جاء في “المركزية”:
ما حصل مع النائب البطريركي العام على أبرشية حيفا والأراضي المقدسة والمملكة الهاشمية المطران موسى الحاج من قبل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على معبر الناقورة سابقة وعمل غير مألوف، إذ لم يسبق أن مثُلَ اي اسقف امام المحاكم المدنية والعسكرية في لبنان سابقا ولم يتم توقيف اسقف كما حصل مع المطران موسى الحاج مهما حاول بعض الملتفين على القانون تصوير ما حصل بأنه يستند إلى مواد قانونية، ونقطة على السطر!
أبعد من السطور المتعرجة التي يستند إليها هؤلاء “البعض”، هي ليست المرة الأولى التي يدخل فيها المطران الحاج وقبله النائب البطريركي على الأراضي المقدسة وحيفا المطران بولس الصياح إلى لبنان عبر معبر الناقورة ويحمل معه أمانات، والموضوع ليس موضوع تطبيع كما ذهب بعض المتلبسين صفة “المحللين” الإعلاميين تصويره. فلا الكنيسة ولا المطران الحاج يطبّعان. وللتذكير، فإن الكرسي البطريركي صنع الإستقلال الأول والثاني ولا يزايدن أحد عليه في الإنتماء الوطني. وأيضا نقطة على السطر.
أما وقد أرادوها حربا خلف ستارة القانون، فالسؤال يطرح: تحت أي قانون يحاكم المطران؟ هل يكون وفق القانون المدني أم الكنسي ومن يملك سلطة محاكمته؟
وزير العدل السابق ابراهيم نجار يوضح عبر “المركزية” أنه اطلع على القرار الصادر عن القاضي فادي صوان منذ حوالى الشهرين والذي بموجبه يمنع المحاكمة عن المطران موسى الحاج استنادا الى القانون 1060 الصادر عن مجموعة الكنائس الشرقية عام 1990 والذي وقع عليه لبنان عام 1991 وينص على أنه يعود للحبر الروماني دون سواه الحق بمحاكمة الأساقفة في الدعاوى الجزائية وبالتالي لا يحق لأي سلطة مدنية كانت أو عسكرية انت تحاكم اي مطران في قضايا جزائية”.
فهل يعقل ألا يكون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالانابة القاضي فادي عقيقي قد اطلع على القرار المعلّل؟ “من المستغرب ألا يكون القاضي عقيقي قد اطلع على هذا الإجتهاد، وقد يكون أساء فهم القانون الكنسي وهو يطبق قانون مقاطعة إسرائيل من دون أن يأخذ في الإعتبار الأعراف الدولية والحصانة الدولية والقانون الفاتيكاني الصادر عام 1990، وإلا كان عليه أن يقوم أسوة بما قام به القاضي صوان ويرده نظرا إلى عدم الصلاحية”.
مما لا شك فيه أن ما ورد في قرار القاضي صوان يستند إلى اسباب قانونية جدية يقول نجار: “لكن أضيف أن تعاطي الدولة اللبنانية مع المرجعيات الروحية قائم منذ زمن بعيد على الترخيص للمراجع الروحية بزيارة رعاياها في الأراضي المحتلة بدليل أن مجموعة كبيرة من الرؤساء والمسؤولين الروحيين غير الموارنة يستطيعون زيارة الأراضي الفلسطينية ذهاباً وإياباً من دون مساءلة، وبعضهم يلج الأراضي المحتلة عن طريق المملكة الأردنية الهاشمية وجسر اللنبي .والمثل الساطع هو قيام غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بزيارة الأراضي الفلسطينية عام 2014 بالتزامن مع زيارة البابا فرنسيس إليها، مما يؤكد أن هناك أعرافاً ديبلوماسية ثابتة على مر العقود تمنح المرجعيات الروحية ما يمكن تسميته بالحصانة الدبلوماسية وأتمنى على البطريركية المارونية أن توضح مرة نهائية ثبات واستمرار التقيد بهذه الحصانة”.
في الكلام عن الحصانة الدبلوماسية، لا بد من التأكيد على أنها تشمل الحقيبة الدبلوماسية. وفي السياق، يقول نجار: “الحصانة الدبلوماسية تفترض عدم المس بالحقيبة الدبلوماسية والإطلاع على محتوياتها ولا حتى حجز ما تحويه”، ويسأل مستغربا: “لم أفهم بعد لماذا تم حجز هاتف المطران الحاج المحمول ولماذا تم تفتيشه؟ حتى لو قيل أن الأموال النقدية هي مشبوهة المصدر، أما ألأدوية فلم أفهم شخصياً ما إذا كانت تحمل عبارات عبرية وتفيد عن تصنيعها في إسرائيل”.
وتعقيبا على ما تقدم، رجح بأن من “اتخذ القرار بحجز المطران والتحقيق معه على مدى 12 ساعة ونصف من أجل وضع محضر مفصّل لمحتويات حقيبته الدبلوماسية لم يستوعب التوصيف القانوني لصلاحيات المراجع الدينية”. ولفت نجار إلى ان استقبال رئيس الجمهورية ميشال عون للمطران الحاج تأكيد رسمي لصحة ما قام به الأخير وإن صوّره البعض كمحاولة لامتصاص النقمة”.
وبالمباشر، يقول نجار: “عتبي الكبير على الدولة التي أقرت عام 1991 مجموعة القوانين الفاتيكانية التي ترعى الطوائف الكاثوليكية في لبنان على طريقة “الدوكمة” فالقانون يقع في 400 صفحة والواضح أن السلطات التشريعية اللبنانية لم تدقق بها. وكرجل قانون أجد في هذا القانون مواد كثيرة لا تتفق مع القوانين اللبنانية”. ويستطرد: “إلا أن هذا العتب نابع من الحرص على سيادة الدولة اللبنانية”.
حصل ما حصل مع المطران الحاج والإرتدادات نرجو ألا تكون على الطريقة اللبنانية فتنتهي “بتبويس اللحي والمسح بالذقون”، وإن كان كلام الراعي من دير مار سركيس وباخوس الذي أكد فيه “أن البطريركية لن تستبدل قلب البشر بقلب من حجر” بمعنى أنها لن تتوقف عن حمل الأمانات من أراضي فلسطين المحتلة إلى العائلات المحتاجة بواسطة النائب البطريركي.
لكن في القانون كلام آخر، “يفترض ان يطعن كل ذي مصلحة وصفة إضافة إلى المطران الحاج بقرار القاضي عقيقي لاسترداد الأغراض المحجوزة وتتحمل المحكمة العسكرية مسؤولياتها فهناك حصانة دبلوماسية وأعراف. وإما أن يعود عقيقي عن قرار حجز الأغراض أو يطعن به. وإما أن نكون في دولة قانون أو دولة تبويس لحي… ما عدا ذلك كلام في السياسة”، يختم نجار.