مقال للكاتب والصحافي صفوح منجّد
تسارعت في الأيام القليلة الماضية سلسلة من الأحداث التي من شأنها دفع الأمور نحو مزيد من التعقيد على مختلف الصعد السياسية والإقتصادية والمعيشية، وقد لفت إنتباه القيادات والمسؤولين والهيئات الشعبية معا ما نُقل عن رئيس الجمهورية وقوله أنه يسعى إلى تحقيق مزيد من “الإنجازات” قبل إنتهاء مدة ولايته، الأمر الذي دفع بالعديد من المراقبين إلى التساؤل عن حقيقة هذه الإنجازات وطبيعتها ومراميها خاصة غلى عتبة نهاية العهد ؟.
وتساءل هؤلاء ما إذا كان الرئيس بصدد إنهاء عهده بسلاسة وهدوء في أعقاب إنتخاب الرئيس العتيد دون وضع تعقيدات أو عقبات؟ أم أنّ هذا الإنجاز غير المحدد المقصود به التمديد للولاية تلبية للمؤيدين والمناصرين والعونيين والحلفاء في الثنائي المسلّح ؟ .
وتقول المصادر أن عبارة الإنجازات هي من “زلاّت” اللسان ليس إلآ بإعتبار أنّ هذا الوهم من المستحيل تحقيقه، وهذه المرّة لن يكون الخروج من القصر ب” روب النوم” كما في السابق بل ربما يلزمه شورت مزوّد بمانع للنش! .. وطبعا لسنا في أجواء الإنجازات العجائبية وقد راعنا منها الكثير وعانينا منها ولا ندري إذا هذه المرة يقصد بها ما بعد بعد قعر جهنّم ؟! .
وفي سياق آخر لا بد من توجيه أسمى آيات الشكر والتأييد والدعم لذلك التحرّك النبيل والمشرّف من قبل أهالي وأصدقاء ضحايا إنفجار 4 آب 2020 في مرفأ بيروت وقد مضى عليه سنتان دون أن يصدر أي بيانات أو توضيحات أو إدّعاء من قبل قاضي التحقيق المكلّف بالقضية ومن دون أن يُصدر أية قرارات توقيف بحق بعض اعضاء “المنظومة” حتى للإستماع إليهم في حين تمّ إعادة إنتخاب بعضهم نوابا ليتمتعوا بالحصانة التي لا يمكنها مقاومة التوقيفات القضائية.
وقد صدر عن أهالي الضحايا والمتضررين بيان أشار إلى إستمهال القضاء مدة 90 يوما قبل أن يتم تحويل هذه الدعاوى إلى القضاء الدولي لإصدار قرارات من قبل محكمة العدل الدولية بهذا الخصوص سيما وأنّ العديد من السفراء والهيئات الديبلوماسية الأجنبية قد إلتقوا بإهالي الضحايا والمتضررين وأكدوا الوقوف إلى جانبهم في هذه المسألة ودعمها في محافلهم الدولية .
من جهة ثانية أعلنت المصارف اللبنانية عن إضراب عام تنفذه لثلاثة أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء بقرار إتخذته جمعية المصارف تضامنا مع بنك “الإعتماد المصرفي” من قبل المدّعية عليه ندى أبو سليمان التي تحمل أسهما تفضيلية وإتهمت البنك المذكور بأنه قد حقّق أرباحا من جراء التعامل بهذه الأسهم ولم يوزع قيمتها على أصحاب العلاقة المودعين.
ومن المتوقع أن تتوقف المصارف عن القيام بأعمالها المصرفية المعتادة وأن تتوقف عمليات فتح الإعتمادات للتجار وتتوقف منصة صيرفة وستفرغ بالتالي الصرّافات الآلية من النقود، هذا إن لم تكن مقفلة أصلا ، وكان من الأصح والمنتظر أن يُضرب الناس والمودعون ضد المصارف ومطالبة الدولة بإستيفاء حقوقهم من هذه الطغمة المالية المتحكّمة برقاب العباد والبلاد !!
وقد فات جمعية المصارف، التي تجاهر بوقوفها إلى جانب المودعين خلافا لما هو حاصل على أرض الواقع أن تُعلن عن مصير الأموال العائدة لمئات بل آلاف المودعين اللبنانيين التي صادرتها هذه البنوك مع إندلاع الأحداث قبل حوالي السنتين، ومعظمها هي رواتب ومعاشات تقاعدية وتعويضات نهاية الخدمة عائدة إلى موظفين قد أنهوا خدمتهم في وزارات الدولة ومؤسساتها وظنّوا أنهم سيقبضون هذه العوائد لتكون زخيرتهم المالية في أيام الشدّة وفي أواخر حياتهم، فإذا بهذه المصارف تصادرها وتعمل على دفع جزء منها بالقطّارة ! فمن نصّب هذه المصارف متسلطين على أموال عامة عائدة إلى موظفين أنهوا خدمتهم بإنتظار عيش كريم، فإذا بهذه القرارات الهمايونية البنكية تصادر حتى الفرحة في عيون هؤلاء ! هل يا تُرى سيعمد اصحاب البنوك إلى تصحيح الهدف من إضرابهم اللامنشود؟ !.
وأصدر رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال لبنان بيانا أعلن فيه أن موقف جمعية المصارف يشكل تمرّدا على القرارات القضائية كافة وعلى الإستمرار في نهج التفلت من القانون ومخالفته وعلى التسلّط على أموال المودعين والإساءة إلى مصالح اللبنانيين وبقرارها إعلان الإضراب يومي الإثنين والثلاثاء تؤكد أنها أصبحت” ميليشيا مصرفية” تفرض سلطتها على البلد وأنها فوق القوانين وتجعل الإقتصاد اللبناني برمته رهينة لديها.
على صعيد آخر إحتدمت معركة الترشيحات إلى إنتخابات رئاسة الجمهورية التي من المقرر أن تجري دورتها الأولى في الأول من شهر أيلول القادم، وسُجّل في هذا الإطار تراشق كلامي غير مسبوق بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل وبين المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، والغريب أنّ باسيل قد بادر إلى وصف أعمال ميقاتي لاسيما في الخارج قبل إندلاع الأحداث اللبنانية خلال حرب السنتين ومن ثم عودته إلى لبنان بأنها كانت مبنية على الفساد، وأتى على ذكر علاقاته السابقة مع النظام السوري.
ليشن المكتب الإعلامي لميقاتي حملة على باسيل معددا نواحي فساده وصفقاته والتي يلاحقه القضاء الأميركي ببعض منها، متسائلا هل نسي باسيل ما جناه من الفساد والصفقات في المشاريع الكهربائية وفي السدود الوهمية وفي مشاريع مناطقية إضافة إلى دوره في التوظيفات والتعيينات في المؤسسات الرسمية والوزارات من خارج الدوائر المعنية بالتعيينات.
وتساءلت أوساط طرابلسية هل نسي باسيل تلك المواقف المخزية له وتلك الحملات التي إنتهجها للنيل من مدينة طرابلس ومن الطرابلسيين وسكان المدينة من حلال محاولاته التي بذلها لعرقلة ومنع إنشاء “شركة نور الفيحاء” التي أسسها ميقاتي لإنارة الفيحاء على غزار ما جرى في زحلة وذلك في أعقاب القرارات الهمايونية والتدميرية التي ألحقها باسيل عندما كان وزيرا للطاقة والتي أسفرت عن تراجع خطير في الطاقة الكهربائية في عموم لبنان بحجة( إما شركة للكهرباء في البترون وإما لا كهرباء في لبنان) وهل نسي باسيل نفسه ما إفتعله من مشاكل وإشكالات لعرقلة إنشاء المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس في محاولة منه لنقل مقرها إلى منطقته البترون ؟ وهل يمكن نسيان ما أهدره من مال وجهد لإنشاء سواء سد بسري في الجنوب وسد المسيلحة في البترون اللذين أتحفنا هو وتياره بهاتين الأعجوبتين اللتين كلّفتا الخزينة اللبنانية عشرات الملايين من الدولارات وإذ بها (فالصو) لا ماء فيهما و(إشربي ياحنة من البحر).
هذا ورأت المصادر أن من شأن هذا الإحتدام التأثير على طبيعة الإنتخابات الرئاسية وإصطفاف الناخبين من أعضاء الكتل النيابية.
وقالت المصادر: من المتوقع أن يقوم أمين عام حزب الله بالتدخل الشخصي لدى كل من المرشحين باسيل وسليمان فرنجية ،ولا تستبعد هذه المصادر أن يتصاعد “الدخان الأبيض” من الضاحية الجنوبية لصالح فرنجية كمرشح لقوى 8 آذار سيما وأنه يتمتع بتأييد رئيس المجلس النيابي رئيس حركة أمل نبيه بري الذي يمكن أن يقوم بإتصالات في هذا المجال مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط .
في غضون ذلك أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع عن إمكانية تجاوبه مع قرار الجبهة السيادية التي أعلنت من معراب ترشيحها للدكتور جعجع لإنتخابات رئاسة الجمهورية، حيث من المتوقع في هذا المجال أن يتم معاودة الإتصالات على خط معراب – المختارة والتي شابها بعض التوتر في الأيام القليلة الماضية ولا شك أنّ إتصالات معراب ستشمل أيضا في الساعات القادمة العديد من القوى والكتل النيابية وخاصة السيادية وكذلك النواب المنفردين أو الذين شكّلوا تكتلات في المدة الأخيرة من نواب التغيير والمستقلين ومؤيدي 14 آذار إضافة إلى الكتل النيابية في المناطق.