كتب نخلة عضيمي في “نداء الوطن”:
منذ فجر 26 تشرين الأول الماضي، تاريخ آخر هجوم شنته إسرائيل على إيران عبر ضربات جوية وصفت بـ “الـدقيقة والمحددة”، وسمّيت “أيام الحساب”، لا تزال دول المنطقة تترقب ردّاً إيرانياً موعوداً لم يأت بعد. وقد مرّت حتى الآن فترة شهر ويوم، تهرّبت خلالها إيران من الردّ باستثناء الكلام تحت شعار “لن نهمل ولن نستعجل”.
وكأن إعلان الجيش الإسرائيلي عن تدمير دفاعات إيران الجوية، ومن ثم الكشف عن استهداف منشأة نووية سرية لا يستعجل الردّ الإيراني.
إذا عدنا إلى الردود والردود المضادة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، يمكن تسجيل ردّ إيراني أول على الهجوم الإسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق في 1 نيسان عام 2024. وقد جاء بعد أسبوعين من استهداف القنصلية وسميّ بـ “الوعد الصادق”.
وفي 19 نيسان وقعت انفجارات في أصفهان حمّلت إيران إسرائيل المسؤولية عنها. ثم أتى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في 31 تموز في قلب العاصمة الإيرانية.
ردّت إيران مجدداً في الأول من تشرين الأول عبر المسيّرات والصواريخ البالستية بشكل متفق عليه. وسمّي الهجوم بـ “الوعد الصادق 2”.
حالياً، يبدو أن المسؤولين الإيرانيين قد غيروا تكتيكهم. فالإيراني وقبل الردّ، بدأ يعيد حساب التوازنات في المنطقة. فهو أدرك أن ذراعه الأساسي والأقوى، أي “حزب الله”، والذي كان يعوّل عليه في ليّ الذراع الإسرائيلي، فقد الكثير من قدراته العسكرية ولم يعد كما كان عليه سابقاً. وبالتالي تحاول إيران التفتيش عن بديل بعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بعد فقدان ذراعها الاستراتيجي في المنطقة أي “حزب الله؟”.
هنا، يرى الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري رياض قهوجي أن البديل أمام إيران هو: إما الأراضي السورية وهذا لن يكون متوافراً لأن الوضع الإيراني في الداخل السوري غير جيد وليس على الموجة نفسها مع النظام، وإما الساحتان اليمنية والعراقية وهما أسهل ساحتَين. ففي العراق مثلاً، أصبح لدى إيران مجموعات وأحزاب داخل البرلمان والحكومة.
ويتوقع قهوجي أن تنتقل إسرائيل إلى توجيه ضربات لسوريا، وأن تعيد طهران النظر في كافة سياستها الدفاعية التي كانت قائمة على الدفاع المتقدم أي “حزب الله”. كما ستعيد طهران النظر في سياساتها الخارجية. وقد تجد نفسها مضطرة للتقارب والاتفاق مع الأميركي في هذه المرحلة.
وهكذا، وبدلاً من الردّ على الهجوم الإسرائيلي الأخير، أطل فجأة منذ أيام مساعد الرئيس الإيراني ووزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، متوجهاً برسالة إلى إسرائيل قائلاً: “شالوم”، وتعني بالعربية “سلام”. كما وجّه ظريف الرسالة إلى “يهود العالم وكل من يؤمن بالحرية والعدالة”. وقال: “سلام على زملائي الإيرانيين من أتباع الديانة اليهودية وكل أتباع النبي موسى في جميع أنحاء العالم”. وذكّر بـ “ضرورة منع انتشار الحرب وسفك الدماء”.
بين “شالوم” والردّ الإيراني المنتظر، تلعب إيران آخر أوراقها “على المكشوف” قبل أن تدخل في مرحلة صعبة جداً مع تسلم دونالد ترامب زمام الرئاسة في الولايات المتحدة.