
كتب عامر زين الدين في “نداء الوطن”:
ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجّار من دار طائفة الموحدين الدروز أخيراً حول “أهمية وعنوان المبادرة التي أطلقها شيخ العقل للطائفة الدكتور سامي أبي المنى إثر اللقاء به، “الشراكة الروحية الوطنية – مظلة الإصلاح والإنقاذ” من أن “هكذا عنوان يختصر قوة لبنان، عبر وحدة وشراكة بين أبنائه، يؤكد عليها سماحته مع المعنيين بدءاً بفخامة رئيس الجمهورية (العماد جوزاف عون) ودولتي الرئيس (نبيه بري ونواف سلام) والرؤساء الروحيين في البلد”، ما يؤكد على احتضان الدولة له.
للمرة الأولى، يجري طرح عنوان وطني – روحي مشترك، يقوم على مبدأ تعزيز مفهوم الدولة ويخلق مساحة مشتركة، يتلاقى حولها أركان العهد الجديد مع المرجعيات الروحية، لتشكيل مظلة جامعة تحتضن مسيرة الإصلاح والإنقاذ، وتشكّل ضمانة للمستقبل على طريق التلاقي الدائم المنشود. ويأتي هذا الطرح ليملأ فراغاً على الساحة، إثر التصدّعات السياسية والأمنية التي حكمتها على مختلف المستويات، وتسببت تالياً بتراجع الدور المؤسساتي للدولة، الذي يجري التعويل على وضعه على السكة الصحيحة للنهوض، والانطلاق مجدداً على طريق تحقيق مفهوم الدولة.
وعليه، جاء مصطلح “مظلة الإصلاح والإنقاذ”، مكمّلاً لفكرة المشروع، ليشكل بجزئيه مدماكاً أولياً لالتقاء الأطراف الوطنية والروحية والسياسية على مساحة مشتركة، تتيح الولوج في حوار داخلي، وهو ما يعوّل عليه القيّمون على المبادرة، في ظل الحاجة الماسّة لطاولة نقاش، حيال المسائل الشائكة التي تعيق توافق اللبنانيين وتثير مقاربتها الانقسامات، ولذا يتجّنب مسؤولون الخوض بها علانية. بينما يستفيد أصحاب طرح الشراكة من الآمال المعقودة على العهد الجديد، لضخ الحياة في شرايين عناصر قوة لبنان وأسس نهوض الدولة و”خميرة” مميزات الوطن، في حضارته وتنوعه ورسالته.
شيخ العقل الدكتور سامي أبي المنى الذي جال أخيراً على الرؤساء الثلاثة، عون وبري وسلام، حاملاً مشروعاً نال على أساسه دعم المراجع الروحية الإسلامية والمسيحية، لم يجد في الوقت الراهن أفضل من طرح “الشراكة الروحية الوطنية – مظلة للإصلاح والإنقاذ”، يؤسس لشراكة حقيقية، تجمع من حولها العائلات الروحية والقوى الوطنية وأركان الدولة تحت سقف الوطن الواحد والموحد، كما يقول لـ “نداء الوطن” في هذا السياق.
يضيف: “لقد أثبت خطاب العهد والخطوات الأولى للدولة بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، مما رفع منسوب الأمل والثقة لدى اللبنانيين ولدى أشقّائهم العرب والمجتمع الدولي، وكأن لبنان عائد في القريب العاجل إلى معناه الحضاري ودوره الرسالي وحضوره المؤثر وواقعه الجميل، إذا ما تشارك الجميع في فهم هذا المعنى ولعب هذا الدور وتأكيد هذا الحضور وصُنع هذا الواقع”.
تابع: “الشراكة الروحية الوطنية، عنوان أطلقناه من دار طائفة الموحدين الدروز ومن دار الفتوى ومن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وتوافقنا عليه مع بكركي من قبل ومن بعد، وأكدنا عليه من القصر الجمهوري ومقر الرئاسة الثانية ورئاسة الحكومة، إننا نراه لبناء الدولة واستعادة الأمل، والشعار الأرقى الذي يجسّد معنى وجود لبنان، كوطن التنوع والشراكة والوحدة، وطن المؤمنين بالله وبالعيش الواحد المشترك”.
واستطرد ردّاً على سؤال عن مدى التفاؤل بتحقيق النتائج المتوخاة، قال: “بادئ ذي بدء أردنا أن نفتح نقاشاً داخلياً روحياً – وطنياً، يواكب إيجاباً الآمال المعقودة على انطلاقة جديدة للوطن، ويجب أن تكون المرجعيات الروحية، التي لطالما رفعت منسوب صوتها وخطاباتها في المرحلة الماضية، مناشدة الجميع تطبيق الدستور واحترام الاستحقاقات الدستورية، لناحية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وسوى ذلك من المسائل الجوهرية، التي نرى في تحقيقها استعادة لدور الدولة ومؤسساتها، وبنود القمة الروحية التي انعقدت في بكركي لا زالت حاضرة. ها نحن اليوم نطلق مجدداً ما نراه يؤسس لمرحلة جديدة، تتلاقى مع طموحات اللبنانيين”.
ومضى الشيخ أبي المنى يقول: “لقد عقدنا العزم، وبعد الندوة الثقافية الوطنية التي أقيمت على مسرح جمعية النهضة الاجتماعية والخيرية في شانيه، بدعوة من الملتقى الثقافي الاجتماعي لجرد عاليه والجوار، وتشارك معنا في الرعاية معالي وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة، سنتابع الطريق بسلسلة من الندوات، لنشر تلك الثقافة وجمع المداخلات القيّمة، على أمل أن تختتم بمؤتمر وطني روحي يرعاه فخامة رئيس الجمهورية، وتطرح فيه خلاصات الأفكار والمواقف، استناداً إلى التنوع الثقافي والديني القائم في لبنان، فيمسي مغذياً للشراكة الروحية الوطنية، التي تصبح بدورها سبيلاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة التي نسعى إليها، من خلال بناء جسور الحوار الدائم”.
وختم شيخ العقل: “من جهتنا كمسؤولين روحيين أكدنا ونؤكد مجدداً أننا مستمرون في تلاقينا، لتعزيز الثقة في مجتمعنا وإنعاش الأمل في قلوب أبنائنا، بالروح والكلمة والعمل الطيب، وتنتظرنا على هذا المستوى العديد من المبادرات الهادفة، للخروج من الأزمات التي أدت إلى تراجع لبنان عن الدور الطليعي الذي كان يضطلع به”.