غادة حلاوي – نداء الوطن
في “اجراء غير مسبوق” تقدمت هيئة القضايا في وزارة العدل بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، ضد 17 موظفاً في وزارة المهجرين بجرم الإثراء غير المشروع، بالاستناد الى تصريح هؤلاء عن ممتلكاتهم حديثاً، سنداً الى قانون الاثراء غير المشروع. وتعكف النيابة العامة التمييزية على درس آلية التحقيق في الاجراء المستند الى قانون جديد يمكن من خلاله ملاحقة كل موظفي الدولة والرؤساء والوزراء والنواب امام القضاء العدلي. ويبدو لن تكون الخطوة بنت ساعتها بل هي سلسلة ملفات ستتدحرج تباعاً.
وتنقل معلومات موثوق بها ان القضاء سيتحرك تلقائياً في ملفات عدة تسلّمها أخيراً، تتضمن مجموعة شبهات وتهم متعلقة بثروات غير مشروعة وفساد لأشخاص من كل الطوائف والاتجاهات السياسية، ما يطرح السؤال عما اذا كان المقصود ان تكون اثارة مثل هذه الملفات اداة لمحاولة تغيير الطبقة السياسية قبل الانتخابات النيابية المقبلة في العام 2021. وتقول مصادر اطلعت على تقارير من هذا النوع ان الفشل في التغيير من خلال الشارع سيستعاض عنه بإثارة الملفات من كل حدب وصوب، ويعني ذلك ان هناك محاولة من خلال القضاء هذه المرة لنسف أسس الطبقة الحالية بغض النظر عن امكانية النجاح او الفشل. فهل ستكون النيابات العامة ومجلس القضاء أكثر استعداداً للفكرة؟ وهل سنرى ثورة قضائية لتغيير الطبقة الحالية فنشهد ثورة على نحو ما سبق أن حصل في ايطاليا عندما عجزت كل هيئات المجتمع المدني عن وضع حد لمافيا السلطة والفساد، فنجحت ثورة القضاة التي اعتقلت الكثير من الزعماء وزجتهم في السجن بعد معركة طاحنة دفع فيها القضاة ثمناً؟ وهل سنكون امام قاض شجاع كالقاضي جيوفاني فالكوني الذي رفع سلاح القانون وبدأ معركته عام 1987 وزج عدداً كبيراً من الفاسدين في السجن، ولو دفع حياته ثمنا فاغتيل وزوجته عام 1992؟
وكأن الوقائع لا توافي الأمنيات هنا. فالادعاء على موظفي وزارة المهجرين يطرح سؤالاً كبيراً حول النمط والآلية والمعايير التي ستعتمد في سياق عملية محاربة الفساد، التي على ما يبدو دخلت قبل انطلاق العمل بها بازار التراشق السياسي، وعلى قاعدة تحريك الملفات والملفات المضادة. فلماذا تحركت هيئة القضايا وكيف تحركت بعيداً من سؤال الصلاحية او عدمها وهي التي تمثل الدولة اللبنانية. من المستهدف؟ وبأي توقيت؟ ومتى استطاع القيمون على هذا العمل ان يتحققوا من هذه الافعال المريبة والباعثة على الشك حتى يأخذ الامر صفة الادعاء؟ من دون ان نقصد طبعاً الدفاع عن المدعى عليهم لان المحاكم هي صاحبة الاختصاص. وهل ما حصل هو بالسياسة ام بالقانون؟