
بقلم الكاتب صفوح منجد
لم تتأخر إسرائيل كثيرا للهجوم على لبنان والتحليق بوحشية فوق مناطقه من الجنوب إلى الشمال، بعد ساعات قليلة من إنتهاء الإحتفال الذي أقيم في كنيسة مار جرجس في وسط بيروت بمناسبة عيد مار مارون بحضور الرؤساء الثلاثة وحشد من الوزراء والنواب والهيئات السياسية والدبلوماسية، حيث كانت صورة جامعة ومعبّرة افتقدها اللبنانيون منذ ثلاث سنوات، وتقدمها رئيس وأعضاء حكومة “الإصلاح والإنقاذ” وشاع بين الحضور عبارة تقول (رئيس حكومة جديد من قماشة الرئيس صائب سلام ومدرسة رشيد كرامي وحماسة رفيق الحريري).
وأبعد من الصورة والتهاني وكلمة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، فإن التحدي الصعب يبدأ غدا الثلاثاء، مع الإجتماع الاول الذي تعقده الحكومة. فهل تتمكن من البدء بإنتشال البلد من جهنم الذي وصل اليه؟ بمعزل عن النتائج التي لن تظهر قبل أسابيع عدة، فإن الحكومة تأسيسية على الصعيد السياسي بكل معنى الكلمة. فللمرة الأولى منذ الطائف في العام 1989 تتشكل حكومة لا يكون فيها لفريق الممانعة وازلامه واعوانه الاكثرية الموصوفة، كذلك للمرة الاولى منذ تفاهم الدوحة في العام 2008 تتشكل حكومة لا يكون فيها لفريق الثامن من آذار الثلثُ المعطل، وكذلك للمرة الأولى لا يملك ثنائي أمل- حزب الله القدرة على تعطيل الحكومة ميثاقيا عبر التحكم بقرار جميع الوزراء الشيعة. وهذه الأمور الثلاثة غير مستغربة بعد تحولاتٍ إستراتيجية ثلاثة حصلت في لبنان والمنطقة.
فالتحول الأول كان حرب غزة، الثاني حربُ الإسناد ونتائجُها المدمرة على حزب الله ، والثالث إنهيار النظام السوري . وقد لا يكون من الصدف ان حكومة الرئيس سلام تشكلت في الثامن من شباط، اي بعد شهرين تماما على هروب بشار الاسد وفراره الى روسيا.
اذا، حكومة سلام هي حكومة التوازنات الجديدة في لبنان والمنطقة، لكنها مع ذلك تحافظ على التوازن الوطني ولا تلغيه. فهل تستطيع حكومة العهد الأولى إستكمال عملية تحرير لبنان من قبضة حكم “الملالي في طهران” وإخراجِه من فم التنين الإيراني الذي يتهاوى في كل المنطقة؟
وبإنتظار ما سيسفر عنه الإجتماع الأول للحكومة وبالتزامن مع الطروحات والمخططات الأميركية والإسرائيلية وأخطرها مشاريع التهجير من غزة، فإن الحكومة المصرية أعلنت عن إستضافتها قمة عربية طارئة في السابع والعشرين من الشهر الحالي وطبعا سيكون الحضور اللبناني لافتا نظرا للمحادثات الشاملة والفردية التي ستجري مع رؤساء وأعضاء الوفود العربية والضيوف الأجانب.
يضاف إلى ذلك أن الرئيس اللبناني سيقوم على رأس وفد من كبار المسؤولين بزيارة إلى المملكة العربية السعودية خلال أيام وسيكون لهذه الزيارة تأثير سياسي وإقتصادي هام سيما وأنها ستبحث في المسائل المتعلقة بدعم الحكومة اللبنانية في مجالات عديدة وفي مقدمها إصلاح ما دمره العدو الإسرائيلي في المناطق اللبنانية التي تعرضت للغارات الإسرائيلية المميتة.