كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
بما يؤكد وجود خطوات عملية متعلقة بترسيم الحدود الجنوبية وحل قضية الخيمة التي أقيمت في تلك المنطقة، لفت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى السعي لحل القضية ديبلوماسياً، وأعلن أنّ لبنان أبلغ الأمم المتحدة استعداده لترسيم الحدود الجنوبية على امتداد الخط الأرزق.
أسدل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الستار على التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة فترة إضافية، وتصدى لبيان نواب الحاكم الأربعة بتقديم استقالاتهم تهرباً من المسؤولية، وبادرهم إلى القول لنحتكم إلى القانون الذي يقول إنّه على النائب الأول للحاكم تحمّل مسؤولياته بالإنابة، وإن استقال فبتصريف الأعمال. عند هذا الحد انتهى موضوع الحاكم، وإن كان من المرجح أن يخلّف عتباً أو زعلاً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية التي هي أقرب لتعيين البديل من رياض سلامة. كثيرة هي مسؤوليات ميقاتي. ما يزيد على ثمانية أشهر من تصريف الأعمال مرشحة للزيادة طالما أنّ لا رئيس للجمهورية ولا حكومة جديدة. لكنه يتضرع إلى الله أن يبتّ الملف عما قريب ويتم تعيين حكومة جديدة. هو محكوم بالأمل وماضٍ بتحمل مسؤولياته.
لا لتوسيع الشرخ
في قرارة نفسه يتمنى لو كان بالإمكان تعيين حاكم للمصرف المركزي خلفاً لرياض سلامة، لكنه لا يريد الإنخراط «في مزيد من القرارات التي توسّع الشرخ الداخلي»،
ويقول في حديث لـ»نداء الوطن» إنّ الخطوة غير ممكنة. كان الإتجاه نحو تسلم نواب الحاكم مسؤولياتهم وما على الحاكم الأول سوى تطبيق القانون. ويضيف «في حال تقدم هؤلاء باستقالاتهم سيعرض الموضوع على مجلس الوزارء وسيطلب منهم تحمل مسؤولياتهم، وفقاً للقانون إلى أن يتم انتخاب حاكم جديد». ويؤكد أنّ همه الأساسي «المحافظة على المؤسسات ولو من خلال تصريف الأعمال وتسيير أحوال الناس».
يسرد واقعة مصرف لبنان بالقول «تنتهي ولاية الحاكم المركزي أواخر الشهر الجاري. ينص قانون النقد والتسليف على أن ينوب عنه النائب الأول وفي حال تقدم يإستقالته سيطلب منه القيام بواجبه في حدود تصريف الأعمال، وهذا واجب عليه».
وعن الجهة التي ستطلب منه ذلك، يقول «إما وزير المالية أو مجلس الوزارء. وفي حال تقدم نائب الحاكم باستقالته إما ترفض أو يطلب منه تصريف الأعمال إلى حين تعيين نواب حاكم جدد. هذا ما سيحصل ولا أرى أي مشكلة تستوجب إجراء مغايراً».
ويرفض التخمين في الأسباب التي دفعت نواب الحاكم إلى التهديد بالإستقالة بعدما كان الإتفاق السياسي قضى بتسلمهم المهمات، ويقول «لا علم لي بالتطورات التي حصلت وخلفيات قرارهم، وما يهمني انتظام عمل المؤسسات»، نافياً أن يكون راجع رئيس مجلس النواب نبيه بري بهذا الشأن «لا لم أراجعه، وما يهمني، أقول وأكرر انتظام عمل المؤسسات وعلى نواب الحاكم مسؤولية دستورية قانونية ادارية بمتابعة أعمال الحاكم من خلال تصريف الأعمال». وعن الإختلاف في الرأي بينه وبين الرئيس نبيه بري الميال إلى تعيين حاكم جديد قال ميقاتي «كان السعي لتعيين الحاكم خياراً من خياراتنا، ولكن أي خيار يمكن أن يتسبب بشرخ إضافي في الدولة وعمل الحكومة لن أوافق عليه أو أقوم به بتاتاً. صحيح إنّي أوقّع مراسيم وأسيّر الأمور، ولكن الهدف منها ليس تحدياً لأحد، بل تسيير شؤون الدولة وخدمة المواطن. أما اذا فسّر الفريق المسيحي هذا الواقع على أنه تحدٍ له فلست شخصياً في معرض التحدي. كنا نشتهي الأفضل ولكن بالحد الأدنى نتابع عملنا».
وعما اذا كان المجلس المركزي سيستمر في العمل على منصة صيرفة والتعاميم المعمول بها اليوم أجاب ميقاتي «هذا شأنهم. اجتمعت بهم منذ شهر تقريباً، وقلت لهم إنّ العد العكسي بدأ والحاكم لن يمدّد له، ولا حاكم جديد، وستتولون هذه المهمة، ولم أدخل في التفاصيل، ولكن من ضمن الإجراءات الجاري العمل عليها هو توحيد سعر الصرف». وعمن يضمن عدم ارتفاع سعر الصرف متى تنتهي ولاية الحاكم، يجيب «هذه سوق ولا ضمانات. انا أعمل وتمنياتي ورجائي أن يتحسن الوضع».
التعيينات الديبلوماسية
من كلامه يبدو رئيس حكومة تصريف الأعمال وكأنه تجاوز قطوع الحاكمية لينتقل إلى ملفات أخرى ليست أقل أهمية من بينها التشكيلات الديبلوماسية وتعيينات المجلس العسكري فيكشف أنّ العمل جارٍ لبت «تعيينات الفئة الثالثة من التشكيلات الديبلوماسية، وهي قيد الإنجاز بالتعاون مع وزير الخارجية، ولكن من غير الوارد بت تعيينات الفئة الأولى».
أما في ما يتعلق بتعيينات المجلس العسكري، فيقول «كما لحاكم مصرف لبنان نائب ينوب عنه، كذلك الأمر في قيادة الجيش هناك رئيس الأركان يقوم بمهماته، لدينا متسع من الوقت لبت تعيينه، ومن اليوم ولغاية انتهاء ولاية العماد جوزاف عون في العاشر من كانون الثاني 2024 لربما تم انتخاب رئيس للجمهورية. لنصبر ونرَ، ويمكن بت الموضوع قبيل خمسة عشر يوماً من انتهاء الولاية في حال استمر الفراغ».
لا يمكن لرئيس حكومة لبنان «إلا أن يراهن على انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، واذا كان ألمح أخيراً الى أنّ لا مؤشرات خارجية على اتمام الإستحقاق فرهانه «على المؤشرات الداخلية وعلى وعي اللبنانيين»، محذراً «إذا أكملنا على ما نحن عليه فالوضع سيسوء أكثر، وحينها علامَ سيُنتخب رئيس؟ وهل يكون رئيس جمهورية على كوخ؟».
العلاقة مع بكركي
لا يتردد ميقاتي بالقول إنّه لا تواصل حالياً بين رئاسة الحكومة والبطريركية المارونية، ولكن لا قطيعة، ولا يخفي عتباً على تحميل الحكومة مسؤوليات لا تدخل كلها في نطاق اختصاصها، ويقول «سمعت ثلاث عظات لصاحب الغبطة، وأكنّ له كل الإحترام، وحقيقة ليشرح لي أحدهم ما قصده وما الذي يريده؟. هو قال إنه لا تعيينات في ظل حكومة تصريف أعمال، ثم طالب بضرورة تعيين رئيس أركان في الجيش اللبناني. فلنتفق على معيار معيّن لممارسته». وكرر القول إنّ «نجيب ميقاتي ليس في وارد تحدي أحد، وأكبر برهان على ذلك إني أراجع أي قرار أشعر انه سيتسبب بشرخ داخلي، لأنني لا أريد أن أكون عنصراً مساعداً على حدوث شروخ ومشكلات داخلية إضافية. فلننتبه الى أوضاع مؤسساتنا ولننتخب رئيساً للجمهورية ولتشكّل حكومة تمنح اللبنانيين الأمل، خاصة أنّ الأمور الإقتصادية آخذة في التحسن والقطاع الخاص استعاد دوره ولأول مرة نشهد نمواً منذ عام 2018 وقد نصل إلى نسبة نمو تقارب 4%. ولكن أياً تكن الخطوات فالقطاع الإقتصادي لن يتعافى ما لم يتعافَ القطاع المصرفي، ونحن أرسلنا مشاريع قوانين إلى المجلس النيابي ومنها قانون التعافي المصرفي ونتمنى أن يقر قريباً. ولا لرمي المسؤوليات، لا هي مسؤولية مصرف لبنان ولا مسؤولية المودع ولا المصارف، وانما يجب على الدولة أن تؤدي دوراً في حل هذا الموضوع ولديها الأدوات اللازمة لفرض الحل على الجميع».
وضع الفراغ الرئاسي رئيس الحكومة في موقع المتهم بإدارة البلاد بالتعاون والإتفاق مع رئيس مجلس النواب، بمعنى آخر، وكأنّ هناك ادارة سنية شيعية بمعزل عن المسيحيين. وهي تهمة ينفيها رئيس الحكومة، متسائلاً: «وهل ممنوع أن تتفق شخصيتان سياسيتان تتعاطيان الشأن العام في لبنان؟ للرئيس بري شخصيته وقناعاته، ولي شخصيتي وقناعاتي، ولكن المهم ألا تتعارض ومصلحة لبنان». وتابع «هو رئيس السلطة التشريعية فكيف المطلوب أن أتعامل معه؟ سمعت أحدهم يقول لو طلب مني بري إزاحة الشمس لفعلت. اذا كانت لدي القدرة لأن أزيح الشمس، فأشكر الله على نعمته، واذا وجدت أنّ المصلحة اللبنانية تقتضي إزاحة الشمس لفعلت، وفقاً لقناعاتي، ولما ترددت».
اليونيفيل
وحول موضوع التجديد لقوات الطوارئ العاملة في جنوب لبنان، قال ميقاتي «فوجئنا في المرة الماضية بتعديل قرار التمديد بموجب القرار الذي اتخذه مجلس الأمن، ورغم علمنا أنّ التمديد هذا العام سيكون تلقائياً وطبيعياً ارتأينا وتجنباً لأي مفاجأة وللحض على مساعدة الجيش اللبناني طلبنا من وزير الخارجية الذهاب إلى نيويورك مع وفد من الجيش لمواكبة صدور القرار لما فيه مصلحة لبنان».
جلسة الحكومة
يرفض ميقاتي تحديد موعد لجلسة قريبة لحكومته «استفسرت الأمين العام عن جدول الأعمال فلم أجد ما يستوجب عقد جلسة قريبة».
ولكن، هناك مأخذ عليكم لكثرة القرارات التي أصدرتها الحكومة، وهي في فترة تصريف الأعمال، يردّ «أصدرنا ما يزيد على 600 قرار ومن لديه اعتراض على عملنا فليعترض».
إقرار الموازنة
يؤكد أنّ العمل جارٍ على وضع الخطوات النهائية على الموازنة في وزارة المالية، ويقول «كان يفترض انتهاء العمل عليها الأربعاء الماضي وإرسالها إلى الأمانة العامة لتوزيعها على الوزراء، ولكني وضعت بعض الملاحظات عليها ما استوجب التأخير، ولكن وزارة المالية وعدت أنّ العمل عليها سينتهي في غضون أيام قليلة لتوزيعها على الوزراء ومن ثم نعقد جلسات متتالية للحكومة لإقرارها». وعما تضمنته من جديد، يقول «أهم ما فيها أننا أنجزنا موازنتي 2023 و2024 معاً. وقبل آخر ايلول سنرسل موازنة 2024، ومثلما طلب النواب الا تكون هناك موازنة داخل موازنة، فنحن سنرسل مرسوم احالة الموازنة مع مواد قانونية تتعلق بموارد الموازنة، ومعها أيضاً سنرسل مشروع الإصلاحات المطلوبة بمشروع قانون موازٍ لها، وعلى مجلس الوزراء أن يمرّر الموازنة، ومن ثم مشروع الإصلاحات المطلوبة لئلا نكون موضع مساءلة من النواب».
تقرير التدقيق الجنائي
وحول حجب تقرير التدقيق الجنائي وعدم الإفصاح عن مضمونه، أشار ميقاتي إلى «أنّ التقرير بناء على المكتوب على صفحته الأولى، هو بمثابة صيغة أولية للنقاش، بدأ النقاش في شأنه ولدينا فترة أسبوعين، وقد أجاب مصرف لبنان عن كل الأسئلة التي تضمنها التقرير، وعندما تظهر الصيغة النهائية سنطلب نشره. وحسب ما علمت فإنّ وزير المالية السابق كان وقع مع شركة ألفاريز على سرية التقرير وعدم نشره إلا بموافقة الطرفين ونحن بصدد نشره بعد الإتفاق مع الشركة المعنية فور توافر النسخة النهائية». وعما اذا كان يتضمن معلومات تشير إلى وقائع مالية معينة، قال «لم أجد فيه ما هو غير معلوم ومعروف. وحسب ما شرح وزير المالية فلا شيء غير المتعارف عليه مع شرح لما حصل وأسبابه وظروفه وتداعيات الهندسات المالية وغيرها من الخطوات» .
الخيم
وعما أفضت اليه المباحثات في ما يتصل بحلّ قضية الخيم على الحدود، قال ميقاتي «نسعى جاهدين لحل قضية الخيم ديبلوماسياً، ونعتبر أنّ بلدة الغجر لبنانية باعتراف الأمم المتحدة، وقد أبلغناها استعدادنا للقيام بالترسيم الكامل لكل حدودنا الجنوبية». ميقاتي الذي رفض الإفصاح عن مزيد من التفاصيل عما يجري في هذا الخصوص يمكن الإستنتاج من كلامه أنّ موضوع ترسيم الحدود البرية قد وضع على نار حامية في مسعى لتخفيف التوترات على الحدود ومنع الإحتكاك بين اسرائيل و»حزب الله».
يبقى أنّ ميقاتي الرافض التنبؤ بتوقعاته للفترة الإضافية التي قد تستغرقها حكومته في تصريف الأعمال «والتي هي المؤسسة الوحيدة مع مؤسسة الجيش التي تقوم بعملها من دون الإنتقاص من دور باقي المؤسسات الدستورية»، يوحي مضمون كلامه أنّ اقامته ستكون طويلة طالما أنّ حكومته تعمل على موازنة عام 2024، وهو تحدث عن اجراءات معينة في نطاق تسيير شؤون المؤسسات، خاصة وأنه لم يعد يراهن على حلول قريبة بدليل أنّ موقفه من الرئاسة وقرب الفرج في شأنها لم يتعدَ حدود التمنيات.