أطلقت الهيئة الدولية للصليب الأحمر في مؤتمر صحافي “مركز علاج الصدمات النفسية” في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة، في حضور وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور فراس الابيض، رئيسة بعثة اللجنة الدولية في لبنان سيمون كازابيانكا – أشليمان، مدير مستشفى رفيق الحريري الدكتور جهاد سعادة، مديرة قسم التمريض في المستشفى المسؤولة عن غرفة عمليات الطوارىء في وزارة الصحة وحيدة غلاييني.
وتخلل المؤتمر الصحافي الإعلان عن ان “اللجنة الدولية للصليب الأحمر أرسلت فريقا جراحيا متخصصا لديه خبرة في معالجة إصابات الحرب إلى مستشفى في جنوب بيروت، من أجل تقديم الرعاية المنقذة للأرواح والمساعدة في تخفيف العبء عن الطاقم الطبي المنهك هناك”.
استهل وزير الصحة المؤتمر بالقول: “يسرني أن أكون هنا في مقر الصليب الأحمر الدولي للإعلان عن مشروع التعاون الجديد ما بين وزارة الصحة العامة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. هذا التعاون بيننا يعود إلى عشرات السنين، اذ كانت اللجنة داعمة دائما للقطاع الصحي في لبنان ان كان عبر علاقتها مع الجمعيات المحلية مثل الصليب الأحمر اللبناني او مع قطاع الصحة بشكل عام”.
اضاف: “الجميع يتذكر الدور المهم الذي لعبته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سنوات العشر الماضية لا سيما في بعض المستشفيات الحكومية ودعمها وعلى رأسها مستشفى رفيق الحريري الجامعي، مما مكنها في ذاك الوقت من ان تكون في طليعة المستشفيات المستجيبة لجائحة كورونا”.
وتابع: “اليوم نحن امام أزمة جديدة ازمة الحرب على لبنان، لذلك كان لزاما على القطاع الصحي ان يكون في جهوزية عالية. وللأسف الشديد نحن نرى ان هذه الاعتداءات تطال بعض مؤسساتنا الاستشفائية، الامر الذي نتج عنه خروج 13 مستشفى من الخدمة بشكل كلي او جزئي، مما يحتم علينا زيادة القدرة الاستيعابية لهذه المستشفيات كي تستطيع استقبال جرحى الحرب. في هذا الموضوع، هناك مشروع يتم بالتعاون ما بين وزارة الصحة العامة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في مستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي نفتتحه اليوم، والذي هو عبارة عن جناح يستطيع الاستجابة لأكثر من عشرين جريح حرب، والذي قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإعداده وتهيئته ان كان من الناحية اللوجستية او العديد والخبراء”.
وكشف أنه “في المستقبل سيكون هناك تعاون في مشروع شبيه سيتم افتتاحه في مستشفى الرئيس الياس الهراوي الحكومي في زحلة”، لافتا إلى ان “عمل اللجنة الدولية ليس محصورا عملها فقط مع الوزارة انما كانت شريكا أساسيا في موضوع خطة الطوارىء التي أعدتها وزارة الصحة للاستجابة إلى الازمة الحالية، كذلك بدعم مراكز الرعاية الأولية التي تستجيب لموضوع النازحين”.
وقال الأبيض: “هناك ثلاثة أمور اساسية هي: اولا، نحن في وزارة الصحة نستنكر بشدة ونطلب من الجهات الدولية وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ان تقوم بواجباتها تجاه حماية العاملين في القطاع الصحي وحماية المؤسسات الصحية. نحن للأسف نرى ان هنالك استهدافا مباشرا أكان للعاملين او المنشآت او حتى لقوافل المساعدات الصحية. وهذا الامر مخالف لكل القوانين الدولية والأعراف وكذلك لمعاهدة جنيف”.
أضاف: “ثانيا هي رسالة لاهلنا في لبنان ان القطاع الصحي سيبقى دائما صامدا ويقوم بكل ما عليه تجاه اهلنا ومجتمعنا في اي ظرف كان، ان كان في ازمات الكورونا او الكوليرا او اي وباء، وحاليا في الحرب على لبنان”.
وختم: “أريد ان اشكر كل شركائنا وعلى رأسهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي في هذه الظروف الصعبة، تقف إلى جانب القطاع الصحي ووزارة الصحة كي نقدم معا ما يحتاجه اهلنا ومجتمعنا من خدمات صحية وغيرها”.
ثم قالت رئيسة بعثة اللجنة الدولية في لبنان: “إنه لشرف كبير لي أن أقف أمامكم اليوم في هذه اللحظة المؤثرة فيما نفتتح مركز علاج الصدمات الجديد في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة. تشكل هذه اللحظة محطة هامة ليس فقط للمستشفى، بل للنظام الصحي في لبنان بشكل عام، وتذكرنا في الوقت نفسه بالواقع الصعب الذي نعيشه والتحديات التي نواجهها”.
اضافت: “يأتي افتتاح المركز في أوقات صعبة جدا، مع تصاعد النزاعات وازدياد عدد الضحايا. وفيما يواجه النظام الصحي تحديات جمة في خضم الأعمال العدائية، يعمل بلا كلل لتلبية الاحتياجات العاجلة لعدد متزايد من المرضى الذين هم في أمس الحاجة إلى الرعاية”.
وتابعت: “كنا نتمنى ألا يكون هناك من حاجة ملحة لمركز علاج صدمات من هذا النوع. ومع ذلك، فقد ولد هذا المركز من الحاجة ونتيجة للنزاع القاسي والمستمر الذي يؤثر على لبنان يوميا. وتبقى اللجنة الدولية ملتزمة بشدة بهذه المبادرة من خلال تقديم خبرتها الواسعة في مجال معالجة الصدمات وبتعاونها الطويل الأمد مع وزارة الصحة العامة والمستشفيات الحكومية”.
وقالت: “فيما يواجه لبنان تحديات كبرى كالأزمات الاقتصادية والخسائر الإنسانية التي يتكبدها جراء النزاع، فقد أصبحت الحاجة إلى خدمات طبية منقذة للحياة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. ويعكس افتتاحنا للمركز اليوم، جهدنا الجماعي لتعزيز قدرة لبنان على الاستجابة للإحتياجات الصحية المتزايدة التي يفرضها النزاع، وخصوصا في مجال علاج الصدمات. نأمل أن يكون هذا المركز منارة أمل وشفاء لكل مريض يدخل أبوابه”.
اضافت: “هذا الإنجاز ليس لنا فحسب، فلم يكن ليكون ممكنا لولا شراكتنا مع وزارة الصحة العامة والتزام اللجنة الدولية الدائم ببناء قدرة المستشفيات الحكومية في لبنان على الصمود. ونحن ممتنون أيضا لشركائنا القيمين الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، فدعمهما الثابت لمشاريع اللجنة الدولية أساسي في تمكين مستشفى رفيق الحريري الجامعي من التأقلم بشكل سريع للقيام بهذا الدور المهم اليوم”.
وختمت: “أود أن أشدد على أن هذا المركز ليس مجرد أجهزة وبنى تحتية، بل هو كناية عن فريق من الاختصاصيين في مجال الرعاية الصحية، ملتزمين بالحد من المعاناة. وعلى الرغم من التحديات التي نواجهها، يشكل هذا المركز رمزا لإلتزامنا المستمر بخدمة الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة، مهما كانت الظروف”.
وفي ختام المؤتمر، وقع الأبيض مع رئيسة اللجنة على اتفاق التعاون بين الجانبين، ثم انتقل الجميع إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي وكانت جولة على القسم الجديد “مركز علاج الصدمات”، وقال سعادة: “خصصنا لهذا القسم طابقا كاملا اي أربعة اجنحة، لم تنجز كلها انما سيتم افتتاحها تدريجيا ووفق الحاجة. ان القسم الحالي يضم 25 سريرا ونحن جاهزون وسوف نستقبل اول حالة اليوم وهي جريحة حرب”.
اضاف: “إن القسم سيتقبل كل أنواع جرحى الحرب ما عدا بعض الاستثناءات التي يتم حاليا الاتفاق عليها. وكل هذا بالتعاون الوثيق بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومستشفى رفيق الحريري الجامعي”.
وشكر اللجنة الدولية للصليب الاحمر “السند الأكبر للمستشفى”.
بدورها، قالت اشليمان: “انه فخر ان ندعم لبنان في هذه الأوقات الصعبة جدا. ان الشراكة بين اللجنة ومستشفى رفيق الحريري الجامعي تعود إلى سنوات طويلة. وأعتقد في هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها البلاد والتي تؤثر على الجميع ولا سيما القطاع الصحي في لبنان، من المهم ان اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي لديها الخبرة في معالجة صدمات الحرب ان تتدخل وتقف مع الشعب هنا منّ مستشفى رفيق الحريري ودعم شركائنا وزملائنا ودعم الجهود المبذولة لتأمين الدعم المطلوب جدا للشعب اللبناني”.
اضافت: “انها أوقات حزينة لان هذه الجهود ضرورية ونأمل ان تكون مصحوبة بالتوقعات والتحضيرات والواقع انه يمكننا الاعتماد على الفرق المحلية والدولية القادمة بهدف الدعم، مع معدات ومواد للاستجابة إلى الحاجات الموجودة في لبنان، والتي مع الأسف نتوقع ان ترتفع، ونأمل ان عملنا يدا بيد سوف يؤمن الدعم الذي يحتاجه الشعب اللبناني ويستحقه”.
وكان المكتب الإعلامي للجنة الدولية للصليب الأحمر أصدر بيانا، لفت فيه الى ان “التعزيزات الطبية تأتي وسط تصاعد الأعمال العدائية وارتفاع عدد الجرحى في ظل منظومة صحية تكافح من أجل التعامل مع تدفق الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها”.
وأشار إلى ان “الفريق الجراحي يضم طبيب طوارئ وجراحا وطبيب تخدير، ويتمتع بخبرة في معالجة الإصابات الحادة والمدمرة التي تسببها أسلحة الحرب. وسيعمل الفريق مع فريق اللجنة الدولية الموجود أصلا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي والمكون من 22 فردا في إطار عملية انتشار تُنسق بشكل وثيق مع وزارة الصحة العامة”.
وذكر البيان ان “شحنة إمدادات طبية أرسلتها اللجنة الدولية إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي في وقت سابق من هذا الشهر، ساهمت في تجهيز وحدة علاج الإصابات في المستشفى وإمدادها باللوازم الطبية الضرورية. وستساعد هذه الشحنة أيضا، في تجهيز وحدة مماثلة في مستشفى الياس الهراوي الحكومي في قضاء زحلة بمحافظة البقاع، حيث سيتم قريبا، نشر 10 اختصاصيين إضافيين في المجال الاستشفائي من اللجنة الدولية، منهم أفراد تمريض وأطباء”.
وقالت اشليمان: “هذه المساعدة الحيوية تساهم في تقديم الإغاثة الضرورية، لكن الاحتياجات تتزايد بشكل مستمر وبقدر كبير. وعلى الرغم من أن فريقنا الجراحي وإمداداتنا الطبية ستساهم في تخفيف العبء عن كاهل مقدمي الرعاية الصحية، فهناك حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية مستدامة وآمنة. فالأزمة الإنسانية تتفاقم كل ساعة”.
اضافت: “تشمل الإمدادات الطبية الجديدة مجموعات مستلزمات جراحة الحرب لتقديم العلاج لنحو 2,000 مريض في حالة حرجة حسب مدى شدة إصاباتهم، في حين أن إمدادات تنقية المياه تكفي لمعالجة 50,000 لتر من المياه. وستستخدم هذه المساعدات لدعم 19 مركزا طبيا في أنحاء لبنان في المناطق المتضررة من النزاع والمناطق التي انتقل إليها النازحون”.