استقبل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي، نائب رئيس “مؤسسة الوليد للانسانية” الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة في مقر الوزارة، واقيم احتفال أعلن في خلاله عن مبادرة للمؤسسة لتلقيح كل السجناء والعناصر الامنية والجهاز الطبي المولج رعايتهم صحيا، في حضور قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، المكلف متابعة ملف السجون العميد فارس فارس، العميد الركن الاداري محمد الشيخ، رئيس مركز رومية الطبي العميد الطبيب ابراهيم حنا، رئيس شعبة العلاقات العامة العقيد جوزيف مسلم، قائد سرية السجون المركزية العقيد ماهر الايوبي، رئيس فرع السجون في قيادة الدرك العقيد غسان عثمان وحشد من كبار الضباط في قوى الامن الداخلي.
واشار العميد فارس الى أنّ “واقع مؤلم وتحديات كثيرة ومشاكل مزمنة تعيشها السجون والنظارات وكل أماكن التوقيف والإحتجاز، ويتم معالجتها والتصدي لها في إطار تشاركي مع الوزارات والإدارات المعنية، ويتم الإستعانة بمؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية المهتمة بهذا الملف. وفي ظل الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الضاغطة على كاهل المواطن أتت جائحة كورونا لترفع مستوى التحدي والخطر. يبلغ عدد السجناء والموقوفين في السجون اللبنانية حسب إحصاء 9/4/2021، 7098 سجينا، 5460 سجينا في سجن رومية المركزي وكل السجون الأخرى وعددها 25 سجنا و 1638 موقوفا في النظارات وقصور العدل وأماكن الإحتجاز التابعة لقوى الأمن الداخلي. والمشاكل التي تعاني منها السجون، عدم وجود سجون لإستيعاب العدد الكبير من المحكومين والموقوفين. فسجن رومية صمم منذ ستينات القرن الماضي كسجن نموذجي وحيد في لبنان، ويتسع لحوالى 1050 سجينا، أما عدد النزلاء فيه اليوم حوالى 3224 سجينا”.
واعتبر انّ “مشكلة الإكتظاظ هي السبب الرئيسي حتى لا نقول الوحيد المسؤول عن الحال الذي وصلت إليه السجون. فنسبة الإكتظاظ 307%، وتحولت نظارات التوقيف الإحتياطي إلى سجون حقيقية صرفت قوى الأمن الداخلي عن عملها فتحولت نظارات المخافر الإقليمية وقطعات الشرطة القضائية وسواها إلى إدارات سجنية. فأصبح رجال الامن فيها سجانين، وعملت الوزارة على تأمين مبالغ مالية لتسديد الغرامات عن السجناء وتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية والبلديات وجمعية “أساند” بشأن إستراتيجية عمل على واقع السجون في لبنان ومقاربة أكثر تفاعلية لمساعدة المساجين، كذلك التعاون مع وزارة الإقتصاد لجهة تأمين مواد غذائية لزوم المطابخ الموجودة في السجون الكبيرة، وكذلك تأمين حاجات الحوانيت الموجودة فيها، ومع إدارة الريجي لجهة تأمين دخان مدعوم للسجناء، المباشرة بتنفيذ برنامج مكننة السجلات الصحية العائدة للسجناء والموقوفين مع حماية سرية المعلومات. ومنذ اللحظة الأولى لظهور جائحة الكورونا في لبنان، كانت توجيهات معالي الوزير واضحة بان السجين إنسان فلتقدم له الرعاية الطبية ولتتخذ التدابير الوقائية اللازمة له، بنفس مستوى التقديمات التي تؤمن لعناصر قوى الأمن الداخلي. وهكذا كان، وبمبادرة من معالي الوزير تم تشكيل لجنة الطوارىء لرفع حالة التأهب في السجون اللبنانية تمثلت فيها الوزارات المعنية والإدارات والنقابات والهيئات الدولية المعنية بهذا الموضوع، وتم وضع خطة عمل لتحديد المشاكل ومعالجتها ومقاربة إستمرارية الإجراءات الوقائية في أماكن الإحتجاز وتقوية منظومة إدارة الحالات المصابة ومعالجة مشكلة الإكتظاظ”.
بدورها، قالت الصلح حمادة: “انها الزيارة الثانية لوزارة الداخلية والبلديات في اطار التعاون بيننا، وهذا ما يدعو للعجب بعد زمن طويل أفاض بخدمات مؤسسة الوليد مع باقي الوزارات، اذ سعينا اليها ولم تسع هي الينا. ولن أقول لفائض الاحتياجات لديها، بل لظروف قاهرة أملتها السياسة حينذاك، ثم عرضنا بعدها على الوزراة مشروع أرشفة ومكننة سجلات النفوس، فجوبهنا بالمراوغة أولا وبالمماطلة ثانيا، وأخيرا بالممانعة. فأحجمنا لان هناك اسرارا لا تكشف وارباحا لا تحصى، والحقيقة ظهرت في ما بعد. ثم عدنا وبدأنا مع الوزير الصديق مروان شربل واليوم مع الوزير العزيز محمد فهمي نشكو له ما حصل ونحمد الله أن هذا لم يمنعنا من الاستمرار بالعمل في زمن الوباء المستشري. اذ أجلينا حوالى 1000 طالب من بلاد الدراسة في اوروبا الى لبنان ودعمنا برامج طبية خاصة بأطفال السرطان والتلاسيميا والتشوهات القلبية وذوي الاحتياجات الخاصة، وقدمنا مساعدات للجمعيات الجديرة من كل الطوائف لتأمين رواتب الكادر البشري لديها”.
ولفتت الى أنّ مؤسسة الوليد “بصدد تشييد طابق خاص بالطوارىء العسكرية بطلب من قائد الجيش العماد جوزاف عون، وبالأمس استحدثنا اول مركز للتلقيح في مستشفى الحريري الحكومي الذي شهد انطلاقة اول حملة بحضور بعض أركان السلطة، ومنذ اربعة اشهر عملنا جاهدين للحصول على لقاح ما لتوزيعه على الفقراء، فهم مستثنون حتى الآن من أي منصة، والواقع انهم محرومو العيش الكريم منذ زمن، لكننا لم ننجح لاسباب مجهولة او غير مجهولة، الى أن هللت علينا معالي الوزير، الطائر الغريب في سربك، ولم تتردد، وسنبدأ باذن الله بلقاح المساجين والعناصر الامنية المحيطة بهم على مراحل، آملين ان ينعم به الجميع. هؤلاء محرومو الحقوق الصحية، اذ مجبرون على العيش بعضهم مع بعض كي لا نقول بعضهم على بعض، وانا رأيت الكثير في السجون، وبعضهم ايضا محروم من العفو العام ويستحقه”.
واضافت: “شكرا معاليك، فعملك جهاد لا مهنة، وسام لا رتبة، وحمل الراية عندك ليس صدفة بل امرة في بلد زعماؤه التبس عليهم الامر بين لبنان وشخصهم الكريم. اين سيارات المخافر؟ في ركاب المواكب اين العناصر؟ على ابواب المنازل. تطوع هذا الجندي لعلو الاوطان وليس لخدمة رفعة المناصب، تطوع درعا للبلاد وليس درعا للزوجة والاولاد. معالي الوزير، ايها الضباط الكرام، لبنان وحده مهدد، فما جدوى ان نبكي وطنا اذا زال، ونفرح لمواطن اذا عاش. كفى اصحاب الفخامة والدولة والمعالي والسعادة، أعطونا الطائف وأخذوا منا الميثاق، فلبنان بشارة الخوري ورياض الصلح ركن عزيز، ولبنان هؤلاء واقع وضيع، ارادوا الحكم بثلاثة رؤوس واليوم 4، كل مع طائفته فلحقت بهم الشعوب كل مع امامه، وأضاعوا الدولة بالتطرف توكلوا على الخارج وعاثوا فسادا في الداخل، جمعهم كره الناس وفرقهم مال الاسياد، فاحتكموا الى السلاح، واذا انتصر الحق يوما وغفرنا عن حلم فهل سيغفر لهم لبنان؟ أعز الله هذا الوطن وأعز قواه الامنية وشكرا”.
من جهته، قال فهمي: “في زمن المآسي التي حلت على وطننا لبنان، في زمن تهالكت فيه الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية، في زمن تبدلت فيه القيم والتقاليد والمودة وثقافة العطاء، في زمن أبقاك الله إنسانة أمل لمساعدة كل انسان محتاج، تخطيتي الطوائف والمذاهب، وحباك الله بنعمة المودة وحب الإنسان والإنسانية. وفي ظل حملة التلقيح في لبنان، وفي ظل كلامك العلني بأن المساجين لهم الحق باللقاح لحماية حياتهم من هذا الوباء الخبيث الذي تفشى في دول العالم كافة، وتأكيدك بأنك على استعداد لتقديم ثمن هذه اللقاحات، فإني على يقين بأن هذه اللفتة الإنسانية هي لفتة أعجز عن وصفها. إنني أؤكد لمعاليك، أن عمل القوى الأمنية والطاقم الطبي المولجة الإهتمام بالمساجين عانت الكثير، وواجهت صعابا لا يمكن إحصاؤها من أجل حمايتهم وتأمين حياة مقبولة لهم. إننا كوزارة داخلية وبلديات، سنبدأ بتلقيح المساجين من اللقاحات التي تقدمت بها إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، قبل تلقيح القوى الأمنية والطاقم الطبي، وذلك عند انتهاء الأعمال اللوجستية المطلوبة بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة”.
وتابع: “أنّ عطاءاتك في بناء مؤسسات علمية وثقافية ووطنية، عامة وخاصة، وعطاءاتك في دعم مؤسسات قائمة لمواجهة مآسي المجتمعات على كامل الأراضي اللبنانية دون استثناء، ومن باب حق المواطن وكل إنسان في هذا المجتمع بالعيش، أتأكد يوما بعد يوم، بأن ذلك بديهي لديكم، وهو هدف مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية. كيف لا، وإن جينات مؤسسها، وجينات معاليك هي من جينات الشهيد الرئيس رياض الصلح رحمه الله، الذي ناضل وعمل من أجل استقلال لبنان واستقلال شعبه، ومساهمته الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية في انطلاقة لبنان الجديد في العام 1943”.
واشار فهمي الى أنّ “هذه الهبة الإنسانية التي تقدمت بها، ليست الهبة الأولى للسجناء، فنحن والمساجين لم ننس المساعدة التي قدمتها مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية لتأهيل غالبية السجون وتأهيل قاعات المعلوماتية وتجهيزها، بهدف تعليم المساجين على كيفية استخدام الحاسوب. كما أننا في وزارة الداخلية والبلديات لم ولن ننس عطاءات مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية إلى المديريات العامة، لقوى الأمن الداخلي والأمن العام والدفاع المدني بالإضافة إلى البلديات ومؤسسات عديدة”.
وختم: “بناء عليه، كان بودي أن أقدم لمعاليك ميدالية وزارة الداخلية والبلديات، ولم أتفاجأ بأن هذه الميدالية سبق وأن منحت لك في العام 2013. بإسمي وبإسم المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وبإسم المساجين وأهاليهم، أتقدم من مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية ومن معاليك بجزيل الامتنان. لا يسعني في نهاية كلمتي الموجزة هذه، إلا أن أقول كلمة الحق خير الناس، أنفعهم للناس”.
وسلّم فهمي الصلح درعا تذكارية تقديرا للمبادرة التي قامت بها مؤسسة الوليد، والتقطت الصور التذكارية مع الضباط.