كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
لم تنفرج أزمة المحروقات كما كان متوقعاً، على العكس إزدادت سوءاً، ومعها إزدادت أعداد السيارات في طوابير الذلّ على بعض المحطات التي فتحت، فيما بقي 90 بالمئة من محطات النبطية مقفلاً، ومن فتح يعتمد نظام التقنين في التعبئة وتحديد الوقت بساعتي عمل فقط.
يبدو أن أزمة المحروقات ستلازم المواطن لأشهر طويلة، بدأت تداعياتها تترجم في الشارع الذي فرغ من حركة السيارات إلا للضرورة، “فالمشوار مكلف” وِفق ما يؤكد العالقون في الطوابير، ويستدعي انتظار اكثر من 5 ساعات لملء خزان السيارة بـ30 ألفاً كحد أقصى. كان المواطن يعوّل على افراغ السفن حمولتها، ووصول المحروقات الى كافة المحطات، لكنّ أصحابها اكدوا أنهم لم يتسلّموا حصصهم ووعدوا بتسليمهم في الغد، غير أنهم يجزمون بأن ما سيتسلّمونه لن يكفي حاجة السوق المتعطش للمادة. وفيما يؤكد معنيون أن البنزين يصل الى كافة المحطات وفق جدول التوزيع المعدّ سلفاً، فإنّ عدداً منها لا يبيع مخزونه علناً، بل سرّاً وفق سعر السوق السوداء، ويعتمد تقنية وضع مجموعة سيارات أمام المحطة لإخفاء عملهم السري، فيما تعمد محطات أخرى إلى بيع صهريجها مباشرة في السوق السوداء وتتقن حجة “ما تسلمنا بنزين اليوم لبكرا”، وهنا يسأل المواطن نفسه من يضبط هذه اللعبة ويضع حدّا لهذا التلاعب؟
إزاء تفاقم ازمة البنزين التي يبدو أنها تتجه نحو التعقيد في ظل عملية شدّ الحبال التي تشهدها، وتأخير فتح الإعتمادات من قبل مصرف لبنان، وفيما تلوح في الأفق ازمة طحين بدأت بوادرها مع رفع سعر ربطة الخبز، يبدو أن ازمة الدواء في طريقها للانفجار، فالدواء ما زال مقطوعاً، والمواطن يبحث عن دوائه داخل كومة قش الخلافات والتجاذبات والإحتكارات. وحده المريض “أكل الضرب” ويواجه خطر الموت، تماما كما يحصل مع الحاجة فاطمة السيدة السبعينية التي تواجه صعوبة في ايجاد دواء السكري، منذ اسبوع ولم تتناول دواءها، أصابها انحطاط وباتت تبحث عن حل لأزمتها. وفق قولها “طلبت من ابن اخي المغترب ارسال الدواء لي من بلجيكا، لم أجد خياراً آخر، ادفع كل ما املك لتأمين دوائي”. تعاني السيدة ويلات المرض، باتت تخشى الموت، تؤكد أنه لم تمرّ عليها أزمة مماثلة، ولم تنقطع يوماً من دوائها، تعاني من الضغط والسكري وأوجاع في القلب، وترى أن صحتها باتت في خطر، وتسأل من يحجب الدواء عنها وعن كل المرضى، ولمصلحة من”؟ تعيش الحاجة حالة خوف، ماذا لو تأخر وصول دوائها من الخارج “الأنسولين ما بيعمل معي شي”، تبكي بحرقة “شو عملنا لحتى يعاقبونا بصحتنا”؟ لا تتردّد بالقول: “بدفع مليون حق الدوا بس احصل عليه”. أكثر ما يؤلمها أن كل الصيادلة في المنطقة أخبروها ان الدواء مقطوع، وما يثير غضبها أن “التجار يتلاعبون بصحة المريض لتمرير رسائل سياسية”، وتقول غاضبة: “بس موت بيتأمّن دوا السكري”.
بين الدواء والبنزين تعطّل البلد وتضرّرت صحة المواطن، فالمحروقات مرتبطة بكل السلع الاساسية من الخبز الى المواد الغذائية والمصالح الحيوية. محمد صاحب مغسل، منذ ثلاثة ايام ويبحث عن مازوت لمولّده من دون جدوى، ما يهدّد حياة عائلته، “اذا ما غسلت سيارات ما بعيش”، في حين يقول أحمد “إذا ما اخذت دوا الضغط بموت” ويؤكد “ان الدواء مفقود”؟؟ وبينهما من يضع حدّاً للتلاعب بحياة الناس؟