 40% خلال الأربع سنوات الماضية، كما تمكنت المملكة من الوصول لأفضل مستوى الانبعاثات الكربونية للدول المنتجة للنفط، وغيرها من المبادرات التي بدأت على أرض الواقع وحققت نتائج إيجابية ملموسة في الوضع البيئي العام”.
وقال: “هاتان المبادرتان تأتيان كذلك انطلاقا من دور المملكة الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، واستكمالا لجهودها لحماية كوكب الأرض خلال فترة رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، الذي نتج عنه إصدار إعلان خاص حول البيئة وتبني مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس أول مجموعة عمل خاصة للبيئة فيها، وإطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي وحماية الشعب المرجانية”.
وختم: “أنا فخور بالإعلان عن مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وهذه مجرد البداية، تحتاج المملكة والمنطقة والعالم أجمع إلى المضي قدما وبخطى متسارعة في مكافحة التغير المناخي، وبالنظر إلى الوضع الراهن، لم يكن بدء هذه الرحلة نحو مستقبل أكثر خضرة أمرا سهلا، ولكن تماشيا مع رؤيتنا التطويرية الشاملة، فإننا لا نتجنب الخيارات الصعبة، نرفض الاختيار المضلل بين الحفاظ على الاقتصاد أو حماية البيئة، نؤمن أن العمل لمكافحة التغير المناخي يعزز القدرة التنافسية، ويطلق شرارة الابتكار، ويخلق الملايين من الوظائف، ويطالب اليوم الجيل الصاعد في المملكة وفي العالم، بمستقبل أنظف وأكثر استدامة، ونحن مدينون لهم بتقديم ذلك، وبهذا الصدد ستعمل المملكة مع شركائها الدوليين كافة من منظمات ودول لتطوير هاتين المبادرتين وما يندرج ضمنها من مبادرات والجداول الزمنية لتحقيقها”. وأشار إلى أنه سيعلن “تفاصيل مبادرة السعودية الخضراء خلال الأشهر القليلة المقبلة، والعمل على إطلاق تجمع إقليمي في حضور الشركاء الدوليين لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر في الربع الثاني من العام المقبل”.