
كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:
اعلنت حكومة “معا للانقاذ” في بيانها الوزاري السعي لـ”إستئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى إتّفاق على خطة دعم من الصندوق، تعتمد برنامجاً إنقاذياً قصير ومتوسط الأمد ينطلق من خطة التعافي بعد تحديثها مع المُباشرة بتطبيق الإصلاحات في المجالات كافة”.
وفور نيل الثقة النيابية، وفي اول اطلالة على المحافل الدولية توجه الرئيس نجيب ميقاتي الى باريس، حيث البند الاساس على جدول اعمال هذه الزيارة اكان مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون او مع سواه، هو “الاصلاحات”، وهي كلمة تتردد مرارا وتكرارا على لسان المسؤولين الدوليين المعنيين بالملف اللبناني.
وقف الحفر
وفي هذا السياق، لفت النائب ياسين جابر في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى وجود خطة وضعت سابقا ويمكن العمل على اعادة دراستها انطلاقا من الظروف الحالية والعمل على خلق اكبر قدر من الاجماع حولها، مشددا على ان الاهم يبقى الاصلاح والمباشرة به.
وقال: من يريد الخروج من الحفرة عليه ان يتوقف عن الحفر، بمعنى انه ما لم نبدأ بالاصلاح وتحديدا في الاماكن التي ادت بنا الى الغرق، فلن ننجح.
الطاقة والاتصالات
وهنا توقف جابر عند بندين متناقدين في البيان الوزاري، شارحا انه في وقت ينص البند المتعلق بـ”الإتصالات”، على وضع رؤية إصلاحية جديدة للقطاع تأخذ في الإعتبار الشراكة مع القطاع الخاص PPP والعمل على إصدار النصوص التطبيقية للقانون رقم 431/2002 لتنظيم قطاع الإتصالات وتعيين الهيئة الناظمة للإتصالات وتفعيل شركة إتصالات لبنان Liban Telecom … لكن تغيب الاجراءات المماثلة عن البند المتعلق بـ”الطاقة”، الذي يتحدث عن “زيادة ساعات التغذية في مرحلة أولى وتأمين الكهرباء للمواطنين بأسرع وقت والعمل على تنويع مصادر الطاقة وصولاً لإعطاء الأولوية للغاز الطبيعي والطاقة المتجددة”… دون ان يأتي الى ذكر الهيئة الناظمة للقطاع او تطبيق القانون 462ـ حيث يعتبر هذان القانونان اساسيان لاصلاح القطاع.
واذ اعتبر ان احد اهم الاسباب التي اوصلتنا الى الانهيار هي الخسائر الكبيرة في الكهرباء، شدد جابر على انه اذا لم نعالج هذا القطاع، فان كافة المعالجات ليست في العمق.
دولة القانون والمؤسسات
وردا على سؤال، اوضح جابر ان الاصلاح في قطاع الكهرباء ليس في زيادة الانتاج وزيادة عدد محطات التوليد، فاليوم وانطلاقا من تركيبة القطاع ومؤسسة كهرباء لبنان، كلما زاد توليد الطاقة كلما ارتفعت الخسائر، لان شبكة النقل فيها الكثير من الهدر، وهذا ايضا ما ينطبق على التوزيع والجباية، مذكرا ان البنك الدولي كان قد قدر الخسائر بـ 45 %، حين كان صرف الدولار لا يزال عند سعر الـ1500، وبالتالي كم بلغت الخسائر اليوم، مع الارتفاع الكبير في سعر الصرف.
لذا، تابع جابر: لا بد من عملية اصلاحية، والخطوة الاولى فيها ان تكون ارساء “لبنان دولة القانون والمؤسسات”، شارحا:
_دولة القانون،: اي على الحكومة تنفيذ كافة القوانين الاصلاحية التي اقرها مجلس النواب،
_دولة المؤسسات، تعني اعادة تكوين المؤسسات المتهالكة، حيث الشغور وغياب الهيئات الناظمة، ومجالس الادارة.
واضاف جابر: اذا لم نبدأ من هنا لا يمكن ان نبدأ، كما لا يمكن التفاوض مع صندوق النقد الدولي بالشعر، بل بالافعال. قائلا: انا من داعمي الوصول الى اتفاق مع صندوق النقد انطلاقا من ثلاثة اسباب اساسية:
اولا: لاننا بحاجة لعملة صعبة، وقد يكون الاتفاق مع صندوق النقد هو المصدر السريع لذلك.
ثانيا: الاموال التي تتأمن من خلال الصندوق ” تأتي مع كرباج”، بمعنى ان لا اموال دون القيام بالخطوات الاصلاحية والالتزام بها، وهذا ما يعطي الثقة للداخل والخارج بان الاصلاحات ستنفذ.
ثالثا: الاتفاق مع صندوق النقد، يعطي لبنان “باسبورا” للاتجاه نحو باقي الصناديق والدول المانحة.
لا امكانية للهروب
ورأى جابر ان صندوق النقد يُلبس لبنان الـ straight jacket، حيث لا امكانية للهروب من الاصلاحات التي هي حجر الرحى للانطلاق نحو الانقاذ. واشار الى ان لدى الحكومة نية جدية لتشكيل الوفد الذي سيفاوض باسم لبنان برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وعضوية وزير المال يوسف خليل، وعدد من الوزراء كل حسب دوره، مشددا على انه من المتفرض ان يتجه الوفد اللبناني الى صندوق النقد محصنا بتفاهمات داخلية، بان الوعود التي سيقدمها يستطيع تنفيذها.
وهنا، حذر جابر من تكرار الخطأ الذي وقعت فيه حكومة الرئيس حسان دياب، حيث خلال اول اجتماع عقد وقتذاك مع صندوق النقد اختلف الوفد اللبناني وانقسم الى فريقين: فريق الحكومة وفريق مصرف لبنان المركزي ، وكان لدى كل فريق مقاربات وارقام مختلفة عن الآخر، واصبح كل فريق يجتمع على حدة مع ممثلي الصندوق.
وختم: هذه نقطة ضعف اساسية يجب الا تتكرر، ويجب ان يذهب الوفد اللبناني واحدا موحدا، وان يحضّر اوراقه ويضع خطة واضحة وتتضمن الوعود القابلة للتطبيق.